العلاج بألعاب الفيديو.. أحدث وسيلة لسلامة الصحة العقلية والنفسية

بعكس ما طالما نصح به الأباء أبنائهم.. أصبح العلاج بألعاب الفيديو هو أحدث وسيلة لسلامة الصحة العقلية والنفسية. وقامت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية العام الماضي بالموافقة للمرة الأولى على السماح للأطباء بوصف لعبة "إنديفور آر إكس" للأطفال بين 8 و12 عاما ممن يعانون اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط (ADHD). وقامت شركة أكيلي إنتراكتيف بتطوير اللعبة التي تستهدف علاج الخلل الإدراكي من خلال تقديم تحديات مصممة لتشغيل نظم عصبية مرتبطة بالانتباه. وقامت الإدارة بمنح موافقتها بعد دراسات سريرية شملت 600 مشارك يعانون من اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط، ونشرت إحدى تلك الدراسات في دورية لانسيت الطبية.
ولعبة إنديفور آر إكس هي عبارة عن سباق بألوان ساطعة، يشارك بها إحدى الشخصيات في كوكب يسمى فريجيدوس، ويقوم بالقيادة والتحرك لكسب الجوائز. ويقول معهد فيوتشر توداي في تقرير عن التوجهات التكنولوجية لعام 2021 إن اللعبة تساعد الأطفال ممن يجدون صعوبة في التركيز على الانتباه للعبة و"كسر حلقات التفكير باستخدام نفس التكتيكات النفسية التي تقدمها ألعاب الهواتف المحمولة لحث الناس على بذل المزيد من التركيز أو المال، ولكن لتحسين الحالة النفسية والعاطفية".
ويبدو أن اللعبة ناجحة بحسب الدراسة المنشورة على لانسيت. ونقلت الدراسة عن حوالي نصف الأباء ممن لعب أبنائهم اللعبة لمدة 25 دقيقة يوميا و5 أيام أسبوعيا لمدة 4 أسابيع القول إن ضعف الانتباه لدى أبنائهم انخفض بشكل ملحوظ. وازدادت النسبة إلى 68 مع ممارسة اللعبة لشهر ثان.
ولكن لا تعد اللعبة علاجا بحد ذاته، فاستخدامها يجب أن يكون مصحوبا بعدة أدوات لعلاج اضطرابات الانتباه، وليست بديلا للأدوية أو العلاجات المعروفة الأخرى، بحسب الدراسة.
وكان الإفراط في ممارسة ألعاب الفيديو دوما محط قلق للأباء والأطباء، بسبب ما قد ينتج عنه من اكتئاب بعد البلوغ والتشجيع على العنف والعدوانية لدى الأطفال الصغار وما قد تؤدي إليه من نوبات صرع. ومن بين الأضرار الصحية للإفراط في ألعاب الفيديو المشكلات العضلية ومشكلات العظام والسمنة والنظر، ولكن قال بحث مغاير إن الألعاب قد تشجع على السلوكيات الإيجابية لدى الأطفال مثل المثابرة والصبر والتغلب على الفشل والعمل الجماعي وحل المشكلات.
ازدهار التعليم الترفيهي: مع انتشار الأجهزة الإلكترونية، انتشرت المزيد من الألعاب ذات الأغراض التعليمية التي تستخدم نظام المكافأة لحث اللاعبين على التعلق باللعبة مع إيصال المعلومات المفيدة لهم. وتتوافر العديد من هذه الألعاب حاليا ليستخدمها الأباء والمعلمين مع الأطفال خاصة في فترة العزل المنزلي بسبب "كوفيد-19".
وهل سنرى المزيد من الألعاب العلاجية؟ فالقطاع مستعد للنمو مع النتائج المبدئية المشجعة، ولكن سيستغرق الأمر وقتا لبيان مدى تأثيرها طويل الأمد. كما يمكن استخدام ألعاب الفيديو لأغراض علاجية أخرى مثل السيطرة على الآلام عن طريق تشتيت انتباه المريض عن الألم، والعلاج الطبيعي عن طريق تجسيد الحركة لمن يعانون من ضعف في استخدام الذراع أو الساق، بحسب دراسات. ويقول تقرير لانسيت إن تلك الألعاب قد "تفيد كأساس للعلاج عن بعد لمن يعانون أمراضا مزمنة أو من يجري متابعة حالتهم عن بعد".