البنية التحتية قد لا تكون المشكلة الرئيسية لمرفق السكك الحديدية في مصر
البنية التحتية قد لا تكون المشكلة الرئيسية لشبكة السكة الحديد في مصر: شهدت مصر في الشهر الماضي وحده ما لا يقل عن خمسة حوادث قطارات على الأقل. ولقى 19 شخصا مصرعهم وأصيب 185 آخرين في حادث تصادم قطارين في سوهاج، ولاحقا توفي 23 شخصا وأصيب 139 آخرين في حادث خروج قطار عن مساره بالقرب من مدينة طوخ في القليوبية، وأعقب ذلك حوادث مماثلة، لكنها أقل من حيث الخسائر البشرية، في الشرقية وأسيوط ومنيا القمح، والتي أسفرت عن إصابة عشرات الركاب. وتمثل هذه أحدث حلقة في سلسلة ممتدة من حوادث القطارات في مصر خلال السنوات الماضية. ومع استمرار التحقيق في أسباب هذه الحوادث، سنتناول ما تم إنجازه لتطوير وتحديث شبكة السكك الحديدية في البلاد والعوامل الأخرى التي يجب التصدي لها لتقليل عدد الحوادث مستقبلا.
القدرات البشرية لم تواكب التغيير في البنية التحتية. حسنا.. هناك مجال كبير لتطوير البنية التحتية التي يجري العمل عليها بالفعل حاليا، وفق ما قالته مصادر مطلعة لإنتربرايز. لكن الحوادث المتكررة التي تعود أسبابها لـ "خطأ بشري"، تشير إلى الحاجة لتحسين مستوى التدريب الذي يتلقاه العاملون في المرفق، على حد قولهم.
لطالما كان تطوير السكك الحديدية على رأس أولويات الحكومة: وتعمل الحكومة حاليا على تنفيذ المشروع القومي لتحديث السكك الحديدية في البلاد البالغة تكلفته نحو 141 مليار جنيه، ومن المقرر الانتهاء منه خلال العام المقبل. وقال وزير النقل كامل الوزير في يناير الماضي إن تكلفة المشروع ارتفعت إلى 220 مليار جنيه، وسيستمر تنفيذه حتى 2024. ويشمل ذلك استيراد قطارات وعربات جديدة، وتأهيل القديم منها، وتطوير أنظمة الإشارات والاتصالات، وإنشاء خطوط جديدة، وتطوير المحطات والمزلقانات، وإنشاء أبراج جديدة، وتأمين أبراج الإشارة عبر أنظمة مراقبة بالكاميرات.
تمويل جديد في الطريق: وافق بنك التنمية الأفريقي، عقب حادث سوهاج، على قرض بقيمة 145 مليون يورو لتمويل تحديث السكك الحديدية في مصر ضمن المشروع القومي.
لكن البنية التحتية ليست المشكلة الرئيسية للقطاع. ليس هناك قلق بشأن البنية التحتية للمرفق، نظرا للجهود التي قامت بها الحكومة لتحسينها خلال السنوات الماضية والمشاريع المستقبلية التي في طور الإعداد، وفقا للمصادر. ويقول نائب الرئيس السابق لهيئة السكك الحديدية، سامي جورج، إنه تم مؤخرا تجديد وتحديث المحطات والمناطق التي وقعت فيها الحوادث الأخيرة.
المشكلة الرئيسية تكمن في حجم العمالة غير الماهرة في المرفق. وعزا النائب علاء عابد رئيس لجنة النقل والمواصلات في مجلس النواب، في تصريحات تلفزيونية هذا الأسبوع، إن حادث قطار طوخ إلى "العنصر البشري". وقالت النيابة العامة منذ نحو أسبوع إن السبب الرئيس في حادث تصادم قطارين في سوهاج هو الإهمال الجسيم وتعاطي السائق ومساعده للمخدرات. ويضيف عابد أنه على الرغم من إنفاق مليارات الجنيهات على تحديث الخطوط وأنظمة الإشارات، بالإضافة إلى استخدام أدوات القيادة الأوتوماتيكية، فإن السائقين ليسوا مدربين على التعامل مع هذه الأنظمة مؤكدا أن العنصر البشري هو الذي يسبب هذه الحوادث.
ويتفق مع هذا الرأي البنك الدولي، الذي كتب في ورقة بحثية بعنوان تطوير السكك الحديدية والسلامة في مصر لعام 2020 (بي دي إف) أن حوالي ألف حادث قطار يحدث سنويا في مصر بسبب الافتقار إلى إجراءات السلامة والأخطاء البشرية. وفي حين أن التقارير عن الوفيات وحوادث القطارات في مصر ليست قاطعة، فيقدر البنك أن مصر لديها حوالي 5 أضعاف عدد الحوادث الخطيرة مقابل أوروبا، و7 مرات مقابل بريطانيا و20 مرة مقابل اليابان. ويضيف البنك أن "السلوك الشخصي وضعف الإشراف وإنفاذ السلامة على المزلقانات غير القانونية وسرقة الأصول وإهدار أموال الصيانة وسوء التدريب الذي يؤدي إلى خطأ بشري أو سوء التصرف، هي كلها عوامل من الأسباب الرئيسية في ذلك".
الاتهامات في محلها. هناك "أيضا ثقافة موروثة تتمثل في إساءة استخدام الممتلكات العامة، مثل سرقة قضبان السكك الحديدية وإلقاء القمامة عليها، وإنشاء أسواق على المزلقانات المستوية، فضلا عن التعدي على القضبان"، بحسب الجارديان.
شبكة السكك الحديدية في مصر عالية الكثافة ما يجعل الحوادث دموية: تعد شبكة السكك الحديدية في مصر من بين الأعلى كثافة على مستوى العالم، وفقا للبنك الدولي. وينقل المرفق 1.4 مليون راكب يوميا عبر 3500 عربة، فضلا عن 6 ملايين طن من البضائع سنويا، وفقا للموقع الإلكتروني للهيئة القومية لسكك حديد مصر. وتعتبر السكك الحديدية "العمود الفقري لنقل الركاب"، ويصل إجمالي أطوالها إلى 9.5 ألف كيلومتر وتضم 705 محطات في محافظات الجمهورية كافة. وتتركز 60% من الشبكة في دلتا النيل.
ويجري نقل 1% فقط من البضائع عبر السكك الحديدية، وهي نسبة منخفضة للغاية بالمقارنة مع متوسط الاتحاد الأوروبي البالغ 18% على سبيل المثال. وقد يكون ذلك سببا في ارتفاع نسبة الحوادث البشرية مقارنة بالدول الأخرى، نظرا لزيادة نسبة نقل الأفراد مقارنة بالبضائع في مصر.
وأحد الحلول الممكنة لهذه المشكلة هو إنشاء مؤسسة مخصصة للترخيص والتدريب، وفق ما قاله جورج، الذي يوضح أن مهام المؤسسة المقترحة، التي ستكون بالشراكة مع وزارة التعليم العالي، تتمثل في وضع معايير الجودة لقيادة وتشغيل القطارات الجديدة وتعليم السائقين الجدد كيفية التعامل مع المعدات. وسيتطلب ذلك أيضا خطة ترقيات ومسارات مهنية واضحة، يمكن من خلالها جذب الخريجين والكوادر الجديدة بسهولة.
هناك حاجة أيضا إلى تشريع جديد يحمي الخطوط والبنية التحتية من التخريب: يكمن الجزء الأكبر من المشكلة في الطريقة التي يتعامل بها الأشخاص مع شبكة السكك الحديدية. وقال النائب محمود الضبع وكيل لجنة النقل في مجلس النواب لإنتربرايز، إن إساءة استخدام الممتلكات العامة والسرقة المتكررة للكابلات والأدوات والمعدات تعد أبرز التحديات التي يواجهها المرفق، مضيفا أن إيقاف هذا الأمر يتطلب تشريعا واضحا وعقوبة.
وداخليا.. تمضي الوزارة على طريق بناء القدرات: تعهد الرئيس الجديد للشركة المصرية لتجديد وصيانة السكك الحديدية التابعة لهيئة السكك الحديدية، شعبان محمود، بالتركيز على تدريب الكوادر البشرية على تشغيل المعدات الحديثة، وفق ما نقلته جريدة الشروق. ومع ذلك، فإن الوضع لا يزال يكتنفه الغموض حاليا، مع عدم وضوح مقدار ما ستستثمره الوزارة في بناء القدرات. لكن إذا خلصت التحقيقات الجارية أن "العنصر البشري" هو السبب وراء سلسلة الحوادث الأخيرة، فمن المتوقع أن يأتي بناء القدرات على رأس أولويات الوزارة.
أبرز أخبار البنية التحتية في أسبوع:
- صناعة الأسمنت: انخفضت مبيعات الأسمنت في مصر بنسبة 5% على أساس سنوي العام الماضي لتسجل 48 مليون طن، بسبب الأوضاع الصعبة التي تعانيها السوق حاليا وتداعيات وباء "كوفيد-19"، وفق ما قاله رئيس شعبة الأسمنت باتحاد الصناعات المصرية لجريدة المال.
- البنية التحتية: سيوفر بنك التنمية الأفريقي تمويلا بـ 108 ملايين يورو لصالح برنامج الصرف الصحي المتكامل بالمناطق الريفية في الأقصر.
- الطرق: خصصت الدولة تعويضات قدرها 4 مليارات جنيه لصالح المواطنين الذين نزعت ملكية وحداتهم السكنية أو عقاراتهم ضمن مشروع توسعة الطريق الدائري، وفق ما قاله وزير النقل كامل الوزير في وقت سابق هذا الأسبوع.
- التعدين: الشركات الكندية تبدي اهتمامها بالتوسع في استثماراتها في قطاع التعدين المصري، وفق ما قاله السفير الكندي في القاهرة لويس دوما خلال لقائه مع وزير البترول والثروة المعدنية طارق الملا أول أمس.