استطلاع إنتربرايز يتوقع تثبيت البنك المركزي لأسعار الفائدة في الاجتماع المقبل

استطلاع إنتربرايز يتوقع الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير خلال الاجتماع المقبل للجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي. صعود أسعار السلع الأساسية عالميا وارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية قد يدفع البنك المركزي المصري إلى إبقاء أسعار الفائدة دون تغيير خلال الاجتماع المقبل للجنة السياسة النقدية، بحسب توقعات المحللين في استطلاع أجرته إنتربرايز. وتوقع جميع المحللين الـ 14 الذين استطلعت إنتربرايز آراءهم أن يواصل البنك المركزي منهجه الحذر ولا يقدم على تخفيض جديد لأسعار الفائدة حتى النصف الثاني من العام الجاري، خاصة بعد رفع عدد من البنوك المركزية في الأسواق الناشئة أسعار الفائدة الشهر الماضي.
كم تبلغ أسعار الفائدة الحالية؟ يبلغ سعر العائد على كل من الإيداع والإقراض لليلة واحدة حاليا 8.25% و9.25% على الترتيب، فيما يبلغ سعر العملية الرئيسية وسعر الخصم والائتمان 8.75% لكل منها. وكان البنك المركزي قد خفض أسعار الفائدة بإجمالي 400 نقطة أساس خلال 2020، بدأها بالخفض التاريخي في مارس 2020 بواقع 300 نقطة أساس لاحتواء أزمة "كوفيد-19"، ثم خفضين متتالين بواقع 50 نقطة أساس في سبتمبر، ثم في نوفمبر بواقع 50 نقطة أساس أخرى، ولم يقدم إلى أي تحريك لمعدلات الفائدة منذ ذلك الحين.
العاملان الأساسيان: أسعار السلع الأساسية ومعدلات الفائدة المرتفعة عالميا: قال محمد أبو باشا رئيس وحدة بحوث الاقتصاد الكلي بالمجموعة المالية هيرميس "نتوقع بقاء أسعار الفائدة دون تغيير لأن الوضع القائم لم يتغير منذ الاجتماع الماضي، خاصة ارتفاع أسعار الفائدة والسلع الأساسية عالميا".
الضغوط التضخمية لا تزال محدودة حتى الآن: ارتفعت أسعار الفائدة بشكل طفيف خلال الربع الأول من العام الجاري، على الرغم من ارتفاع أسعار السلع الأساسية عالميا. وارتفع معدل التضخم في المدن المصرية من 4.3% في يناير إلى 4.5% في مارس. وهو ما لا يزال أقل من مستهدف البنك المركزي البالغ 7% (±2%).
ولكن قد يتغير ذلك في الأشهر المقبلة: "التضخم قد يكتسب زخما في الشهرين المقبلين مع بدء انتقال تأثير ارتفاع أسعار السلع العالمية إلى الاقتصاد المصري بشكل عام، حسبما قالت عالية ممدوح رئيسة قسم البحوث لدى بلتون المالية. وقالت سارة سعادة المحللة الاقتصادية الأولى لدى سي آي كابيتال إن إعادة تخزين السلع الغذائية الأساسية وسط الزيادة العالمية في أسعار المواد الخام من المرجح أن يؤدي إلى زيادة ضغوط رفع الأسعار على المواد الغذائية، مضيفة أنها تتوقع أن يثبت البنك المركزي أسعار الفائدة. وفي الوقت نفسه، قال أبو بكر إمام رئيس قسم البحوث لدى سيجما كابيتال إن البنك المركزي لن يقوم بأي تغييرات في السياسة النقدية حتى ينتهي من تقييم تأثير زيادة أجور القطاع العام المقرر تطبيقها في يوليو المقبل، والتي من المتوقع أن تؤدي إلى ارتفاع التضخم.
تأثير سنة الأساس قد يخفف ذلك: أشار ألان سانديب رئيس قطاع البحوث بشركة نعيم للوساطة إلى أن التأثير المواتي لسنة الأساس قد يحجم الصعود المحتمل للتضخم. وقال "بينما نتوقع ارتفاع المعدل الشهري للتضخم في الفترة المقبلة، ينبغي أن يمتص التأثير المواتي لسنة الأساس معظمه، حتى مع الأخذ في الاعتبار إمكانية ارتفاع أسعار الوقود في يوليو".
ارتفاع أسعار الفائدة بالولايات المتحدة ما زال يغري المستثمرين الأجانب للاتجاه غربا: ارتفاع أسعار السلع الأساسية وانخفاض تكلفة أدوات الخزانة الأمريكية (كنتيجة لارتفاع عوائدها) "سيحفز البنك المركزي المصري للحفاظ على بيئة أسعار الفائدة الحقيقية المرتفعة من أجل الحفاظ على جاذبية الاستثمار في أدوات الدين المصرية، وهي عامل أساسي لاستقرار الجنيه المصرية نظرا لتباطؤ تعافي قطاع السياحة"، حسبما قالت ممدوح.
الارتفاع الأخير لأسعار الفائدة في الأسواق الناشئة قد يكون في صالح مصر: قال أبو باشا "شهدنا بعض الأسواق الناشئة التي بدأت في رفع أسعار الفائدة. وفي هذا الصدد، نعتقد أن البنك المركزي سيستمر في موقفه من تثبيت أسعار الفائدة". وكان صناع السياسة النقدية في 37 سوقا ناشئة أعلنوا صافي خمس زيادات في أسعار الفائدة في مارس، ما يشير إلى التحول بعيدا عن سياسة التيسير النقدي للمرة الأولى منذ فبراير 2019، كما ذكرنا الأسبوع الماضي. ويعزز ذلك جاذبية مصر كوجهة لمستثمري المحافظ الأجنبية، إذ تقدم واحدة من أعلى معدلات الفائدة الحقيقية في العالم، ما يعزز تجارة الفائدة في البلاد.
البنك المركزي يعطي أولوية للحفاظ على جاذبية تجارة الفائدة في مصر في مواجهة ارتفاع أسعار الفائدة بالولايات المتحدة، وأي خفض للفائدة في الوقت الراهن قد يقلل من جاذبية الديون السيادية للمستثمرين الأجانب، حسبما يرى الخبير المصرفي هاني أبو الفتوح. ونظرا لأن الضغط على مصادر العملات الأجنبية لا يزال "كبيرا"، وبما أن الاقتصاد لا يزال يعاني من "تشوهات بسبب الجائحة"، ونقاط ضعف هيكلية، من المرجح أن يحافظ البنك المركزي على دور استثمارات المحافظ الأجنبية في أدوات الدين المحلية كوسيلة لتمويل عجز الحساب الجاري للبلاد، وفق ما ذكرته منى بدير محللة أولى الاقتصاد الكلي في برايم القابضة. ولكن مع زيادة "التقلبات العالمية وضعف آفاق نمو تدفقات المحافظ الأجنبية"، سيكون من غير المرجح أن يخفض البنك المركزي أسعار الفائدة في الوقت الحالي، حسبما ترى سعادة. وشهدت الأسواق الناشئة الشهر الماضي صافي تدفقات خارجة للمرة الأولى منذ أكتوبر الماضي، مع ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية هذا العام، والتي جذبت مستثمري الفائدة حول العالم نحو الولايات المتحدة، وهو ما أحبط مسيرة صعود أصول الأسواق الناشئة، وأثار شبح ما سمي بـ "نوبة فزع الأسواق" في 2013، وتداعياته السلبية على الأسواق الناشئة.
في الوقت الحالي، من المتوقع أن يواصل البنك المركزي الاعتماد على الإقراض المدعوم لتعزيز السيولة والنشاط في بعض القطاعات الاقتصادية، حسبما قال محمد عبد العال الخبير المصرفي وعضو مجلس إدارة بنك قناة السويس. تتمتع العديد من الشركات في مصر حاليا بإمكانية الحصول على قروض بفائدة مخفضة، في إطار عدة مبادرات أطلقها البنك المركزي في السنوات الأخيرة، وتوسع فيها بعد انتشار جائحة "كوفيد-19"، بما في ذلك 200 مليار جنيه دعم للقطاعات الصناعية والزراعية والمقاولات، و50 مليار جنيه لقطاع السياحة.
إذًا، متى يمكن أن نشهد خفضا إضافيا للفائدة؟ هناك شبه إجماع أن ذلك قد لا يحدث قبل أواخر الصيف أو أوائل الخريف المقبل. يرى نعمان خالد محلل الاقتصاد الكلي لدى أرقام كابيتال أن من المرجح أن يواصل البنك المركزي تثبيت أسعار الفائدة حتى أغسطس على الأقل، وقد يكون الخفض التالي بعد أن تنضم مصر مجددا إلى مؤشر جيه بي مورجان للسندات الحكومية بالأسواق الناشئة. وقال المحلل الاقتصادي في بنك راند التجاري نيفيل مانديميكا مؤخرا إن عودة مصر المرتقبة إلى المؤشر بعد غياب منذ يناير 2011 قد تؤمن تدفقات مالية جديدة في أدوات الدين المصرية قد تصل إلى 4.8 مليار دولار، وتدعم سعر صرف الجنيه في مواجهة الدولار بنحو 5%.
قبيل نهاية العام هو الوقت الأرجح لتخفيض الفائدة، حسبما قالت ممدوح، وكذلك رضوى السويفي رئيسة قطاع البحوث بفاروس القابضة، والتي ترى أن هناك "أسباب عديدة لدى البنك المركزي كي لا يقدم على خفض أسعار الفائدة، ويؤجل أي خفض محتمل إلى وقت لاحق من العام الجاري". ولكن هناك فرصة ضئيلة أن يحدث الخفض قبل ذلك إذا بقى نمو الاقتصاد محدودا. وكتب جيسون توفي الخبير الاقتصادي في مؤسسة كابيتال إيكونوميكس في مذكرة بحثية "إذا استمر التعافي الاقتصادي بطيئا، ربما يقرر صناع السياسات تيسير الظروف النقدية في وقت أقرب".