نظرة على التاريخ: كيف تصبح أسعار الفائدة بعد انحسار الأوبئة؟
أخبار سيئة للأثرياء.. من المرجح أن تشهد فترة ما بعد الجائحة أسعار فائدة منخفضة وأرباحا متراجعة، مما يترك أصحاب رؤوس الأموال بعوائد أقل على استثماراتهم، حسبما كتب جون ديزارد لصحيفة فايننشال تايمز.
وتشهد فترات ما بعد الجوائح تاريخيا انخفاضا في أسعار الفائدة، وفقا لورقة بحثية نشرها مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي تناولت البيانات الاقتصادية بعد انحسار الجوائح منذ القرن الـ 14. وقالت الورقة إنه "في أعقاب الجوائح، انخفضت أسعار الفائدة الطبيعية لعقود لاحقة، لتصل إلى الحضيض لمدة تصل إلى نحو 20 عاما"، مع انخفاض المعدل الطبيعي بمقدار 1.5 نقطة مئوية عما كان متوقعا لو لم تحدث الجائحة. وتضيف "ارتبطت الجوائح التاريخية العظمى في الألفية الماضية عادة بعوائد منخفضة لاحقا على الأصول".
ويتباين ذلك مع ما نراه في فترات ما بعد الحرب: وخلصت الدراسة إلى أن الحروب الكبرى عادة ما تسبب ارتفاعا حادا في أسعار الفائدة على مدى 30 إلى 40 عاما التالية. فمع تدمير الحروب للممتلكات وتشتيت الثروة، قد تؤدي الحاجة إلى اقتراض رأس المال لإعادة الإعمار إلى رفع أسعار الفائدة. ومن ناحية أخرى، تميل الأمراض إلى ترك الممتلكات ورأس المال كما هي، بينما تؤدي إلى انخفاض في عدد السكان، مما يؤدي إلى ارتفاع الأجور مقارنة بأسعار الفائدة.
تعتبر العلاقة بين التركيبة العمرية والتضخم هي المؤشر الرئيسي: أظهرت البيانات أن التضخم يزيد بين في المجتمعات التي لديها عددا أكبر من المعالين مثل الأطفال وكبار السن، وينخفض في المجتمعات التي لديها عددا أكبر من العاملين. وقد يعود ذلك لعدم قدرة المجتمعات السابقة على الادخار بسبب التزامهم بدعم عائلاتهم ماليا، وبالتالي زيادة الإنفاق وزيادة التضخم، مما أدى إلى رد فعل عكسي في أسعار الفائدة. وقالت الورقة إن وفيات "كوفيد-19" كانت بشكل بين كبار السن بشكل غير متناسب مقارنة مع الأصغر سنا، مما قد يغير التركيبة السكانية ويترك الشباب، الذين يميلون أكثر إلى الإنفاق وأقل إلى الادخار، مما يؤدي إلى ارتفاع التضخم وخفض أسعار الفائدة الحقيقية.
ماذا يعني ذلك بالنسبة للسياسة النقدية؟ قالت الورقة إنه "إذا تكررت تلك الاتجاهات بشكل مشابه في أعقاب "كوفيد-19"، فإن المسار الاقتصادي العالمي سيكون مختلفا تماما عما كان متوقعا قبل بضعة أشهر فقط". وحذرت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين، قبل أسبوعين من أن أسعار الفائدة قد تضطر إلى الارتفاع لمواجهة إجراءات التحفيز المقترحة من أجل منع "إنهاك" الاقتصاد الأمريكي، بينما أثار أعضاء البرلمان البريطاني القلق بشأن شبح ارتفاع أسعار الفائدة مما يرفع تكلفة اقتراض الحكومة، وبالتالي زعزعة استقرار الاقتصاد البريطاني. وتشير نتائج هذه الورقة البحثية إلى أن أسعار الفائدة قد تستمر في الانخفاض، مما يشير إلى الحاجة إلى تشديد السياسة النقدية من موقفها التيسيري الحالي.