إزالة الغابات قد تؤدي لتطور أمراض جديدة
قد يؤدي إعادة تشجير الغابات إلى خلق بيئة خصبة لنمو أمراض جديدة إذا لم تراع التنوع البيولوجي. وتشير دراسة جديدة إلى أن تدمير الغابات من أجل إنشاء مزارع زيت النخيل وزراعة نوع واحد من الأشجار يمكن أن يزيد من خطر ظهور الأمراض حيوانية المنشأ، مثل "كوفيد-19" ، بحسب صحيفة الجارديان. وتقول الدراسة إن "إعادة تشجير الغابات يمكن أن تزيد من فقدان التنوع البيولوجي عندما يجري التوسع في الغابات على حساب الأراضي العشبية والسافانا والأراضي الحرجية المفتوحة". وهناك ارتباط بين إعادة تشجير الغابات وتفشي الأمراض خاصة في مناطق الأراضي الأكثر عشبية والمناخات الأقل استوائية، بما في ذلك الولايات المتحدة وأوروبا.
هل يعني ذلك أن إعادة زراعة الأشجار فكرة سيئة؟ المشكلة تكمن في زراعة نوع أشجار أو محصول واحد. وهناك حاجة إلى تربية مجموعة من الأنواع والموائل لتصفية الأمراض في بيئة تتسم بالتنوع البيولوجي. وتقول الدراسة إنه عندما تحل المزارع الأحادية بدلا من الغابات، تموت الأنواع المتخصصة، أو الكائنات التي تحتاج إلى بيئة خاصة، لصالح الأنواع العامة مثل الفئران والبعوض، مما يؤدي إلى غياب تنظيم الطبيعة للأمراض.
واستخدمت الدراسة بيانات من منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي ومنظمة الأغذية والزراعة وقاعدة بيانات الشبكة العالمية للأمراض المعدية وعلم الأوبئة لفحص العلاقة بين تطورات الغطاء الشجري والمزارع والسكان والأمراض في جميع أنحاء العالم. وقامت الدراسة بجمع المعلومات في الفترة بين 1990 و2016، وقامت بتغطية 3.8 ألف تفشي لـ 116 من الأمراض الحيوانية المنشأ و1.9 ألف تفشي للأمراض المنقولة بالنواقل (التي تنقلها البعوض والقراد والذباب).
لكن الارتباط ليس سببيا، فلا يستبعد مؤلفو الدراسة تورط عوامل أخرى، مثل تغير المناخ، في تطور الأمراض. لكن الدراسة أشارت إلى العلاقة بين تغير استخدام الأراضي والأوبئة من خلال العديد من دراسات الحالة. وزادت إزالة الغابات في البرازيل من مخاطر الإصابة بالملاريا، بينما تم تحديد إزالة الغابات في غرب أفريقيا كعامل في تطور فيروس إيبولا.
وتعد مزارع زيت النخيل أحد الأسباب الرئيسية لإزالة الغابات. وكشفت منظمة الأغذية والزراعة الأمريكية أن مساحة الغابات قد تقلصت بمقدار 800 ألف كيلومتر مربع منذ التسعينيات من القرن الماضي، بينما قالت الدراسة إن ما يقرب من ربع خسارة الغابات العالمية حدثت بسبب زيادة الطلب على لحوم البقر وزيت النخيل، الأمر الذي يتطلب قطع الغابات لبناء المزارع أو تربية الماشية.
إذًا لماذا لا نقاطع زيت النخيل وحسب؟ على الرغم من أن زراعته كمحصول أحادي يتسبب في إزالة الغابات، فإن زيت النخيل هو الأكثر تعددا في الاستخدام وكفاءة من بين جميع الزيوت النباتية، ويساهم بنسبة 35% من الزيوت النباتية عالميا من خلال 10% فقط من الأرض المستخدمة لزراعة محاصيل الزيوت النباتية. وطبقا للصندوق العالمي للحياة البرية فإن أي بديل يتطلب مساحة أكبر من 4 إلى 10 أضعاف. ويستخدم زيت النخيل في ما يقرب من 50% من جميع السلع الاستهلاكية المعبأة في الأسواق، بدءا من زبدة الفول السوداني إلى مزيل العرق، وهو أمر بالغ الأهمية للناتج المحلي الإجمالي للاقتصادات الناشئة، حيث يعتمد عليه الملايين من صغار المزارعين في كسب عيشهم. ويشكل إنتاج إندونيسيا وماليزيا أكثر من 85% من الإمدادات العالمية، لكن هناك 42 دولة أخرى تنتجها.
وما الذي يمكن فعله؟ من المتوقع أن تجرى المزيد من الدراسات لفك الارتباط بين إزالة الغابات وظهور الأمراض، وللتنبؤ باحتمالية تفشي الأمراض في المستقبل. وكمستهلكين أفراد، يقترح الصندوق العالمي للحياة البرية أن يقوم ذوو المقدرة بالاستثمار في برامج أصحاب الحيازات الصغيرة ومبادرات الاستدامة، واتباع معايير إنتاج زيت النخيل الخام المستدام وأفضل الممارسات لزراعة محصوله، لتحويل الاستهلاك نحو صناعة زيت النخيل الأكثر استدامة.