للمرة الرابعة على التوالي.. المركزي يبقي على أسعار الفائدة دون تغيير للحفاظ على جاذبية تجارة الفائدة
أعلن البنك المركزي المصري الأربعاء الماضي الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير للمرة الرابعة على التوالي، إذ يستهدف صناع السياسة النقدية الحفاظ على جاذبية تجارة الفائدة في مصر – حيث تعد مصر من بين الأفضل في هذا الجانب على مستوى العالم – ومع التوقعات بارتفاع معدل التضخم. وقالت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي، في بيان لها إن المؤشرات تشير إلى أن الاقتصاد المصري في طريقه للتعافي إلى مستويات ما قبل جائحة "كوفيد-19"، وتشير أيضا إلى استقرار التضخم، ولكنها حذرت في ذات الوقت من مواصلة ارتفاع أسعار السلع والأغذية العالمية.
كم تبلغ أسعار الفائدة الحالية؟ يبلغ سعر العائد على كل من الإيداع والإقراض لليلة واحدة حاليا 8.25% و9.25% على الترتيب، فيما يبلغ سعر العملية الرئيسية وسعر الخصم والائتمان 8.75% لكل منها.
قرار المركزي الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير كان متوقعا من الـ 14 محللا الذين استطلعت إنتربرايز آراءهم في وقت سابق. واتفق المحللون على أن صعود أسعار السلع الأساسية عالميا وارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية قد يدفع البنك المركزي المصري إلى إبقاء أسعار الفائدة على مستوياتها الحالية من أجل الحفاظ على تدفقات المحافظ الاستثمارية وتجنب حدوث ارتفاع في معدل التضخم.
قرار المركزي يعني أن أسعار الفائدة الحقيقية في مصر ستظل الأعلى عالميا، وفقا لبيانات بلومبرج بشأن أسعار الفائدة في 50 دولة حول العالم. وبذلك تتصدر أسعار الفائدة الحقيقية في مصر القائمة بنسبة 3.8%، فيما تأتي كل من فيتنام وتركيا في المركز الثاني بنسبة 2.8%.
ما زالت السياسة النقدية للبلاد مدفوعة بالحاجة إلى المزيد من التدفقات، وفقا لما قالته المحللة لدى شركة جيفريز إنترناشيونال لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا علياء المبيض، لشبكة بلومبيرج (شاهد 50:21 دقيقة). وقالت المبيض إن في ظل غياب التعافي السريع في قطاع السياحة من ناحية، وكذلك في الاستثمار الأجنبي المباشر، وعدم حدوث زيادة قوية في الصادرات، يستخدم البنك المركزي سياسة أسعار الفائدة كقناة للحصول على مزيد من التدفقات إلى الاقتصاد المصري ومساعدته على تلبية احتياجاته التمويلية الخارجية الكبيرة لهذا العام. وقد تجاوز حجم الاستثمار الأجنبي في السندات المقومة بالجنيه أعلى مستوى له قبل الجائحة في وقت سابق من هذا العام، حيث ارتفع إلى 29 مليار دولار خلال شهر فبراير الماضي. وكانت أدوات الدين المصرية قد شهدت خروج استثمارات بنحو 18 مليار دولار في الفترة بين مارس ومايو من العام الماضي مع لجوء المستثمرين الأجانب إلى أصول الملاذات الآمنة كردة فعل لتفشي جائحة "كوفيد-19".
ستظل هناك حاجة إلى تدفقات المحافظ الاستثمارية إلى أن تبدأ إيرادات قطاع السياحة في الارتفاع مجددا ومع زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر، حسبما أفاد به الخبير الاقتصادي لدى بنك إتش إس بي سي سيمون ويليامز، لوكالة بلومبرج. وتراجعت إيرادات قطاع السياحة إلى 1.78 مليار دولار فقط خلال الفترة ما بين يوليو وديسمبر الماضيين، مقابل 7.25 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2019، وفقا لبيانات البنك المركزي المصري.
الإبقاء على أسعار الفائدة مرتفعة أمر مهم للغاية في مواجهة ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية: ما زالت مصر عرضة للتأثر بارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية التي تهدد بجذب المستثمرين الأجانب إليها بعيدا عن الأسواق الناشئة، وفقا لما قالته رئيس قطاع البحوث في شركة فاروس القابضة، رضوى السويفي، في تصريحات لإنتربرايز. وأدى التعافي السريع في الولايات المتحدة، جنبا إلى جنب مع حزمة التحفيز التي اقترحها الرئيس الأمريكي جو بايدن، إلى المزيد من التوقعات بارتفاع التضخم، مما أدى إلى ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية في الأسابيع الأخيرة. وأدى هذا في تسجيل صناديق السندات في الأسواق الناشئة أكبر تدفقات خارجة لها فيما يقرب من عام في مارس الماضي مع عودة المستثمرين إلى أدوات الدين الأمريكية.
ظلت الارتفاعات في معدل التضخم ضئيلة خلال هذا العام على الرغم من ارتفاع أسعار السلع العالمية: سجل معدل التضخم السنوي العام في المدن المصرية ارتفاعات طفيفة خلال الربع الأول من العام الجاري، حيث ارتفع من 4.3% في يناير الماضي ليصل إلى 4.5% في مارس، على الرغم من ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع عالميا. وقد ارتفعت أسعار المواد الغذائية إلى مستويات لم تشهدها منذ عام 2013، في حين عاودت أسعار النفط الارتفاع إلى مستويات ما قبل الجائحة، كما سجلت أسعار المعادن ارتفاعا.
إلا أنه من المرجح أن تظل المخاطر التضخمية محدودة: تتوقع السويفي أن يؤدي التأثير الأساسي وأسعار السلع والمواد الخام العالمية إلى دفع معدل التضخم للارتفاع على المدى المتوسط، في حين من المرجح أن تظل الأسعار ضمن النطاق المستهدف للبنك المركزي. وأضافت: "نتوقع أن يتذبذب معدل التضخم إلى ما دون 4% في الربع الثاني من عام 2021 قبل أن يرتفع إلى 5-6% على أساس سنوي خلال النصف الثاني من العام المقبل، لينهي العام المالي 2021/2020 بمتوسط 4.5%". ولا يزال هذا أقل من النطاق المستهدف للبنك المركزي والبالغ 7% (%2±).
"رصيد احتياطي النقد الأجنبي يغطي حاليا أكثر من 7 أشهر من فاتورة الواردات السلعية والخدمية"، وفق ما قاله وزير المالية محمد معيط في بيان صحفي يوم الأربعاء الماضي. وارتفعت الاحتياطات الأجنبية بمقدار 137.2 مليون دولار في نهاية مارس الماضي لتصل إلى 40.34 مليار دولار.