ما هو مقياس "احترار المحافظ الاستثمارية"، وكيف يسهم في حماية الكوكب؟
أداء مديري الاستثمارات حول العالم أصبح يقاس حاليا بالأثر الكربوني، وظهر "احترار المحفظة الاستثمارية" كمعيار جديد للحكم على نجاح الاستثمارات، حسبما كتبت بلومبرج. وبدلا من التركيز فقط على زيادة الأرباح، فإن أداء شركات وصناديق الاستثمار الآن أصبح خاضعا لمعيار "إمكانية الاحترار"، أو التأثيرات المناخية التي يمكن أن تسببها الأعمال والمشروعات التي يجري الاستثمار فيها. ويعد حساب "الحرارة الضمنية" للمحفظة الاستثمارية أمرا جديدا دفع بعض المنتقدين إلى التشكيك في دقة تلك التقديرات، ومع ذلك فإنها أصبحت ذات أهمية متزايدة للمستثمرين، في الوقت الذي تسعى فيه الدول إلى الالتزام باتفاقية باريس لعام 2015، والتي تلزم الدول بالعمل إلى وضع حد للاحترار العالمي كي لا يتجاوز درجتين مئويتين.
مواجهة المخاطر المناخية باتت في مقدمة أولويات حوكمة الشركات منذ وقت طويل، وقد خفضت 338 شركة كبرى انبعاثاتها الكربونية بنسبة 25% في الفترة من 2015 وحتى 2019، وفقا لتقرير ساينس بيزد تارجتس التابع للأمم المتحدة لعام 2021 (بي دي إف).
لكن كيف يمكن قياس "احترار" محفظة ما؟ طور مؤشر مورجان ستانلي المركب (إم إس سي آي) منهجية لتقييم مساهمة أي شركة في إحداث التغير المناخي من خلال انبعاثاتها الكربونية. وترتفع قراءة هذا المؤشر كلما زاد نشاط الشركة في القطاعات ذات الانبعاثات الكربونية الكثيفة، مثل استخراج الوقود الأحفوري أو الصناعات الثقيلة، وإذا كانت سلسلة التوريد الخاصة بها تتضمن النقل ومسارات لوجستية كثيفة الانبعاثات. ويأخذ هذا المؤشر في اعتباره أيضا عامل الانبعاثات التي يحتمل أن يصدرها المستخدمون النهائيون للمنتج، ما يجعل حساب المؤشر معقدا للغاية. ويجري تصنيف الشركات في فئة ضمن فئات عديدة: العمل كالمعتاد (ما يعني أن تلك الشركات لا تقلص فعليا الانبعاثات)، أو 3 درجات مئوية، أو درجتين مئويتين، أو 1.5 درجة مئوية، وهكذا. وكلما حلت الشركة في درجة حرارة مرتفعة، فإن ذلك يعني أنها أكثر تلويثا للبيئة. ويقاس "احترار المحفظة الاستثمارية" بالكامل بناء على الإجمالي المرجح لإمكانية إسهام الشركات المُستثمر بها في الاحتباس الحراري.
تلك المقاييس تكتسب أهمية متزايدة في أوساط المستثمرين: أصدرت شركة أفيفا للتأمين البريطانية وصندوق استثمار المعاشات التقاعدية الحكومي الياباني البالغ إجمالي أصوله 1.7 تريليون دولار، بيانات حول الاحترار المحتمل، بينما تخطط شركة بلاك روك لفعل الشيء نفسه لبعض أصول التي تديرها والتي تبلغ قيمتها 8.7 تريليون دولار. وقال ريمي برياند رئيس قسم الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية لدى إم إس سي آي: "أصبحت إدارة مخاطر المناخ أحد المبادئ ذات الأهمية المتزايدة في عملية الاستثمار، إذ يرغب المستثمرون في أن يكونوا قادرين على قياس تأثير تغير المناخ وتكوين محافظ استثمارية تصمد أمام المخاطر المناخية".
في الواقع، ربما تكون شركات الاستثمار مؤهلة أكثر من الحكومات لقياس الاحترار العالمي: قد يكون مديرو الأصول أكثر قدرة على تقييم حجم ومعدل التغير المناخي الذي تتسبب فيه الشركات التي يستثمرون بها، نظرا لاطلاعهم المباشر على الكثير من التفاصيل. وربما يكونون أيضا في وضع أفضل لاستخدام أموالهم كوسيلة ضغط على الشركات للتحول إلى الممارسات الصديقة للبيئة.
لكن لا تتوقع أن ترحب الشركات بوضعها موضع المساءلة: على الرغم من تعهدات شركة أبل بالوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2030، وأمازون بحلول عام 2040، فإن مؤشر إم إس سي آي منح أمازون تقييم احترار متوقع بلغ 3.9 درجة مئوية، وأبل 2.9 درجة مئوية، أما مايكروسوفت فحصلت على تقييم 2.1، مع تعهداتها بالوصول إلى صافي انبعاثات كربونية سالبة بحلول عام 2030.
اعتماد تصنيفات الاحترار كمقياس شائع سيتطلب جهدا مزدوجا: مبدأ الاحترار المحتمل يتطلب جهودا أوسع من الحكومات والشركات على السواء، ولا يمكن تحقيقه بجهود المستثمرين فقط، حسبما قالت أولرايك ديكون رئيسة قسم مسؤولية الشركات لدى شركة أكسا للتأمين العالمية، والتي تعد شركة رائدة في تبني المحافظ الاستثمارية الصديقة للبيئة. ويمكن أن يؤدي اعتماد مقياس احترار المحافظ الاستثمارية كمعيار أيضا إلى تشجيع المزيد من الشركات على الإفصاح عن بيانات تتيح لصناع القرار الاطلاع على صورة أوضح وأكثر شمولا لمخاطر التغيرات المناخية على الكوكب. ووجد مؤشر إم إس سي آي أن نسبة 16% فقط من أحد مؤشراتها الذي يغطي 9 آلاف من الأسهم العالمية، كانت في طريقها للوصول إلى تقييم احترار يبلغ درجتين مئويتين بحلول نهاية 2020، و5% فقط سجلت تقييما أقل من 1.5 درجة مئوية، ما يشير إلى ضرورة بذل المزيد من الجهد من لتقليل حرارة المحافظ الاستثمارية.