إنتربرايز تحاور رئيسة البنك الأوروبي لإعادة الإعمار أوديل رينو باسو والمديرة التنفيذية لمنطقة جنوب وشرق البحر المتوسط هايكه هارمجارت
ما خطط البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية للاقتصاد الأخضر في مصر؟ استثمر البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية حتى الآن 7.2 مليار يورو في 127 مشروعا في مصر منذ عام 2012، ولديه حاليا خططا في مصر لمشروعات بقيمة مليار يورو للبلاد خلال 2021، سيوجه جانب كبير منها إلى مشروعات صديقة للبيئة. وفي الشهر الماضي، أجرت رئيسة البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، أوديل رينو باسو، زيارة لمصر لمدة يومين للتوقيع على حزمة تمويل بقيمة 114 مليون دولار لمحطة كوم أمبو للطاقة الشمسية ولإدخال مدينة السادس من أكتوبر في برنامج المدن الخضراء. ويستهدف البنك دعم المزيد من المشاريع الخضراء في مصر في السنوات المقبلة، مع اتخاذ هدف "أكثر اخضرارا" في جميع أنحاء العالم.
وحاورت إنتربرايز مؤخرا كل من رينو باسو، والمديرة التنفيذية لمنطقة جنوب وشرق البحر المتوسط، هايكه هارمجارت، للحديث عن قضايا الاقتصاد الأخضر، وبينها خطط البنك المقبلة في مصر والتقدم في التمويلات الخضراء وكيفية إشراك القطاع الخاص في جعل البلاد أكثر "إخضرارا".
تقول رينو باسو إن 40% من التمويلات العالمية للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية هذا العام ستخصص للاقتصاد الأخضر، وهذا يشمل مصر. ويستهدف البنك رفع هذا الهدف إلى 50% بحلول عام 2025، كما يجب أن يذهب 75% من هذا التمويل إلى القطاع الخاص.
وسيحصل الاقتصاد الأخضر على جزء كبير من تمويل البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في مصر هذا العام. وتوضح هارمجارت إن إجمالي استثمارات البنك في مصر يزيد عن 7 مليارات يورو، منها 38% تقريبا موجهة إلى الاقتصاد الأخضر، بما يتماشى مع الأهداف العالمية. واستنادا إلى خطة المشروعات التي تبلغ قيمتها مليار يورو، تقول هارمجارت إن عمليات التمويل الخضراء ستتجاوز بالتأكيد الهدف البالغ 40% نظرا للشراكة المتوقعة مع البنوك في إطار مبادرات التمويل الأخضر ومشاريع النقل الحضري الصديق للبيئة.
وأوضحت رينو باسو أن الأولوية الآن هي العمل مع مصر على استراتيجية خضراء طويلة الأجل. وفي إطار اتفاقية باريس للمناخ، تحتاج مصر إلى تحديد هدف طويل الأجل لانبعاثات الكربون الصفرية، مدعومة باستراتيجية طويلة الأجل. ومن هنا، يجب وضع خطة لكل قطاع مضيفة أن البنك مستعد لمساعدة السلطات المصرية في ذلك. وأوضحت رينو باسو أن التزام الحكومة الكبير بذلك يظهر في عدة أمور بينها اهتمامها باستضافة مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في نوفمبر 2021.
وتتمتع مصر بواحدة من أقل تعريفات التغذية في أفريقيا، مما يجعلها جذابة لمشروعات الطاقة المتجددة بالشراكة بين الأطراف الخاصة وبعضها البعض، والتي تحتل موقع الصدارة في أنشطة البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، بحسب هارمجارت التي تضيف أن هذه فرصة لتكون البلاد رائدة في هذا القطاع. وعمل البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية سابقا مع الحكومة في مجمع بنبان للطاقة الشمسية، وشارك مؤخرا في استثمار 114 مليون دولار في محطة كوم أمبو للطاقة الشمسية الخاصة.
ولكن يجب تجهيز شبكة الكهرباء لتواكب تدفقات الطاقة المتجددة الخاصة إلى القطاع الخاص، بحسب هارمجارت. ويحتاج التوليد اللا مركزي للطاقة المتجددة إلى شبكة مجهزة لاستيعابها. ويعمل البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية حاليا مع الشركة المصرية لنقل الكهرباء للمساعدة في تطوير الشبكة القومية. وتشمل الشراكة أيضا تدريب الإدارة لتكون أكثر مرونة وابتكارا للتعامل مع الطاقة الخضراء المغذية للشبكة.
كما يجب إعداد المدن لتصبح "أكثر خضرة". ففي الشهر الماضي أيضا أدرج البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية مدينة السادس من أكتوبر ضمن برنامجه للمدن الخضراء بقيمة 2.5 مليار يورو، كثالث مدينة مصرية بعد القاهرة والإسكندرية. ويهدف البرنامج إلى توفير التمويل للاستثمار في البنية التحتية المحلية المستدامة لمساعدة المدن على أن تصبح أكثر خضرة من خلال خطط عمل "المدينة الخضراء" المخصصة، لمواجهة التحديات البيئية الأكثر إلحاحا. وقالت رينو باسو إن هذا يشمل المشروعات في مجال النقل، مثل المترو وتلوث الهواء والمياه وإدارة النفايات. كما يوفر التمويل للشركات التي ترغب في تحسين كفاءة الطاقة أو تقليل انبعاثات الغاز.
وأبدت البنوك المصرية بشكل خاص اهتماما بالتمويلات الخضراء للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، وبينها البنك الأهلي المصري، الذي يعد بين الأسرع استخداما للتمويلات منذ 2015، بحسب هارمجارت. ومن بين تلك التمويلات برنامج مرفق سلسلة القيمة الخضراء، والذي يسمح للبنوك بمساعدة المقترضين في جعل سلسلة القيمة الخاصة بهم "أكثر اخضرارا". فبدلا من التركيز على شركة واحدة لتحسين إنتاجها وتقليل استهلاكها للطاقة، يحاول البرنامج، الذي جرى إطلاقه في نوفمبر 2020، جعل سلسلة قيمة الإنتاج بأكملها خضراء. وأضافت هارمجارت أن البنك يناقش حاليا مع 3 أو 4 بنوك على الأقل كيفية تصميم برامج سلسلة القيمة الخضراء الخاصة بهم، مؤكدة "نأمل في التوقيع مع اثنين على الأقل في عام 2021".
وبالنسبة للقطاع الخاص، قد تكون الشراكة بين القطاعين العام والخاص هي أفضل طريقة لدخول القطاع الأخضر في مصر. وتعد الشراكات بين القطاعين العام والخاص في مصر ضرورية، نظرا لأن هناك حاجة إلى الكثير من تطوير البنية التحتية لمضاهاة النمو الديموجرافي القوي، وهو ما لا تستطيع الحكومة القيام به بمفردها. واتفقت رينو باسو وهارمجارت على أن هذا ينطبق على وجه التحديد على الاقتصاد الأخضر. وتقول هارمجارت إن تكرار إطار عمل حقل بنبان للطاقة الشمسية في القطاعات الخضراء الأخرى سيسرع التحول إلى مستقبل أكثر اخضرارا. والقطاعات الفرعية الأكثر احتياجا للشراكات بين القطاعين العام والخاص هي النقل والمياه وإدارة النفايات. وتوضح رينو باسو أنه عندما تكون هناك قدرة على الحصول على إيرادات من خدمة ما، فهذا يوفر الأساسيات لوضع إطار عمل للشراكة بين القطاعين العام والخاص.
ولكن لتحفيز الاستثمار بشكل عام، فإن التشريعات هي الأساس لتحقيق تكافؤ الفرص وتحسين المنافسة. وتؤكد رينو باسو أنه كي يزدهر القطاع الخاص، يجب إعداد وتطوير مسرح المنافسة بين الشركات. وإحدى القضايا الهيكلية طويلة الأجل التي يمكن أن تساعد في ذلك هي ضم الاقتصاد غير الرسمي. كما دعت رينو باسو لتطوير قوانين التحكيم إلى مستوى المعايير الدولية، بالتوازي مع العمل الجاري حاليا في تطوير التشريعات المتعلقة بحماية المنافسة وإنشاء سلطات منافسة فعالة.
وتستحق مصر الإشادة كونها واحدة من 3 بلاد فقط حققت نموا إيجابيا خلال 2020، ضمن جميع دول عمليات البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية. وتقول رينو باسو إن مصر كان أداؤها جيدا من حيث معدلات الاقتصاد الكلي خلال انتشار فيروس كوفيد-19، وينبغي أن تستمر في هذا المسار. ويعمل البنك في 38 دولة، حققت 3 منها فقط أهدافا اقتصادية كلية إيجابية في عام 2020، وكانت مصر واحدة منها، وهو ما أشادت به رئيسة البنك. وأضافت أن ذلك تحقق نتيجة الكثير من العمل لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد الكلي مع صندوق النقد الدولي وبفضل مرونة البلاد في عدم الإغلاق أو إيقاف الاقتصاد. وأوضحت أن التمسك بهذه الأسس الكلية السليمة والبقاء على مسار ثابت يعد أساسا جيدًا للغاية للمضي قدما، مضيفة أن مصر لديها هامش لمواصلة دعمها المواجه لتداعيات فيروس "كوفيد-19".
فيما يلي أهم الأخبار المتعلقة بالمناخ لهذا الأسبوع:
- تطورات خطة تحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي: الحكومة تسلم 340 سيارة جديدة ضمن مبادرة إحلال المركبات للعمل بالغاز الطبيعي.
- مسابقة للشركات الناشئة في أفريقيا لمواجهة التغيرات المناخية: تركز مسابقة الوكالة الفرنسية للتنمية "إيه إف دي ديجيتال تشالينج" المدعومة من الحكومة الفرنسية، هذا العام، على الشركات الناشئة التي تبحث عن حلول للحد من تأثير الكربون على الأنشطة الاقتصادية أو تعزيز النشاط الاقتصادي المستدام واستخدام الموارد الطبيعية (بي دي إف).
- الدورة الفائقة للسلع قد تؤدي إلى تعطيل التحول نحو الطاقة النظيفة، فقد دفع تزايد الطلب على المواد الخام المستخدمة في توليدها، والتي من بينها الليثيوم والكوبالت، أسعار السلع للارتفاع، مما يهدد بتعطيل ذلك التحول، حسبما نقلت صحيفة فايننشال تايمز عن المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول، هذا الأسبوع.