حوار مع مساعد وزير العدل للتحكيم والمنازعات الدولية مصطفى البهبيتي

إنتربرايز تحاور المستشار مصطفى البهبيتي مساعد وزير العدل للتحكيم والمنازعات الدولية. خلال السنوات الأربع الماضية، بذلت الحكومة المصرية جهودا كبيرة لتحقيق طفرة في ملف منازعات الاستثمار والتحكيم الدولي مع الشركات متعددة الجنسيات. تضمنت هذه المنازعات ملفات كبرى كان أبرزها يونيون فينوسا جاس جراء قطع إمدادات الغاز إلى مصنع الإسالة بدمياط الذي تديره الشركة منذ 2012. وقد تمت تسوية النزاع في ديسمبر الماضي، ما يمهد لإعادة تشغيل المصنع بعد 8 أعوام على إيقافه.
وفي محاولة للوقوف على كيفية تعامل الحكومة في ملف النزاعات الدولية والتعرف على الخطوات التي اتخذتها الدولة لرفع مستوى بيئة التحكيم محليا، حاورت إنتربرايز المستشار مصطفى البهبيتي مساعد وزير العدل للتحكيم والمنازعات الدولية، ومقرر الهيئة العليا للتحكيم الدولي، ورئيس الأمانة الفنية بلجنة تسوية منازعات عقود الاستثمار.
ومن أبرز نقاط الحوار:
- نجحت لجنة تسوية المنازعات في تسوية 45 نزاعا بقيمة تجاوزت 20 مليار دولار
- تسوية نزاع طنطا للكتان خلال شهر ..لا تزال النيل لحليج الأقطان وعمر أفندي قيد المفاوضات
- مصر في طريقها لتكون مركزا إقليميا للتحكيم في المنطقة.. محكمة التحكيم الدائمة تفتتح مقرا في مصر قريبا
- نظرة على الصلاحيات الجديدة لهيئة التحكيم
التسويات جنبت الخزانة العامة للدولة أعباء تتجاوز قيمتها 20 مليار دولار في الأربع سنوات الماضية، إذ نجحت الأمانة الفنية للجنة تسوية منازعات الاستثمار، في تسوية ما يزيد عن 45 دعوى تحكيمية ونزاعا استثماريا خلال تلك الفترة، وفق ما ذكره المستشار البهبيتي. ومن أبرز هذه الدعاوى تلك الخاصة بشركة غاز شرق المتوسط (إي إم جي) ويونيون فينوسا جاس، وآخرها أجريوم في ديسمبر الماضي. ومن بين التسويات الأخرى الخلود للتنمية العقارية والسياحية والمراجل البخارية وإعمار مصر مع النصر للإسكان حول أرض مشروع "أب تاون كايرو".
وهناك تقدم في العديد من القضايا والمنازعات الأخرى: من المتوقع الانتهاء من نزاع طنطا للكتان والزيوت مع المالك السعودي السابق في غضون شهر، وفق البهبيتي. ويعود النزاع إلى صدور حكم في 2013 يقضي بعودة الشركة من الخصخصة، وهو ما دفع المستثمر السعودي إلى المطالبة بتعويضات تراوحت بين 500 مليون إلى مليار جنيه مقابل التنازل عنها لصالح الشركة القابضة للصناعات الكيماوية. وتعمل الحكومة أيضا على تسوية نزاع النيل لحليج الأقطان والتي جرى إلغاء خصخصتها أيضا، وأوضح البهبيتي أن وزارة قطاع الأعمال العام تتولى دراسة الحل المناسب لتسوية هذا النزاع.
تعويض مستثمري الشركات العائدة من الخصخصة: تهدف الحكومة إلى تسويات النزاعات المتعلقة بملف الشركات العائدة من الخصخصة ومنها عمر أفندي والنيل لحلج الأقطان وتعويض المستثمرين عن الخسائر الناجمة عن إلغاء الخصخصة وعودة تلك الكيانات إلى ما كانت عليه قبل الخصخصة، لكنه ذلك يستغرق بعض الوقت ربما لمدة عام للانتهاء من تقييم الشركة حاليا ووقت الخصخصة وغيرها من المسائل الفنية.
وماذا عن تسوية نزاع عمر أفندي؟ على الرغم من توصل الحكومة إلى تسوية مع مؤسسة التمويل الدولية، حول المديونية المستحقة على شركة عمر أفندي التابعة للشركة القابضة للتشييد والتعمير، لكن لا يبدو أنها اقتربت من التوصل إلى تسوية مع المستثمر السعودي جميل القنيبط مالك شركة أنوال المتحدة حول بطلان عقد بيع الشركة له منذ 10 سنوات. وطرحت الشركة القابضة للتشييد والتعمير العام الماضي مقترحا لإنهاء النزاع القائم بشأن شركة عمر أفندي التابعة لها مع شركة أنوال السعودية ومالكها مقابل تسوية مالية لم يتم الإفصاح عن قيمتها، لكن المستشار البهبيتي يقول "إنه لا يستطيع القدوم إلى مصر ولا نستطيع مواصلة المفاوضات.. هناك اختلاف في تقييم الخسائر والمستحقات وهناك لجان تفحص هذا الملف"، مرجحا أن يستغرق هذا الأمر عاما للانتهاء من عمليات التقييم.
محكمة التحكيم الدائمة تفتتح فرعا لها في مصر قريبا: أكد مساعد وزير العدل أن هناك اتجاها قويا بناء على توجيه رئيس الجمهورية باستقدام مراكز التحكيم الدولية الكبرى لإنشاء فروع لها في مصر، كي تصبح مصر مركزا لنشاط التحكيم في المنطقة. وتابع:
"تم الاتفاق مع محكمة التحكيم الدائمة (بي سي إيه) ومقرها لاهاي على افتتاح مقر لها في القاهرة، وفي الأغلب سيكون في العاصمة الجديدة". وشدد على أن استقطاب هذه المؤسسة للعمل في مصر سيؤهلها لتصبح مركزا لأنشطة التحكيم في الشرق الأوسط بأكمله، مضيفا أنه يعتزم أيضا جذب محكمة التحكيم الدولية لافتتاح مقر لها في مصر.
صلاحيات موسعة للهيئة العليا للتحكيم: أصدر مجلس الوزراء العام الماضي بتنظيم الهيئة العليا لدراسة وتقديم الرأي في قضايا التحكيم الدولي واستبدل اسمها لتصبح الهيئة العليا للتحكيم والمنازعات الدولية ويرأسها رئيس الوزراء وتضم في عضويتها محافظ البنك المركزي و7 وزراء وممثلين عن القوات المسلحة والمخابرات. منح القرار الهيئة صلاحيات جديدة من أهمها الإشراف على كافة القضايا التحكيمية في مصر سواء كان تحكيما استثماريا أو تجاريا وإبداء الرأي في كافة القضايا المعروضة أيا كانت الجهة التي تباشر الدعوى واختيار مكاتب المحاماة وتعيين المحكمين ومكاتب الخبرة، حسبما أوضح البهبيتي. وأضاف أن الهيئة تتولى أيضا مراجعة عقود الاستثمار التي تبرمها الدولة أو إحدى الجهات التابعة، حتى لا يكون هناك ثغرات في العقد أو صياغة تخل بمصالح الجهة التابعة للدولة فيما بعد. وتابع "لا نتدخل في البنود الفنية والمالية لكن نتدخل في البنود الحاكمة في العقود مثل البنود الخاصة بالتحكيم أو التوازن المالي أو القوة القاهرة وغيرها".
لماذا ظهرت الحاجة إلى إعادة تشكيل الهيئة؟ بسبب الحاجة لضبط وحصر ما يتعلق بجميع القضايا التحكيمية التي تقام ضد الدولة المصرية أو ضد وزاراتها أو مصالحها أو الشركات التابعة وجميع الكيانات التي تساهم فيها الدولة بأي قدر. وكذلك بسبب الحاجة لتوحيد الدفاع، فضلا عن وضع الأسس لتلافي مسببات إقامة مثل هذه الدعاوى ضد الدولة المصرية، مع إيجاد حلول سريعة لها، حسبما أوضح البهبيتي. وأضاف "بالفعل نجحت الهيئة منذ تأسيسها بالتعاون مع اللجنة الوزارية لفض منازعات الاستثمار في وضع خريطة كاملة للقضايا التحكيمية في مصر وقلصت من عدد القضايا التحكيمية المقامة ضد البلاد وساهمت وما زالت تساهم في نشر الوعي التحكيمي لدى الأجهزة الحكومية والشركات التابعة للدولة".
من المتوقع أن تجني الدولة ثمار الجهود التي بذلت في ملف تسوية المنازعات والتحكيم ويظهر مردودها على الاستثمار نهاية العام الجاري أو مطلع العام المقبل، وفق البهبيتي. واختتم "سيختلف الوضع التحكيمي في مصر تماما بحلول هذا التوقيت ليس فقط من حيث عدد القضايا وإنما حتى في ممارسة ومباشرة العمل التحكيمي وانتشار هذه الثقافة وعدد المحكمين".