مميزات برامج ريادة الأعمال في الجامعات المصرية
برامج ريادة الأعمال في الجامعات المصرية – الجزء الثاني: في الأسبوع الماضي، ناقشنا كيف تلعب الجامعات دورا مهما في مشهد ريادة الأعمال المصري الآخذ في النمو، إذ توفر مهارات أساسية للطلاب لبدء شركاتهم التجارية الخاصة. وتقدم برامج ريادة الأعمال بالجامعات خدمات تتراوح بين الاستشارات غير الرسمية إلى برامج مسرعات الأعمال المتخصصة، وكذلك زيادة الوعي مبكرا في سبيل الوصول إلى جمهور أوسع.
لكن هل يمكنها تحقيق المزيد؟ أجرينا استطلاعا للرأي بين قادة برامج الشركات الناشئة ورواد الأعمال والمستثمرين حول أهم نقاط القوة في برامج ريادة الأعمال بالجامعات المصرية، وعن المجالات التي لا يزالون يرون فيها مجالا للتحسين. واليوم ننظر في تلك النقاط وبالذات مرحلة التوعية المبكرة، ومرحلة الوصول إلى الموارد والمعلومات الخاصة بقطاع معين، والإرشاد، ومساعدة الطلاب على تطوير مهارات يمكن تطبيقها في السوق. أهم هذه النقاط هي:
التخصص في قطاعات محددة، والتماشي مع خبرات الجامعة: أفضل البرامج الجامعية لريادة الأعمال هي تلك التي تكمل الخبرة التي تقدمها الكليات، كما يقول مؤسس ومدير فينتشر لاب الجامعة الأمريكية بالقاهرة أيمن إسماعيل. وتابع أن "توفير برامج تتماشى مع ما يحدث في الجامعة يعد أمرا غاية في الأهمية، وهكذا يستفيد الطلاب من الجامعة ويفيدونها". ويركز برنامج حاضنة الشركات الناشئة التابع للأكاديمية العربية على الخدمات اللوجستية، بينما يركز برنامج جامعة هليوبوليس على الاستدامة، أما مركز الابتكار وريادة الأعمال بجامعة عين شمس (iHub) فقد وجه تركيزه في البداية على الابتكارات الهندسية.
تعزيز الروابط المحلية والإقليمية: من خلال تكرار النماذج الناجحة في مواقع مختلفة، أو مشاركة الخبرات التي يمكن أن تتكيف معها البرامج الأخرى، يمكن لعدد أكبر من الطلاب الاستفادة من خدمات برامج ريادة الأعمال بالجامعات. على سبيل المثال، يخدم آي هب (iHub) الآن 26 جامعة في 44 موقعا، ولديه أكثر من 97 ألف مستفيد، بحسب مؤسس المركز ماجد غنيمة. ويضيف غنيمة: "انطلقنا من جامعة عين شمس إلى جامعات أخرى، وأسسنا مؤخرا لجنة استشارية جديدة مع ثمانية آخرين من قادة برامج ريادة الأعمال بالجامعات، للتخطيط لمزيد من المبادرات وتكرار نجاحاتنا".
زيادة الوعي بريادة الأعمال في مراحل مبكرة: ربما يكون إثارة الاهتمام بريادة الأعمال بين الطلاب الذين لم يسمعوا بها من قبل هو المهمة الأهم التي تنفذها برامج ريادة الأعمال في الجامعات، بحسب ما ذكرته عدة مصادر. ويقول غنيمة إن "آي هب"، وحاضنة أعمال كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وحاضنة الأعمال "همة" بجامعة أسيوط ومبادرة رواد النيل بجامعة النيل، كلها أشركت الطلاب بشكل غير رسمي داخل جامعاتهم، من خلال اللقاءات والجلسات الإعلامية والندوات عبر الإنترنت ومشاهدة الأفلام. وينشر فينتشر لاب الوعي حول ريادة الأعمال بين طلاب الجامعة الأمريكية، كما يقول الرئيس التنفيذي لحاضنة المشروعات الناشئة "فلك" يوسف السماع. وأردف قائلا "لم يكن هذا الوعي موجودا عندما كنت أدرس في الجامعة"، موضحا أن فينتشر لاب يعمل مع العديد من رواد الأعمال من غير الطلاب، مما يمنح طلاب الجامعة الأمريكية بالقاهرة خبرة جيدة في بدء الأعمال.
المزيد من دورات ريادة الأعمال الرسمية يكشف الطلاب مزيدا من الخبرة العملية: يقول غنيمة إن الدورات التي تقدمها جامعتا القاهرة وعين شمس حققت ذلك بشكل جيد. وتقدم جامعة النيل والجامعة البريطانية في مصر دورات للطلاب في ريادة الأعمال تشجعهم على بدء مشروعات تجارية صغيرة حتى لو لم يستمروا فيها بعد التخرج، حسبما يقول لإنتربرايز مؤسس حاضنة رواد النيل نزار سامي.
ربط مرشدي الصناعة بالطلاب: يوضح سامي أن الإرشاد الفني والتجاري عنصر أساسي في معظم برامج حاضنات الشركات الناشئة بالجامعات، مؤكدا أن موجهي الصناعة، وخاصة الرؤساء التنفيذيين ومديري العمليات، يعززون مصداقية برامج ريادة الأعمال بين الطلاب. ويقول أحد الخبراء الذين تحدثنا إليهم إن لدى حاضنة أعمال كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة مرشدين جيدين جدا، ومنهم خريجون ومنتسبون للجامعة.
تطبيق المهارات على تحديات الحياة الواقعية: تتفوق البرامج الجامعية في إقامة المسابقات التي تتطلب التفكير الإبداعي وحل المشكلات، بدءا من رالي تصنيع السيارات الكهربائية (EVER) بتنظيم آي هب، إلى مسابقة رالي ستارتب التابعة لمركز ريادة الأعمال بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، وفق ما ذكرته هبة زكي، المديرة التنفيذية لحاضنة أعمال كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة.
التركيز على الأفكار الجاهزة للتسويق: يقول سامي إن التركيز على احتياجات السوق بدلا من ميول الطلاب يعني زيادة فرص الشركات الناشئة في الاستمرار. وأطلقت حاضنة أعمال كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة برنامجا للابتكار في الاستدامة، يستهدف تقديم شركات ناشئة تتوافق مع أهداف التنمية المستدامة، طبقا لزكي. وفي غضون ذلك، يستهدف فينتشر لاب الآن رواد الأعمال الأكثر نضجا، ويدفع في اتجاه تحقيق عوائد تجارية، كما يقول إسماعيل، مشيرا إلى "زيادة متوسط العمر، فمعظم رواد الأعمال لدينا الآن في منتصف الثلاثينيات. نحن نطلق برامج تنتج شركات يمكنها النجاح في السوق، ونجلب استثمارات يمكن لها تحقيق النجاح". ويقول غنيمة إن فينتشر لاب يعد حاليا حاضنة الأعمال الأكثر نجاحا في مصر.
إنشاء رابط واضح بين البرنامج وسوق العمل: يعمل البرنامج التجريبي الجديد لتقديم المشورة للطلاب في حاضنة أعمال كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة على إرسال الطلاب النابغين بالجامعات إلى الشركات الناشئة والمنظمات غير الحكومية للعمل عندما يكون هناك حاجة لهم، وفق ما ذكرته زكي، مضيفة أن هذه التجربة العملية مفيدة للغاية. وتدير الحاضنة أيضا أكاديمية نيلسين للتكنولوجيا والعمليات، وهو برنامج مدته 9 أشهر لتدريب طلاب جامعة القاهرة على أبحاث السوق، قبل أن يحصل أفضلهم أداء على فرص وظيفية في نيلسين.
تعد الجامعة بيئة طبيعية لتعزيز نمو الشركات الناشئة مبكرا، بسبب الموارد التي يمكنها الاستفادة منها. بشكل عام، تتمتع الجامعات بإمكانية الوصول إلى الأماكن والمعدات والمختبرات وورش التصنيع والمعرفة الأكاديمية المتخصصة، كما يقول غنيمة. وهي كذلك بيئة صالحة للاختبار والتحقق من صحة الأفكار، ووضع نماذج أولية لها لمعالجة قضايا معينة، بحسب غنيمة.
الهدف من معظم البرامج الجامعية هو تخريج رواد الأعمال في مرحلة مبكرة. وهناك ست مراحل رئيسية لتطوير الشركات الناشئة، كما يقول غنيمة، وهي:
- التفكير، والبحث عن المشاكل التي يمكن حلها.
- تكوين فرق عمل، وتحويل الأفكار إلى مفاهيم مثبتة.
- تطوير المنتج.
- التسريع.
- البحث عن مستثمرين ملائكيين، والتوسع في قطاعات السوق والمواقع.
- النضج، والتأكد من حصول الشركات الناشئة على حصة سوقية مناسبة، والسعي للاستحواذ.
"بشكل عام، تستهدف البرامج الجامعية أول مرحلتين"، حسبما يوضح غنيمة، مضيفا أن "لديهم إمكانية الوصول إلى الشباب، ويمكنهم تغيير طريقة تفكيرهم من خلال التعليم".
تخريج المزيد من رواد الأعمال باستمرار يعد أمرا ضروريا، فالشركات الناشئة عالية المخاطر، معظمها سيفشل. وتقول المصادر إن وجود نسبة معينة من الفشل يعتبر جزءا من نموذج ريادة الأعمال، وهذا هو السبب في أن تخريج المزيد من الرواد أمر حيوي. ويقول إسماعيل إن "ريادة الأعمال محفوفة بالمخاطر، وهذا يعني وجود خطر الفشل … بصفتك مستثمر، عليك أن تعلم أنه في النهاية إذا استثمرت في 10 شركات ناشئة، فقد يفشل 8 منها، وربما يؤدي بعضها بشكل جيد".
لكن هل يمكن لتلك البرامج أن تقدم المزيد؟ رغم تلك النجاحات، تخبرنا مصادر مطلعة أن هناك نقاطا تخطئ فيها الجامعات، أو يمكن أن تحسن أداءها فيها بشكل واضح، ومنها تعزيز روابط أكثر عمقا مع النظام البيئي، وتوفير المزيد من التدريب على الحوكمة والقيادة لرواد الأعمال الشباب. كل هذا والمزيد نناقشه معا بالتفصيل في الجزء الثالث الأسبوع المقبل.
أبرز أخبار قطاع التعليم في أسبوع:
- كلفت شركة "تطوير مصر" العقارية تحالفا استثماريا يضم البنك التجارى الدولي وشركة كوليرز إنترناشيونال بإعداد دراسة جدوى والترويج لمنطقة تعليمية في مشروع بلومفيلدز بمستقبل سيتي، باستثمارات أولية 3.2 مليار جنيه.
- أعلنت شركة أورنج والوكالة الألمانية للتعاون الدولي عن شراكة بينهما (بي دي إف) لإنشاء مركز أورنج للتدريب الرقمي في مصر.
- يناقش مجلس الشيوخ اليوم تعديلات تشريعية تتضمن تغيير نظام امتحانات الثانوية العامة، ومقترحا لتقييم الطلاب على 3 سنوات بدلا من سنة واحدة.
- أعلنت لوجيكس، الذراع الاستثمارية في التكنولوجيا والأمن السيبراني للأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، عن إطلاق منصة تعليم تستهدف أن تكون الأكبر من نوعها في المنطقة.