هل تصبح الجولات الافتراضية هي "العادي الجديد" لزيارة المعارض الفنية؟
من الصعب تخيل عرض دون جمهور.. ولكن أغلب المعارض والمتاحف افتقدت جمهورها خلال العام الماضي بسبب إغلاقها نتيجة انتشار "كوفيد-19". وشهد متحف اللوفر في باريس انخفاضا في معدلات زواره بنسبة 70% خلال 2020، بينما شهد المتحف البريطاني في لندن انخفاضا بنسبة 91% في العدد الشهري لزوار المتحف خلال إعادة افتتاحه من أغسطس إلى ديسمبر 2020، بعد أن ظل مغلقا لعدة شهور. ولكن لجأت بعض المساحات الفنية إلى التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي كطريقة بديلة للتواصل مع الجماهير وجمعت أدواتها المختلفة لمحاولة محاكاة تجربة مشاهدة الفن الرائع.
يقوم بعض القائمين على المعارض بالاستعانة بروبوتات الحضور عن بعد للقيام بالجولات، وبينها في معرض هاستينجز المعاصر، الذي بدأ في أبريل استخدام أحد هذه الروبوتات لتقديم مئات الجولات التي تستغرق كل منها نصف ساعة. ويمكن التحكم في الروبوت عن بُعد عبر الهاتف أو الكمبيوتر المحمول، لتسمح لكل من الموظف والجمهور بالبقاء في المنزل خلف شاشاتهم. ويستخدم فنانون آخرون أدوات الواقع المعزز لتقديم أعمالهم إلى الجماهير خارج الشاشات، ويشتركون مع تطبيقات مثل أكيوت أرت والذي يسمح بتركيب الأعمال الفنية على محيطهم اليومي (مثل لعبة بوكيمون جو، ولكن لأصحاب الذوق الأكثر تعقيدا).
وهناك العديد من المؤسسات والمبادرات التي تبنت العرض الافتراضي منذ فترة طويلة، وبينها جوجل التي أطلقت جوجل للفنون والثقافة عام 2011، وتقدم العديد من الصور عالية الدقة والرؤى بزاوية 360 درجة للمعارض والمتاحف من أكثر من ألفي مؤسسة شريكة في جميع أنحاء العالم. وأنشأ معرض أرت بازل الدولي للفنون أيضا غرفا للمشاهدة عبر الإنترنت في نسخته لعام 2020، بينما أنشأ معرض جيبسوم الفني المصري أيضا غرفة مشاهدة عن بعد لمجموعة من الأعمال الفردية.
وعلى الرغم من محدوديتها، لدى غرف العرض الافتراضية عدد من المزايا، فهي تسمح بعرض مقاطع الفيديو والنصوص الطويلة والمواد المتعلقة تاريخيا جنبا إلى جنب مع العمل الفني، مما يساعد في وضعه في سياقه المناسب للمشاهدين بشكل أفضل من نص بسيط معلق على الحائط. ويقول الرئيس التنفيذي لمعرض بيس جاليري الأمريكي، مارك جليمشر، في تصريح للجارديان "نأمل أن تستخدم تلك المعارض الافتراضية أصوات وكلائنا والقائمين على المعارض لإنشاء بيئات متعددة الوسائط تستحضر حقا روح الفنان والسياق الذي يصنع فيه أعماله".
ويمكن أن تكون لغرف المشاهدة وجولات المعرض الافتراضية فوائد تتعدى فترة الجائحة، لتسمح للأشخاص الموجودين في أماكن بعيدة الاطلاع على المجموعات والأعمال الفنية، مما يسمح بالتالي بتنويع الجماهير. ولم يعد معرضا في باريس مقتصرا فقط على سكان المدينة، بل يمكنه جذب الحضور من دبي والبرازيل واليابان. كما يمكن أيضا استخدام هذه الأدوات لتقديم التجربة الفنية لأولئك الذين لا يستطيعون الذهاب جسديا إلى مكان المعرض بسبب مرضهم أو وجود قيود أخرى على الحركة.
ولكن هل ستدوم الطرق الجديدة للاطلاع على الفن خلال "كوفيد-19" لفترة أطول الجائحة نفسها؟ لا نتوقع ذلك. فلم تكن المعارض والمتاحف هي ما يعلق على جدرانها فقط، ولكن تعد العديد من المباني بمثابة روائع معمارية في حد ذاتها. ولقد ثبت أيضا أن قضاء بعض الوقت من يومك لزيارة معرض أو متحف يقلل من مستويات القلق ويعزز التفكير النقدي والإبداعي، وهو ما قد لا يمنحك إياه الجلوس أمام الشاشة. لذلك، من غير المتوقع أن تتراجع أهمية المساحات الفنية في أي وقت قريبا.