هل يتعاون الذكاء الاصطناعي والوباء للقضاء على "الكول سنتر"؟
تعمل جائحة "كوفيد-19" على تسريع التحول من مراكز الاتصالات المعتادة (الكول سنتر) إلى الاعتماد على روبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي. وفي نفس الوقت الذي يشهد فيه العالم زيادة الاعتماد على هذه الروبوتات لخدمة العملاء، فإنها أصبحت تشبه البشر في واقعيتها بصورة أكبر، وتعرض نوعا من التعاطف والاهتمام الذي يُشعر العميل بأنه حصل على خدمة جيدة. لكن تطور قدرة الذكاء الاصطناعي على محاكاة التعاطف يمكن أن يحول أعدادا ضخمة من البشر إلى عاطلين، وفقا لتقرير وكالة بلومبرج.
أنباء سيئة للدول التي يعتمد اقتصادها على مراكز الاتصال: هناك ما يقرب من 286 ألف عامل بمراكز الاتصال في الفلبين معرضون لخطر الاستعاضة عنهم ببرامج الدردشة بحلول عام 2030، بحسب توقعات بنك التنمية الآسيوي. ويمثل هؤلاء ما يقرب من ربع العاملين بشركات التعهيد في الدولة، ونحو 9% من مصادر الناتج المحلي الإجمالي للفلبين، وفقا لتقديرات مجموعة أكسفورد للأعمال. إلا أن الدول الأخرى المشهورة بالتعهيد مثل الهند والبرازيل والمكسيك ربما تكون أقل عرضة للخطر بسبب تنوع القوى العاملة لديها.
أين تقع مصر من كل هذا؟ اعتمدت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على تنمية صناعة التعهيد ومراكز الاتصال كسياسة رئيسية منذ سنوات. وفي 2019، أعلنت الوزارة أنها تستهدف زيادة حجم صادرات الخدمات التكنولوجية والرقمية التي تشمل التعهيد في في 2020 من 3.2 مليار دولار إلى 4.7 مليار دولار. وفي ديسمبر الماضي، واصل وزير الاتصالات عمرو طلعت التشديد على أهمية القطاع، إلا أنه لم يكشف أرقام جديدة (شاهد 7:34 دقيقة).
ثم جاءت الجائحة: في حين لم نعثر على أرقام رسمية لأداء القطاع في عام 2020، فقد أشارت تقارير صحفية خلال ذروة "كوفيد-19" في أبريل إلى أن شركات التعهيد شهدت تراجعا بنسبة 70% في الطلب على خدماتها لقطاعات العقارات والسيارات والمطاعم، إلا أن بعض الشركات عوضت خسارتها نسبيا بفضل تضاعف الطلب على قطاعات الرعاية الصحية والخدمات الطبية والبنوك.
هناك من يؤمنون بأن الوضع لا يزال على ما يرام: يقول بعض الخبراء إن روبوتات الدردشة لا يزال أمامها وقت طويل كي تصير قادرة على حل مشاكل أكثر تعقيدا بطريقة مماثلة للبشر. العمالة البشرية ستكون مطلوبة لتطوير أنظمة البرمجيات التي تشغل روبوتات الدردشة بالذكاء الاصطناعي، وكذلك صيانتها ومراقبة أدائها، وهو ما سيخلق مزيدا من الوظائف.
… وآخرون يؤكدون أن الهدف ليس استبدال التعاطف الإنساني، بل زيادته: يقول الكاتب مينتر ديال الذي ألف كتابا حول هذه المسألة، إنه يمكن تعليم الآلات "التعاطف المعرفي" من خلال تعليمها كيفية تقييم سياق الموقف وماذا يشعر الإنسان إذا مر به، لكن لا يمكن تعليمهم التعاطف العاطفي، وهو الشعور البسيط الذي يخالجك إذا عرفت أن إنسانا آخر سعيد أو حزين. ولهذا لا تزال عملية خدمة العملاء تحتاج إلى أن يكون البشر جزءا أساسيا منها، ربما بعد مراجعة العميل أولا بواسطة روبوتات الدردشة. علينا ألا نخلط بين الشكل التعاطفي ووجود التعاطف فعلا، كما يقول الباحث في الذكاء الاصطناعي ستيوارت راسل، مضيفا: "ربما نرغب حتى في قصر العمل بمجال العلاقات الشخصية على البشر".