استطلاع إنتربرايز يتوقع تثبيت أسعار الفائدة الخميس المقبل
المركزي يتجه لتثبيت أسعار الفائدة في اجتماع السياسة النقدية المقبل: من المرجح في ظل ارتفاع أسعار السلع العالمية وصعود العوائد على أذون الخزانة الأمريكية أن يبقي البنك المركزي المصري على أسعار الفائدة دون تغيير حينما تجتمع لجنة السياسة النقدية بالبنك للنظر في أسعار الفائدة الخميس المقبل، وفق استطلاع للرأي أجرته إنتربرايز. ورجح 12 محللا وخبيرا اقتصاديا ومصرفيا شملهم الاستطلاع سيناريو تثبيت أسعار لفائدة تحسبا من المركزي لقفزة متوقعة في التضخم وعودة التقلبات إلى تدفقات المحافظ الأجنبية بالأسواق الناشئة.
ما هي معدلات الفائدة الحالية؟ يبلغ سعر العائد على كل من الإيداع والإقراض لليلة واحدة حاليا 8.25% و9.25% على الترتيب، فيما يبلغ سعر العملية الرئيسية وسعر الخصم والائتمان 8.75% لكل منها. وأبقى البنك المركزي على أسعار الفائدة دون تغيير منذ نوفمبر الماضي الذي شهد خفضا مفاجئا بواقع 50 نقطة أساس، بعد خفض بنفس القيمة في سبتمبر. وبإضافة الخفض التاريخي في مارس الماضي بواقع 300 نقطة أساس لاحتواء أزمة "كوفيد-19"، يكون المركزي قد خفض أسعار الفائدة بإجمالي 400 نقطة أساس خلال 2020.
ما الذي يزعج صناع السياسات في الوقت الراهن؟
1– قفزة أسعار السلع عالميا: ثمة مخاوف بأن تتضرر مصر كدولة تعتمد على الاستيراد من الطفرة التي تشهدها أسعار السلع الأساسية عالميا أو ما يعرف بالدورة الفائقة للسلع لا سيما قطاعات المعادن والطاقة والأغذية، ما قد يتسبب في قفزة تضخمية بالسوق المحلية. وحتى الآن، كان التضخم السنوي العام في مصر ضعيفا على الرغم من صعوده عالميا على مدار العام الماضي. وارتفع التضخم السنوي العام بالمدن المصرية إلى 4.5% في فبراير من 4.3% في يناير الماضي، لكنه لا يزال بعيدا عن الحد الأدنى من مستهدفات البنك المركزي التي حددها في ديسمبر الماضي عند 7% (±2%). ولم تتأثر أسعار المواد الغذائية في مصر حتى الآن بما يحدث في الأسواق العالمية، والتي سجلت أعلى مستوى لها في نحو 7 سنوات.
لا يقتصر الأمر على العوامل العالمية في دفع الضغوط التضخمية، فثمة عوامل موسمية تمثل ضغوطا تصاعدية ناجمة عن بداية الفصل الدراسي الثاني وموسم رمضان والعيد والتي ستؤثر على أسعار المواد الغذائية خلال الأسابيع المقبلة، وفق ما ذكرته منى بدير كبيرة الاقتصاديين لدى برايم القابضة لإنتربرايز.
ويتوقع المحللون زيادة معتدلة في التضخم خلال الأشهر المقبلة: يستبعد المحللون أن يتجاوز التضخم النطاق المستهدف من البنك المركزي. وقالت إيفون مهانجو محلل الاقتصاد الكلي لدي بنك الاستثمار رينيسانس كابيتال إن التضخم سيستقر في حدود 5% خلال العام الجاري، في حين يتوقع نعمان خالد مساعد مدير البحوث في أرقام كابيتال أن يتراوح التضخم بين 6-7%، فيما يرجح محمد أبو باشا رئيس وحدة بحوث الاقتصاد الكلي لدى المجموعة المالية هيرميس أن يسجل 6%، أما رضوى السويفي رئيسة قطاع البحوث لدى فاروس القابضة فتتوقع أن يصل متوسط التضخم إلى 7% حتى الربع الأخير من العام الجاري، قبل أن يبدأ في الانحسار مجددا.
المركزي سيتوخى الحذر: قالت عالية ممدوح، كبيرة الاقتصاديين لدى بنك الاستثمار بلتون لإنتربرايز إنه "مع استقرار أسعار السلع الغذائية على أساس شهري بعد التراجع الذي شهدته خلال الشهرين الماضيين والذي تزامن مع ارتفاع ملحوظ في الأسعار العالمية للسلع، فضلا عن ارتفاع أسعار البترول، نتوقع الإبقاء على أسعار الفائدة خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية المقبل".
2– ارتفاع العوائد في الولايات المتحدة: أدى الارتفاع الطفيف في عوائد سندات الخزانة الأمريكية هذا العام إلى تقليص التدفقات إلى الأسواق الناشئة، والتي رفعت الأسهم في تلك الأسواق إلى مستويات قياسية. وسجلت الأسواق الناشئة تدفقات خارجة مطلع مارس الحالي وذلك لأول مرة منذ أكتوبر الماضي وسط اتجاه للمستثمرين للتخلص من الأصول عالية المخاطر في الوقت الذي بدأ فيه المحللون ترجيح تكرار مشهد الذعر البيعي المدفوع بمخاوف التضخم وعوائد سندات الخزانة الأمريكية الذي حدث في 2013.
سيشكل ما سبق حيزا كبيرا من تفكير البنك المركزي خلال اجتماعه هذا الأسبوع: قالت السويفي إنه على الرغم من أن أرقام التضخم تعزز خفضا جديدا لأسعار الفائدة بواقع 25-50 نقطة أساس، إلا أن ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية ومخاطر استثمارات المحافظ الأجنبية في الأسواق الناشئة سيدفع لجنة السياسة النقدية للإبقاء على أسعار الفائدة عند مستوياتها الحالية.
تعتمد مصر حاليا على تدفقات رأس المال الأجنبي كمصدر رئيسي للعملة الأجنبية بعد انهيار إيرادات السياحة وتراجع نشاط التصدير، وفق ما صرحت به مونيت دوس، محللة أولى الاقتصاد الكلي وقطاع الخدمات المالية بشركة إتش سي للأوراق المالية والاستثمار، لإنتربرايز. وتابعت "مع ارتفاع عائدات أذون الخزانة في الولايات المتحدة الأمريكية وكذلك الأسواق الناشئة المختلفة مثل تركيا، نعتقد أن البنك المركزي لديه مجال محدود لإجراء المزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة في اجتماعه المقبل".
تجارة الفائدة تحتفظ بجاذبيتها: تقدم أذون الخزانة المصرية بأجل عام عائدا حقيقيا قدره 5.1%، أي أعلى بنسبة 300 نقطة أساس من من العائد الحقيقي في تركيا والتي تعد أبرز منافس لمصر في الأسواق الناشئة.
ومن المرجح أن يبقي المركزي على سياسة حذرة وتحفظية خلال الأشهر المقبلة: يعزز التسارع الأخير في أسعار السلع العالمية، وخاصة أسعار النفط والمواد الغذائية، بالإضافة إلى العوامل الموسمية، الاعتقاد بأن دورة التيسير تقترب من نهايتها وليس من المتوقع حدوث أي تخفيض آخر قبل النصف الثاني من 2021، وفق ما ذكرته بدير.