كيف يمكن تحسين برامج ريادة الأعمال بالجامعات المصرية؟
برامج ريادة الأعمال بالجامعات المصرية – الجزء الثالث: كيف يمكن تحسينها؟ نواصل اليوم تسليط الضوء على كيفية مساعدة برامج ريادة الأعمال بالجامعات المصرية في تخريج الدفعة التالية من الشركات الناشئة. وفي الجزء الأول من هذه السلسلة، أوضح لنا قادة التكنولوجيا ومسؤولو الكليات كيف أن الجامعات في مصر توفر بيئات مثالية لتكوين جيل من رواد الأعمال في المراحل المبكرة. وفي الجزء الثاني، استعرضنا مميزات برامج ريادة الأعمال تلك. ووجدنا أن تلك البرامج تتفوق بشكل خاص في نشر التوعية وتوفير إمكانية الوصول إلى الموارد والإرشاد. ولكن ما الذي يمكنها فعله بشكل أفضل؟ سألنا قادة برنامج الشركات الناشئة ورواد الأعمال وأصحاب شركات رأس المال المخاطر.
ما وجدناه هو أن الجامعات تواجه صعوبة في إعداد رواد الأعمال وتدريبهم على إضفاء الطابع المؤسسي لشركاتهم. ويرى الخبراء أن هناك ثلاثة جوانب رئيسية بحاجة إلى مزيد من التحسين، وهي: تدريس الحوكمة والمساءلة؛ وتشكيل القيادات التنفيذية. وإتاحة البرامج لعدد أكبر من الطلاب.
أولا- تدريس حوكمة الشركات والمساءلة: يجب أن توفر برامج ريادة الأعمال بالجامعات المصرية التدريب على تحديد التوقعات بوضوح بين المستثمرين والمؤسسين، وفقا لما قاله أحد خبراء الشركات الناشئة. وأضاف: "لقد عرفت رواد أعمال – وخاصة الطلاب الجامعيين منهم – كانوا يستخدمون الجوائز أو المنح للسفر، بدلا من ضخ تلك الأموال مباشرة في شركاتهم. يجب أن تكون هناك ثقافة المساءلة من البداية".
ما حجم المشكلة؟ يعد الافتقار إلى المساءلة مشكلة عامة شائعة في القطاع، وفقا لما قاله الرئيس التنفيذي لحاضنة المشروعات الناشئة فلك ستارت أبس يوسف السماع. وقال السماع إن فلك تجد في كثير من الأحيان أن هناك توقعات غير متطابقة وافتقار للمساءلة، خاصة مع المؤسسين الأصغر سنا. وقال: "المشكلات موجودة، لذا فإن برامج ريادة الأعمال بالجامعات بالتأكيد لا تعالجها بشكل كاف. ولكن هذا الأمر لا يقع على عاتق الجامعات وحدها، إذ أنها مسؤولية مشتركة للنظام الإيكولوجي بأكمله".
هل تدرس برامج ريادة الأعمال بالجامعات الحوكمة وأخلاقيات العمل؟ لا نعتقد ذلك. في تصريح لإنتربرايز، قالت هبة زكي، المديرة التنفيذية لحاضنة أعمال كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة: "على حد علمي، لا تقدم أي حاضنة شركات ناشئة في الجامعات المصرية جلسات رسمية حول الحوكمة وأخلاقيات العمل". وأضافت زكي أن تلك المفاهيم يجري مناقشتها خلال جلسات إرشاد تقدمها حاضنة أعمال كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، دون تدريب رسمي.
فهل ينبغي عليها القيام بذلك؟ قادة البرنامج ليسوا متأكدين تماما. يرى ماجد غنيمة، مؤسس آي هب iHub، إنه لم يجر التطرق إلى المساءلة في البرامج الجامعية إلا قبل عامين. وتابع: "بعد ذلك، بدأت فينتشر لاب وآي هب ورواد النيل في تناولها من خلال البرامج التدريبية، لأن رواد الأعمال يحتاجون إلى الملكية والمساءلة."
إلا أن الحوكمة لا تصبح ذات معنى حتى تبدأ الشركة الناشئة في جذب الاستثمارات إليها وتنمية فريقها، بحسب غنيمة. وقال مؤسس ومدير فينتشر لاب الجامعة الأمريكية بالقاهرة أيمن إسماعيل: "تعتبر الحوكمة الرسمية أكثر أهمية عندما تكون الشركة مملوكة للمساهمين ويديرها فريق إدارة مختلف، ليسوا ضمن مالكي الشركة". وأضاف: "هذا ليس هو الحال بالنسبة للشركات الناشئة في مراحلها المبكرة."
ثانيا – تشكيل قيادة تنفيذية للشركات الناشئة: مساعدة رواد الأعمال على تحويل الأفكار إلى أعمال قابلة للتنفيذ أمر مهم، ولكن يجب أن تعمل البرامج أيضا على بناء القادة، بحسب المدير العام في مؤسسة كايرو آنجلز زينة مندور. وقالت مندور: "إن مؤسسي الشركات الناشئة بحاجة إلى أن يتعلموا كيفية الإدارة، وكيفية بناء ثقافة تنظيمية، واكتساب المواهب. هذه أمور الكثير من رواد الأعمال بحاجة إليها". أما من منظور المستثمر، ينبغي ألا يقتصر الأمر في الشركات الناشئة على تعلم كيفية النمو من الناحية الفنية، ولكن عليها أن تتعلم كيفية النمو كشركات تجارية، وفقا لما صرح به مدير التطوير في كرم سولار، إبراهيم مطاوع لإنتربرايز.
ما هو حجم المشكلة؟ على الرغم من أن برامج ريادة الأعمال بالجامعات تتعامل مع هذا الأمر، إلا أن النتائج لا تكاد تكون ملموسة. تقول زكي إن برنامجا واحدا أو اثنين على الأقل من برامج حاضنات الأعمال في الجامعات يدرس القيادة والإدارة، إلا أن تأثير تلك البرامج غير ملموس على مستوى السوق. وأوضح مطاوع أن إضفاء الطابع المؤسسي غير موجود في القطاع بشكل عام، لذا فمن المحتمل ألا يقتصر الأمر على حاضنات الشركات الناشئة بالجامعات فقط.
هل يتعلق الأمر بزيادة التركيز؟ يقول البعض إن برامج ريادة الأعمال بالجامعات ما زالت في مراحلها المبكرة؛ هناك حاجة إلى مزيد من القيادة، لكن لا يمكن تدريسها بين عشية وضحاها. كما أن برامج ريادة الأعمال في الجامعات لا يمكنها التركيز على كل شيء، بحسب ما قاله مديرو البرامج. وتدريس القيادة يحدث في مرحلة تطوير المنتج. وقال غنيمة إن البرامج الجامعية تركز على صياغة المفاهيم وتكوين الفرق. واتفق معه إسماعيل والذي أوضح أن "البرامج تدعم رواد الأعمال في مراحل مختلفة". وأضاف قائلا: "ينصب تركيز معظم برامج ريادة الأعمال بالجامعات على الوعي وتكوين الأفكار والتحقق – والتأكد من أن رواد الأعمال يحلون مشاكل حقيقية، وأن يكونوا قادرين على المشاركة بالسوق بفعالية".
ثالثا – هل يمكن أن تكون هذه أكبر مشكلة على الإطلاق؟ ما زال العديد من الطلاب غير قادرين على المشاركة: ينبغي التوسع في برامج ريادة الأعمال بالجامعات المصرية بشكل كبير، بحسب مؤسس حاضنة رواد النيل نزار سامي، في تصريحات لإنتربرايز. فعلي سبيل المثال، نجد أن جامعة حلوان، التي تضم أكثر من 150 ألف طالب، لا يوجد بها برامج تلبي احتياجاتها. وقال السماع إن فينتشر لاب يعد مثالا على حاضنة الأعمال الممتازة، ولكن على الرغم من أن مجموعة الشركات الناشئة لديها مثيرة للإعجاب، فإن معظمها غير تابع لطلاب الجامعة الأمريكية بالقاهرة. وتابع: "لدرجة أنه تعين على خريجي فلك التقدم لدى فينتشر لاب كي يتمكنوا من الوصول إلى ما لديهم من موارد". وحتى لو كان تركيز فينتشر لاب ينحصر على الطلاب فقط، فهناك 12 ألفا فقط في الجامعة الأمريكية – أي أقل من 1% من إجمالي عدد طلاب الجامعات في مصر، بحسب أحد المصادر.
لذا هناك بلا شك حاجة إلى برامج جديدة. إلا أن القادة يحذرون من إنشاء نسخ كربونية للنسخ الموجودة. يقول إسماعيل: "لا تحاولوا تقليد البرامج الأخرى. انظروا إليهم، وافهموهم، ولكن صمموا شيئا يناسب أصحاب المصلحة الداخليين والخارجيين، ويتوافق مع ما لديكم من معرفة وأصول. استغلوا نقاط قوتكم".
أو تطبيق نماذج أكاديمية غير مرنة: تقول زكي إن بعض البرامج تحتاج إلى تعديل منهجيتها. وأضافت: "البعض منها لديه القدرة على النمو، في حين أن البعض الآخر ليس لديه مثل هذه القدرة ما لم تغير طريقة تفكيرها ونماذج أعمالها". وترى زكي أن تلك البرامج قد تكون جامدة للغاية وأكاديمية بشكل كلاسيكي. وقالت: "يحاول البعض تدريس ريادة الأعمال من خلال المحاضرات. يجب أن يكون النهج المتبع على شكل ورشة عمل عملية".
أبرز أخبار قطاع التعليم في أسبوع:
- رئيسة "الأوروبي لإعادة الأعمار" تزور جامعة بدر: قامت رئيسة البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية أوديل رينو باسو بزيارة جامعة بدر التابعة لشركة القاهرة للاستثمار والتنمية العقارية، حيث جرى بحث سبل تعزيز التعاون في مجال التعليم.
- الاستثمار في التعليم: تعتزم شركة أفريكا كريست للتعليم القابضة استثمار 900 مليون جنيه في مصر هذا العام لإنشاء مدرستين.
- القروض الدراسية: وقعت بلتون للتمويل الاستهلاكي "بل كاش" التابعة لشركة بلتون المالية القابضة اتفاق شراكة مع مدارس الألسن الدولية البريطانية والأمريكية لتقديم منتج لتمويل الرسوم الدراسية.
- رفض مجلس الشيوخ التعديلات المقترحة على قانون التعليم التي من شأنها تغيير نظام الثانوية العامة الحالي. وتنص التعديلات على تعديل نظام تقييم طلاب الثانوية العامة ليصبح على مدى سنوات الدراسة الثلاث بدلا من النظام الحالي الذي يقيم الطلاب من خلاله سنويا. وستحال التعديلات إلى مجلس النواب لدراستها.
- من المقرر إدراج حضانات الأطفال ضمن الأنشطة التي تتمتع بمزايا قانون المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، وفق توجيهات أصدرها الرئيس عبد الفتاح السيسي.