ماذا نتوقع من المديرة الجديدة لمنظمة التجارة العالمية؟

تعرضت منظمة التجارة العالمية لاتهامات عديدة على مدار العام الماضي، والذي شهد تقلبات كبيرة في مجالي السفر والتجارة. وكان من بين أبرز ما تعرضت له الشكوك بشأن فعالية المنظمة مع زيادة الإجراءات الحمائية، وآخرها تجاه صناعة اللقاحات المضادة لفيروس "كوفيد-19"، والتي تهدد توزيعه عالميا. تأسست المنظمة عام 1995 بهدف تطبيق قوانين التجارة بين الدول، لكنها عانت أزمة قيادة منذ أغسطس الماضي بعد استقالة المدير العام البرازيلي روبرتو أزيفيدو وحتى تعيين الاقتصادية النيجيرية نجوزي أوكونجو إيويالا الشهر الماضي.
أوكونجو إيويالا هي أول سيدة وأول أفريقية ترأس المنظمة، ويعد تعيينها بمثابة فرصة لبث روح جديدة. ومع توجه الأنظار إليها، إليكم بعض أبرز القضايا التي ستواجهها المديرة العامة الجديدة.
إعادة هيئة الاستئناف للعمل: تجمدت أعمال هيئة الاستئناف، وهي نظام تسوية المنازعات بالمنظمة المكون من 7 أشخاص، منذ أن استخدمت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب حق الاعتراض (الفيتو) على تعيين أعضاء جدد بها، بدعوى أن أحكامها تضر مصالح الولايات المتحدة باستمرار. ودعت أوكونجو إيويالا في كلمة لها بأحد المؤتمرات قبل تعيينها، إلى "لإيجاد حلول للجمود الذي أصيبت به تسوية المنازعات".
الهدف الرئيسي الآن هو تعيين أعضاء جدد كي يتمكنوا من قبول طعون جديدة وإصدار قرارات ملزمة قانونا بشأن النزاعات التجارية الدولية. ولا يعد ترامب الرئيس الأمريكي الأول الذي يمنع تعيين أعضاء بالهيئة على مدار تاريخها، إلا أن الإدارة الجديدة برئاسة جو بايدن ربما تكون أكثر استعدادا لإجراء تفاهمات. وأشارت أوكونجو إيويالا أيضا إلى تعديل قوانين الهيئة، ما ينبئ بأنها قد تغير من الآلية التي تسمح لإحدى الدول بتعطيل عمل الجهاز القضائي للمنظمة.
محاسبة الصين: رفضت بكين الالتزام ببعض متطلبات المنظمة التي انضمت إليها منذ عام 2011، وهو ما أثار اعتراض عدد من الأعضاء أبرزهم الولايات المتحدة، التي اتهمتها بعدم محاسبة الصين على سرقة حقوق الملكية الفكرية لشركات تكنولوجيا أمريكية. كما تفرض الصين رسوما مرتفعة وقيودا أخرى تمنع عدة قطاعات باقتصادها من دخول السوق العالمية والمنافسة، وهو ما يناقض الغرض من إنشاء المنظمة.
أوكونجو إيويالا ألمحت إلى أنها ستلتزم نهجا أكثر هدوءا مما يريده البعض تجاه الصين، مؤكدة أنها ستضمن أن يشعر جميع الأعضاء بوجود توازن عادل بين حقوقهم والتزاماتهم، وهو ما يشير إلى أنها قد تحاول الاستجابة لاحتياجات الصين بدلا من إجبارها على الالتزام بسياسات المنظمة. أما بخصوص العقوبات المتبادلة بين واشنطن وبكين، فقد أعلنت أوكونجو إيويالا أنه "من الواضح للغاية أن الولايات المتحدة والصين استفادت من مساعدات نظام التجارة متعدد الأطراف في السابق"، مشيرة إلى أن نهجها سيتضمن تذكير الطرفين بمزايا التجارة المشتركة مع الاستماع لشكاوى الصين.
ضمان حرية حركة اللقاحات والأدوية: سيكون ضمان حرية الحركة للقاحات والأدوية بين أبرز أولويات أوكونجو إيويالا، التي عملت سابقا كرئيسة للتحالف العالمي للقاحات (جافي). وقالت الرئيسة الجديدة لمنظمة التجارة العالمية إنه "علينا أن نضمن نظاما مفتوحا ومرنا للتجارة على المدى الطويل، ما يسمح بتصدير واستيراد الأدوية والمستلزمات الطبية واللقاحات للدول غير القادرة على تصنيعها". بمعنى آخر، تستهدف أوكونجو إيويالا مساعدة الاقتصادات على التعافي من تأثير "كوفيد-19" باستخدام التجارة كوسيلة للانتعاش الاقتصادي.