كيف تمكنت شركتان ناشئتان في مصر من سد فجوات سلاسل التوريد؟
تفتت سلاسل التوريد والطلب المتزايد – كيف تمكنت شركتان ناشئتان في مصر من حل مشكلة تعقد سلاسل التوريد: في أبريل الماضي أشرنا إلى أن الحفاظ على التباعد الاجتماعي سيكون من العوامل المهمة للشركات التي تعمل في مجال البنية التحتية للصمود خلال الجائحة.
في الواقع، خلق التباعد الاجتماعي فرصة ذهبية للنمو في قطاع بعينه، وهو الشركات الناشئة التي تركز على سلاسل التوريد. عانت الشركات الكبرى، بما فيها شركات السلع الاستهلاكية سريعة التداول، من صعوبات كبيرة مع التراجع الحاد في الطلب من المستهلكين الذين لزموا منازلهم واعتمدوا على التطبيقات والتجارة الإلكترونية للحصول على احتياجاتهم المختلفة.
ونلقي الضوء اليوم على تجربة تطبيق "مكسب" لربط تجار التجزئة بالموردين، وكيف استطاع تحقيق النجاح في صناعة ضخمة عن طريق سد الفجوات في سلاسل التوريد.
قبل الجائحة، كان كبار التجار يعتمدون على سلسلة توريد معيبة ومتعددة الأجزاء: قبل عام 2020، كانت التجارة الإلكترونية سوق على الإنترنت تعتمد على طلبات مفردة، لمنتج واحد، ويتكفل المورد بنفسه بتوصيلها في أغلب الأحيان. ولم تكن مصر ومنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا تملك البنية التحتية اللازمة للتعامل مع الطلبات الكبيرة المجمعة التي تشمل بضائع وسلع منزلية، حسبما قال محمد عبد العزيز، المؤسس والمدير التنفيذي لبريمور المتخصصة في التجارة الإلكترونية، في حديثه لإنتربرايز. ولكن، تمكنت خدمات توصيل الخضروات والفاكهة من تحقيق طفرة كبيرة مع توجه المستهلكين لطلب منتجات مختلفة بكميات كبيرة، ما استدعى وجود أماكن للتخزين وأساطيل للتوصيل للمنازل.
كيف تعمل سلاسل التوريد عادة؟ يوضح عبد العزيز أن المنتج يمر بين ما يصل إلى ست جهات مختلفة أو أشخاص حتى يصل من المُصنّع إلى المستهلك. فيخرج من المصنع إلى الموزع ثم إلى موزع محلي أصغر ثم تاجر الجملة ومنه إلى تاجر جملة أصغر ثم إلى تاجر التجزئة، حيث يصبح في متناول المستهلك. ويقول بلال المغربل، المدير التنفيذي وأحد مؤسسي تطبيق "مكسب"، إن نقل البضائع الاستهلاكية سريعة الحركة عبر سيارات النقل من المصانع إلى أكثر من 400 ألف محل تجاري في مصر عادة ما ينتج عنه الكثير من الهدر في الوقت والمنتجات.
ينتج عن هذا الوضع قدر الكبير من التفتت في سلاسل التوريد وصعوبة بالغة في جمع المعلومات. يشرح المغربل كيف أن هذا التفتت البالغ يصعب من عملية جمع المعلومات المهمة مثل التغيرات السعرية خلال المراحل المختلفة من عملية التوريد ومرونتها والحصة السوقية للشركة واتجاهات السوق. ثم أتت الجائحة لتصعب الأمور كثيرا وتعطل كل تلك السلاسل التي تتحرك على الأرض.
ما هي حلول تجارة التجزئة التي يقدمها "مكسب" باختصار؟ يعمل تطبيق "مكسب" عبر جمع المعلومات وخلق سلاسل توريد أقل تفتتا. وتملك المنصة، التي يمكن أن يستخدمها تجار التجزئة للحصول على كميات كبيرة من البضائع المختلفة، عملية توريد مكتملة تشمل المخازن وخدمة التوصيل. ويتمكن تطبيق مكسب من خلال المعلومات التي يجمعها من التعرف على التغيرات السعرية والنقص في البضائع المختلفة في الأماكن المختلفة والتنبؤ بحجم الطلب واحتياجات تجار التجزئة في كل منطقة، وملء فجوة البيانات بالنسبة للمصنعين، والسماح لهم بتوقع متطلبات الإنتاج بشكل أفضل.
وككل منصات التجارة الإلكترونية الناجحة، لدى "مكسب" منظومة كاملة لتنفيذ الطلبيات الخاصة بها، بما في ذلك المستودعات وأساطيل التوزيع. وبشكل أساسي، هو نفس النموذج الذي تستخدمه أمازون لضمان تسليم سلعها في نفس اليوم. وزادت شركة مكسب من مساحة مخازنها من 10 آلاف إلى 45 ألف متر مربع، وتمتلك الآن 11 مخزنا في القاهرة الكبرى وطنطا والمحلة والمنصورة.
وتساعد البيانات المستمدة من الطلب شركة مكسب على تحسين خدمة التنفيذ، من خلال تنظيم مخازنها مسبقا. وبالنسبة لتجار التجزئة، يوفر تطبيق مكسب طريقة لطلب المنتجات والكميات التي تحتاجها محلاتهم بالضبط. وبعد أن يطلب تجار التجزئة المنتجات التي يحتاجونها من خلال التطبيق أو الموقع الإلكتروني، يصبح لدى "مكسب" نظرة عامة حول من يحتاج ماذا ومتى. ووفقا لذلك، تتمكن من ملء مستودعاتها في وقت مبكر، وتقدم بكفاءة الكميات الدقيقة والمنتجات المتنوعة المطلوبة مباشرة إلى تاجر التجزئة.
تمكنت "مكسب" من تعظيم العائدات وتوسيع قاعدة المستخدمين خلال الجائحة. خلال 2020، تضاعفت إيرادات مكسب بنحو 4.5 مرة، كما زاد عدد تجار التجزئة النشطين لديها من 8 آلاف إلى 22 ألفا. واليوم، تأتي 92% من طلبيات مكسب عن طريق تطبيق الهاتف المحمول، بعد أن كان 40% منها يتم عبر الموقع الإلكتروني قبل الجائحة. هذا بالإضافة إلى معدل التفاعل العالي، فأكثر من 40% من مستخدمي التطبيق يدخلون عليه يوميا.
ماذا يحدث لتجار التجزئة الصغار عندما لا تستطيع سيولتهم النقدية مواكبة الطلب؟ لمواصلة تلبية الطلبات، يلجأ تجار التجزئة إلى التخزين بكميات كبيرة لتلبية الطلبات المتزايدة، ما يضع ضغطا على الموردين لتوفير مزيد من المعروض، وفي الوقت نفسه يضع تجار التجزئة تحت ضغوط مالية صعبة بسبب الاحتياج إلى سداد دفعات مقدمة مقابل المنتجات التي يشترونها، والمزيد من المخزون يعني الحاجة إلى المزيد من رؤوس الأموال.
ولذلك قدمت "مكسب" خدمات التمويل متناهي الصغر لتجار التجزئة، حتى يتمكنوا من الشراء بتمويلات ائتمانية، وذلك بالشراكة مع شركة التمويل متناهي الصغر كسبانة، حسبما يقول المغربل. وتركز "كسبانة" على الأفراد والشركات التي لا تستخدم الخدمات المصرفية التقليدية، وتستخدم الذكاء الاصطناعي لإنشاء نظام للتصنيف الائتماني المعتمد على سلوك المستخدم، ويحدد قدرته على الوصول إلى الائتمان. والهدف في النهاية هو إنشاء هوية مالية لمن هم خارج النظام المصرفي، أو باختصار أن يتمتعوا بالشمول المالي. وتستهدف "كسبانة" الوصول إلى مليون مستخدم بنهاية 2021، وقد جمعت مؤخرا أكثر من مليون دولار في جولة تمويل تأسيسي، قادها صندوق الاستثمار المصري المغامر المتخصص في التكنولوجيا المالية ديسرابتيك.
كانت شركة مكسب جمعت تمويلا بلغ 6.2 مليون دولار في جولة تمويل تأسيسي في عام 2019، إضافة إلى تمويل في جولة معبرية لم يعلن عن حجمها.
ونتحدث الأسبوع المقبل عن منصة التجارة بريمور التي تعمل على توفير حلول على نطاق صغير لمواجهة تفتت سلاسل التوريد.
أبرز أخبار البنية التحتية في أسبوع:
- إدارة المياه: وزارة الإسكان تطرح تنفيذ مشروعات لمياه الشرب في 192 قرية بمحافظة المنيا بقيمة 1.9 مليار جنيه هذا الأسبوع.
- مترو الأنفاق: أبدت شركة سايبم الإيطالية اهتمامها بالمشاركة في إنشاء الخط السادس من مترو الأنفاق، والذي من المتوقع أن تتولى شركة بكتل الأمريكية تنفيذه.
- تحلية المياه: ستطرح الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي قريبا أمام القطاع الخاص 4 مشروعات لإنشاء محطات تحلية مياه البحر في مدن الحمام وسفاجا والقصير ومرسى علم بإجمالى طاقة 240 ألف متر مكعب يوميا.
- الاتصالات: ستنشئ شركة المصرية للاتصالات مسارا جديدا لكابلات الألياف الضوئية بين البحرين الأحمر والمتوسط بموجب اتفاقية مع كل هيئة قناة السويس وإدارة الإشارة بالقوات المسلحة.
- النقل: تخطط شركة مواصلات مصر لزيادة أسطولها من 300 إلى ألف أتوبيس في غضون عامين.