برامج شراء الأصول تتسارع بالأسواق الناشئة والبلدان النامية
كيف أصبحت برامج شراء الأصول أمرا رائجا في الأسواق الناشئة والبلدان النامية: في خضم تداعيات جائحة "كوفيد-19" الاقتصادية، ساعدت موجة برامج شراء الأصول في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية خلال العام الماضي على ترسيخ بعض الاستقرار في الأسواق المالية، لكن عواقبها الكلية طويلة الأجل لا تزال غير واضحة، وفقا للبنك الدولي. وتعد برامج شراء الأصول ضمن "سياسات التيسير الكمي"، إذ تعمل البنوك المركزية على شراء السندات الحكومية أو الأصول المالية الأخرى في محاولة لتحفيز نمو الناتج المحلي الإجمالي، والمساعدة في تسريع معدل التضخم. وتعد هذه السياسة غير معتادة إلى حد ما، رغم أنها تساعد على خفض عوائد السندات والأصول المالية وزيادة المعروض النقدي.
ولجأ ما يقرب من 18 بنكا مركزيا على الأقل إلى شراء السندات الحكومية خلال عام 2020، ليرتفع حجم تلك المشتريات من أقل من 1% من الناتج المحلي الإجمالي إلى نحو 6% حاليا. ورغم تحذيرات من أن هذه الخطوة ستكون غير مسؤولة من الناحية المالية، مع توقعات بارتفاع التضخم بشكل لا يمكن السيطرة عليه لهذه الاقتصادات، تمكنت البلدان النامية من خفض عائدات السندات والحفاظ استقرار عملاتها، و"بينما كان معظمهم يشترون في الأسواق الثانوية فقط، اشترى البعض سندات مباشرة من الحكومات بهدف تمويل العجز المالي". وفي بعض الحالات، يتواصل نمو برامج شراء الأصول، فيما لم تعلن العديد من البنوك المركزية عن حجم ومدة برامجها في هذا الصدد.
والبعض مستمر في برامج الشراء الأصول بقوة في 2021: أعلنت الهند في وقت سابق من الشهر الجاري عن شراء سندات حكومية بقيمة 14 مليار دولار في الربع الأول من 2022/2021 (والذي يبدأ في 1 أبريل)، وذلك بعد أن اشترت سندات بقيمة 41 مليار دولار في 2021/2020. وتلك هي المرة الأولى التي يعلن فيها البنك المركزي الهندي مقدما عن خططه لشراء الأصول، وسط ضغوط من المستثمرين في تلك الأصول بهدف الحصول على إرشادات بشأن خطط الشراء الحكومية. ورغم أن الأسواق تنظر إلى تلك السياسات على نحو إيجابي، فإنه سيكون من الصعب الاستمرار في امتصاص العرض الضخم من الأصول بالأسعار السائدة، حسبما يقول نافين سنج نائب رئيس آي سي آي سي آي لتداول الأوراق المالية.
وتعد هذه أول سابقة للعديد من دول الأسواق الناشئة والبلدان النامية، ولكن التوقيت قد يكون في صالحها. أصبحت المؤشرات الكلية أكثر اعتدالا في الأسواق الناشئة والبلدان النامية من سابقاتها، عندما قامت البنوك المركزية في هذه الدول بتمويل العجز المالي. ووفقا للبنك الدولي، "فإن هذه السيناريوهات السابقة قد سبقتها فترات طويلة من ارتفاع التضخم، والتخلف عن سداد الديون الخارجية، فضلا عن توسع العجز المالي، على خلفية أطر مالية ونقدية أقل مصداقية".
ويرى البنك الدولي في تقريره، أن النتيجة الإيجابية لا تجعل النجاح المستقبلي في تنفيذ نفس السياسة أمرا مؤكدا، إذ أن سياق "سياسات الاقتصاد الكلي المتكيفة بشكل فريد في الاقتصادات المتقدمة"، قد يتراجع في المستقبل. ويشير البنك إلى حقيقة أن ظروف السيولة الهشة في الأسواق المالية في الأسواق الناشئة والبلدان النامية تؤدي إلى تحركات متقلبة في أسعار الأصول، مما يؤدي إلى عواقب غير مقصودة، خاصة إذا كان ينظر إلى هذه البرامج إلى أنها حل لتمويل العجز المالي غير المستدام.