هل يزداد الوضع سوءا في قناة السويس؟
لم تفلح حتى الآن الجهود التي تبذلها مصر لتعويم وقطر السفينة العملاقة التي جنحت أثناء عبورها قناة السويس وتسببت في تعطل حركة الملاحة البحرية، مما أدى إلى مزيد من التأخيرات في حركة السفن في هذا الشريان التجاري المهم الذي يربط بين البحر المتوسط والبحر الأحمر، بحسب تقرير لوكالة بلومبرج. ونقلت الوكالة عن مصدر بهيئة قناة السويس قوله إنه من المقرر استئناف جهود تعويم السفينة صباح اليوم. وتعد إيفر جيفن التي يبلغ طولها 400 متر واحدة من أكبر ناقلات الحاويات في العالم، وفق أسوشيتد برس.
ووصلت قاطرة الإنقاذ الهولندية "سميت" وعلى متنها فريق من 8 أفراد للمساعدة في تعويم السفينة التي تبلغ حمولتها الإجمالية 224 ألف طن والعالقة وسط القناة، ومن المقرر أن يصعد الفريق اليوم إلى ظهر السفينة وفحصها، وفقا لبلومبرج. وفي تصريحات للوكالة، قال مارتن شوتيفر، المتحدث باسم الشركة الأم لقاطرة الإنقاذ الهولندية "بوسكاليس"، إنه قد يتعين تخفيف حمولة السفينة لإعادة تعويمها وقطرها عن طريق إنزال بعض العناصر غير الضرورية مثل مياه الصابورة التي تساعد في الحفاظ على ثبات السفن أثناء الإبحار.
من الذي كان يقود السفينة؟ بالتأكيد لم تكن مروة السلحدار، أول قبطانة بحرية مصرية هي من كانت تقود السفينة. ونفت السلحدار في مداخلة هاتفية أمس مع محمد شردي ببرنامج "الحياة اليوم" (شاهد 2:58 دقيقة) ما أشيع حولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي أنها هي التي كانت تقود السفينة الجانحة، وقالت إنها سمعت الخبر أثناء عملها على متن سفينة أخرى في الإسكندرية. وأوضحت أنها لا تعمل كمرشد في هيئة قناة السويس، لكنها تعمل ضمن طاقم السفينة "عايدة 4" منذ 9 سنوات. وأشارت السلحدار إلى أن حادث جنوح السفينة يمكن أن يرجع إلى سوء الأحوال الجوية والضباب الذي يتسبب في ضعف الرؤية أو بسبب عطل بالسفينة، وليس بسبب خطأ شخص بعينه.
وهناك ما يقرب من 185 ناقلة راسية في انتظار عبور القناة حتى صباح أمس، وهو آخر موعد توافرت فيه بيانات محدثة حول انتظار السفن. ومن بين السفن التي تنتظر المرور بقناة السويس 40 سفينة بضائع صب والتي تنقل سلعا تتراوح من المحاصيل إلى البضائع الجافة مثل الأسمنت، بالإضافة إلى 8 سفن تنقل ماشية حية وناقلة مياه. وبحسب شركة كبلر، هناك أيضا 17 ناقلة نفط تحمل ما يقرب من 8.8 مليون برميل من الغاز الطبيعي المسال، حسبما أفادت بلومبرج نقلا عن أرقام نشرتها شركة الأبحاث "كبلر".
وربما تضطر شركات الشحن إلى تغيير مسارات السفن إلى طريق رأس الرجاء الصالح إذا استمر توقف قناة السويس لأكثر من 24 ساعة، بحسب ما ذكرته مصادر ملاحية لرويترز. وتزيد الحاجة إلى مزيد من الوقت لإنهاء تعطل قناة السويس من حساسية الوضع الحالي، إذ يمر ما لا يقل عن 12% من التجارة العالمية عبر هذا الممر الملاحي. وقال أحد المحررين بشركة "جيه أو سي جروب" لبلومبرج إن "التأخير حتى وإن كان لمدة يومين سيزيد من اضطراب سلاسل التوريد وسيؤدي إلى إبطاء تسليم البضائع إلى الشركات في جميع أنحاء بريطانيا وأوروبا".
ما الذي يمكن أن يحدث إذا استمر توقف حركة الملاحة بقناة السويس؟ من غير المرجح أن يكون هناك تأثير كبير على حركة الشحن العالمية إذا استمر هذا الوضع يوما أو يومين، وفقا لما نقلته بلومبرج عن ريتشارد ميد، المحرر لدى شركة لويدز ليست إنتليجنس. إلا أن ميد حذر من أن توقف حركة الملاحة بالقناة لفترة أطول من ذلك قد يؤدي إلى تعطل سلاسل التوريد التي تعاني بالفعل من تداعيات جائحة "كوفيد-19". وأشارت بلومبرج إلى أن هناك ثمة خطر كبير آخر يتمثل في ازدحام الممرات المائية الأخرى حول العالم وتكون نقاط اختناق مع تكدس المزيد من السفن على طول قناة السويس وقناة بنما ومضيق هرمز ومضيق ملقا في جنوب شرق آسيا. وقال ميد إن ناقلة "إيفر جيفن" واحدة من بين أكبر سفن الحاويات في العالم وكانت محملة بأقصى حمولة لها عندما تعطلت بالقناة.
من ناحية أخرى، تدرس الحكومة المصرية تقديم تعويضات للسفن العالقة والتي يمكن أن تواجه تأخيرات لحين استئناف حركة الملاحة بالقناة، بحسب ما نقلته جريدة الشروق عن رئيس هيئة قناة السويس أسامة ربيع. وذكرت وكالة رويترز نقلا عن مصادر بقطاع الشحن البحري إن هيئة قناة السويس يمكنها المطالبة بتعويضات بملايين الدولارات من الشركة المالكة للسفينة الجانحة، وهي شركة "شوي كيسن كيه كيه" اليابانية، وشركات التأمين التي تتبع لها السفينة نظرا لما يمكن أن تتكبده الهيئة من خسائر في إيرادات القناة جراء الحادث، حتى وإن جرى إعادة تعويم السفينة بسرعة. ومن المحتمل أن تشهد شركة "قطرغاز" المنتجة للغاز الطبيعي المسال تأخيرات في جدول تسليم شحناتها في مطلع أبريل إذا استمر تعطل حركة الملاحة في قناة السويس،
وما زال حادث جنوح السفينة وتعطل حركة الملاحة بقناة السويس هو الخبر الأبرز في الصحافة الأجنبية هذا الصباح. وجاء الخبر في الصفحات الرئيسية لكل من فايننشال تايمز، ورويترز، وبلومبرج، وسي إن بي سي، وسكاي نيوز، في حين قام جاريد مالسين في صحيفة وول ستريت جورنال برحلة عبر الذاكرة للتأكيد على الأهمية الرمزية للقناة بالنسبة لمصر. ومحليا، همين الحادث على اهتمامات جميع برامج التوك شو، من أحمد موسى في برنامج "على مسؤوليتي" (شاهد 32:50 دقيقة) إلى محمد شردي في "الحياة اليوم"، والذي أدعى بالخطأ أن قوارب القطر نجحت بالفعل في تعويم السفينة وإعادة الحركة الملاحية في القناة (شاهد 10:49 دقيقة).
ما الذي حدث بالضبط؟ كانت ناقلة الحاويات العملاقة "إيفر جيفن" التي تشغلها شركة الشحن التايوانية "إيفر جرين" في طريقها صباح أول أمس متجهة من الصين إلى مدينة روتردام الهولندية عندما تسببت الرياح الشديدة والعاصفة الترابية في فقدان طاقم السفينة السيطرة عليها، مما أدى إلى انحراف السفينة واصطدامها بجانب القناة، لتسد واحدا من أكثر الممرات التجارية ازدحاما في العالم.