متى تتخلص بنوك الاستثمار من مشاكلها مع استنزاف الموظفين؟

بنوك الاستثمار تتعهد بعدم استنزاف طاقة موظفيها، لكن هل يحدث ذلك؟ نشرت صحيفة فايننشال تايمز تقريرا يشير إلى أن عددا من البنوك الاستثمارية أصدر مذكرات وبيانات صحفية تؤكد فيها التزامها بتوفير ساعات عمل أنسب للموظفين. ويأتي هذا بعدما قال بعض المتدربين لدى بنك جولدمان ساكس مجموعة إنهم يعملون لفترات تصل إلى 105 ساعات في الأسبوع، ويغادرون المكتب عادة في الثالثة صباحا، مما يؤثر على صحتهم النفسية.
مشكلة مستمرة منذ فترة طويلة: في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، كان قطاع بنوك الاستثمار ينمو بمعدل 20% سنويا بهوامش ربح أعلى بكثير، حسبما يقول براين مولين مؤلف المذكرة الشهيرة "مشغول جدا" عام 1994، في تصريحات لجريدة فايننشال تايمز. لكن مع تضاؤل الهوامش والنمو منذ ذلك الحين، صار اجتذاب عملاء جدد له الأولوية على متطلبات الموظف. ويحذر مولين من أن الاستمرار في اتباع هذا النهج لن يؤدي إلا لتنفير الموظفين.
هل نلوم شركات الاستحواذ ذات الغرض الخاص؟ يتزامن ارتفاع حدة الشكاوى مع انفجار الأسهم التكنولوجية عام 2020 وطفرة شركات الاستحواذ ذات الغرض الخاص، كما يقول هيو سون المحلل لدى سي إن بي سي (شاهد 5:19 دقيقة). وربما يكون هذا ما صعب الأمر، إلا أن ثقافة "الإرهاق" هذه موجودة منذ عقود في وول ستريت، خاصة مع المحللين الذين يتطلعون إلى أن يكونوا "شركاء".
وترى البنوك أن الموظفين يحصلون على مرتبات مناسبة، وأنهم يعرفون ظروف المجال قبل دخوله، حسبما أكد محلل مبتدئ لدى بنك مورجان ستانلي لفايننشال تايمز. وقال محلل سابق في بنك جولدمان ساكس إن الإدارة العليا تخيّر الموظفين بين "الصمت أو الاستقالة"، بينما تلتزم الإدارة الوسطى نهج "كلنا مررنا بهذا". في عام 2021، يمكن أن يصل مرتب المحلل في البنوك الأمريكية المتوسطة إلى 85-95 ألف دولار سنويا كراتب أساسي، يرتفع إلى 150-200 ألف دولار في الإجمالي، بينما يتقاضى الشريك 150-120 ألف دولار في العام، ترتفع إلى 250-450 ألف دولار إجمالا، وفقا لبحث أجراه موقع Mergers & Inquisitions.
ويشكك العاملون في القطاع في حدوث تغيير حقيقي، فلا يزال تأثير الأقران والمواقف الثابتة في الإدارة الوسطى يمثلان تحديا على الرغم من تغير المواقف، حسبما قالت مديرة تنفيذية في أحد البنوك العالمية لصحيفة فايننشال تايمز. وأضافت "نشعر جميعا بالتوتر عندما نقول إننا نعاني، لدينا برامج مهنية للرعاية الصحية … إذا استخدمت أحدها يمكن للبنك قانونيا منعك من الذهاب إلى العمل". وأحدثت وفاة أحد المتدربين في بنك أوف أمريكا في عام 2013 رد فعل مماثلا، لكن دراسة أجريت بشأن أيام السبت التي لا عمل بها أثبتت أن "السياسة جاءت بنتائج عكسية من خلال حث الموظفين على العمل لفترة أطول خلال الأيام غير المحمية".
ويوصى مديرو بنوك الاستثمار بزيادة التعويض المادي. وقام كل من بنك أوف أمريكا وجيفريز فاينانشال وكريدي سويس بزيادة المقابل للموظفين المبتدئين، بحسب بلومبرج، كما أرسل بنك باركليز وسيتي جروب وجولدمان ساكس مذكرات تفصيلية عن التدابير لتحسين سير العمل لمنع الموظفين الصغار من العمل خلال عطلات نهاية الأسبوع.
ويوصي البعض الآخر بتوعية الإدارات العليا بشأن العوامل التي ترفع من الإنتاجية. ويقول رئيس استشارات القوى العاملة في الخدمات المالية في شركة كيه بي إم جي، ميل نيوتن، إنه على الرغم من كثرة المحللين تدفعهم للمزيد من العمل والتنافس، فإن الأشخاص الذين يحبون عملهم ويحبون المؤسسة التي يعملون بها ويشعرون بالتقدير بداخلها، سينتجون أكثر من الموظفين الذين يشعرون أن الشركة يمكنها أن تمضي قدما دونهم، حسبما ذكر نيوتن لصحيفة فايننشال تايمز.