الشركات والبنوك الكبرى تتدافع على العملات المشفرة رغم التحذيرات
تتجه البنوك والشركات الكبرى في أنحاء العالم إلى زيادة حصصها في العملات المشفرة رغم تقلبات السوق، وهو ما دفع السلطات الأمريكية إلى الشعور بالقلق إزاء تكون "فقاعة تشفير"، وفقا لتقرير وكالة بلومبرج. ومع وصول القيمة السوقية للبتكوين وغيرها من العملات الرقمية إلى 1.47 تريليون دولار، بدأت المؤسسات المالية البارزة تتطلع إلى الاستثمار فيها وتحويل منصاتها المالية لدعم التعامل بها.
من بين تلك المؤسسات مجموعة جولدمان ساكس التي قررت العودة لاستخدام العملة المشفرة منتصف مارس، وفق ما نقلته بلومبرج عن مصادر مطلعة لم تسمها. بينما رفعت شركة مايكروستراتيجي لمعلومات الأعمال حيازتها من البتكوين إلى 4 مليارات دولار، بعدما اشترت ما قيمته 15 مليون دولار في وقت سابق من الأسبوع، وفقا لبلومبرج. وقالت مجموعة بي إن واي ميلون لخدمات بنوك الاستثمار إنها ستبدأ في تسهيل تحويل وإصدار العملات الرقمية، بينما أعلنت ماستركارد الشهر الماضي أنها ستسمح بإجراء عمليات دفع باستخدام "العملات المشفرة المستقرة"، المربوطة بالدولار. وبدورها، أكدت شركة فيزا أنها ستضيف العملات الرقمية إلى شبكتها لو حصلت على اعتراف دولي كوسيلة للتداول، في حين حقق أول صندوق للتداول في البورصة بالبتكوين على مستوى العالم نجاحا خلال أول يومين من إطلاقه في كندا الشهر الماضي.
البنوك المركزية أيضا في الصورة: أصدرت جزر البهاما أول عملة مشفرة لبنك مركزي في العالم (CBDC) أواخر العام الماضي، بينما تعمل الصين على التجربة الثانية لليوان الرقمي (الشنتشن)، بعد طرح دفعة منه في إصدار تجريبي سابق. وتعمل السويد أيضا على دراسة من المنتظر الانتهاء منها في 2022، بعد الإطلاق التجريبي لعملة الكرونة الرقمية العام الماضي.
وقال البنك المركزي المصري في عام 2018 إنه يدرس إصدار عملة رقمية ضمن التوجه الحكومي نحو مجتمع غير نقدي، إلا أنه لم يحدد ما إذا كانت العملة ستخصص للمعاملات بين البنوك أو ستكون مفتوحة للجمهور.
لكن عدم استقرار البتكوين يثير القلق: يفتح تداول العملات الرقمية المزيد من الفرص للتلاعب بالسوق، كما تقول المدعية العامة في نيويورك ليتيسيا جيمس، واصفة العملات المشفرة بأنها "استثمار عالي المخاطر وغير مستقر، ويمكن أن تؤدي إلى خسائر بالغة بنفس السرعة التي تحقق بها المكاسب"، طبقا لتقرير بلومبرج. وتحذر جيمس من أن القيمة الأساسية للعملات الرقمية ذاتية للغاية ولا يمكن التنبؤ بها لأنها غير مرتبطة بعملة أو سلعة ما، وربما يكون من الصعب صرفها، مما يعرض المستثمرين لمزيد من مخاطر الاحتيال.
كبار المستثمرين يصدقون تلك التحذيرات: أعلن الملياردير الأمريكي الخبير في صناديق التحوط دانيال لوب مؤخرا أنه "تعمق كثيرا" في العملات المشفرة وكان متفتحا على كل الخيارات، لكنه لم يصل إلى حد الإعلان عن استثمار. أما الملياردير الآخر بيل جيتس فكان أقل انفتاحا، إذ حذر من أثر تقلبات البتكوين على صغار المستثمرين، فضلا عن التأثير البيئي لعمليات التعدين التي تستهلك الطاقة بكميات ضخمة.
2021 عام عدم الاستقرار: أدى استثمار شركة تسلا 1.5 مليار دولار في البتكوين فبراير الماضي إلى ارتفاع سعر العملة لمستويات قياسية، ولم يكن ليوقفها إلا تعليق من مالك تسلا إيلون ماسك نفسه، قال فيه إن سعر البتكوين "يبدو مرتفعا". وتراجعت العملة المشفرة الأكثر شهرة بنسبة 20% الأسبوع الماضي وسط انخفاض عام في الأسهم، وهو أسوأ تراجع لها منذ الموجة البيعية في مارس التي تسبب فيها وباء "كوفيد-19"، إلا أنها ارتدت مجددا إلى مستويات تجاوزت المستويات المرتفعة التي كانت عليها قبل الركود.