"دبلوماسية البنية التحتية" في المنطقة تفتح شهية شركات المقاولات المصرية
"دبلوماسية البنية التحتية" في المنطقة تفتح شهية شركات المقاولات المصرية: وقع رئيس مجلس الوزراء مصطفي مدبولي في أكتوبر الماضي 15 مذكرة تفاهم مع نظيره العراقي مصطفى الكاظمي في مجالات مختلفة بينها النفط والموارد المائية والإنشاءات والإسكان والنقل وغيرها. وتنص الاتفاقيات على قيام شركات مصرية بتنفيذ مشروعات تنموية في العراق وتقديم الاستشارات مقابل كميات النفط التي ستستوردها مصر. وتعد اتفاقيات "النفط مقابل إعادة الإعمار" المصرية العراقية هي أبرز محطات قطار دبلوماسية البنية التحتية التي تنتهجها مصر، وهي شكل من أشكال التعاون الاقتصادي وتقديم الخبرات في مجال البنية التحتية لدعم الأهداف الدبلوماسية والاستراتيجية للبلاد.
وأعرب عدد من شركات المقاولات التي تحدثت إلى إنتربرايز عن حماسها تجاه الاتفاقيات. وعلى الرغم من احتمال تأخير تنفيذ الاتفاقيات بسبب انتشار "كوفيد-19" في موجته الثانية، ترى الشركات أنها فرصة لتحقيق مكاسب في ظل الركود الناتج عن انتشار الفيروس، بالإضافة إلى تعزيز أعمالهم في الخارج.
ولكن أولا: لم يتفق البلدان بعد على كيفية عمل آلية "النفط مقابل إعادة الإعمار"، مما يجعل الشركات لا تعرف حتى الآن، كيف ومن سيسدد لها مستحقاتها. وتميل الشركات إلى آلية لا تنطوي على متأخرات كبيرة، ولكن لن يجري التفاوض في هذا الأمر حتى يتفق مسؤولو البلدين على الترتيبات الأساسية. وتسعى الشركات أيضا إلى الحصول حوافز مختلفة قبل أن توقع بنفسها، كما تحتل الضمانات الأمنية للعاملين والمعدات أولوية كبيرة بالنسبة للشركات.
المشروعات: لم يعلن بعد عن قائمة كاملة بالمشروعات التي ستشارك فيها مصر بالعراق، ولكن يمكن التعرف على بعضها من خلال الاجتماعات التي عقدها وزراء ومسؤولين مصريين مع نظرائهم العراقيين الشهر الماضي. ومن المتوقع الإعلان عن القائمة الكاملة للمشروعات قريبا. ويقول محمد سامي، رئيس الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء ومساعد رئيس شركة المقاولون العرب سابقا، إن الإسكان منخفض التكاليف سيحتل أولوية خاصة بسبب الحروب التي خاضها العراق في العقدين الماضيين. ومن مجالات التعاون المحتملة أيضا:
- الكهرباء: يسعى العراق لجذب شركات الطاقة المصرية لتوفير المعدات وإعادة بناء شبكة الكهرباء العراقية.
- البنية التحتية الأساسية: يهدف العراق لجذب القطاع الخاص المصري لإنشاء الطرق وتطوير الزراعة ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة والاستثمار في البنية التحتية.
- الأدوية: يشمل التعاون في تطوير وصناعة الدواء وتوفير التدريب للفرق الطبية.
- التعدين: ويشمل تدريب العاملين العراقيين في القطاع التعديني والمسح الجيولوجي.
- نظام التذاكر الموحد للنقل البري: يبحث وزراء النقل في مصر والعراق والأردن إمكانية تطبيق نظام تذاكر موحد لتغطية الطرق البرية بين الدول الثلاث.
والبقية تأتي: قد تؤدي هذه الاتفاقيات إلى اتفاقية أكبر تتضمن مشروعا للربط الكهربائي وخطوط نفط وغاز بين مصر والعراق مرورا بالأردن، حسبما ذكرت وزارة التعاون الدولي في أكتوبر الماضي. وتأتي الاتفاقيات ضمن سياسة أوسع للتوسع في البنية التحتية الداعمة للاتصال بالمنطقة لتعزيز الاستقرار، بحسب تصريحات وزيرة التعاون الدولي رانيا المشاط لإنتربرايز.
وأظهرت الشركات المصرية شهية كبيرة تجاه الاتفاقية، في انتظار قائمة بالمشروعات المستهدفة في جميع قطاعات البنية التحتية قبل إتمام التوقيعات، بحسب رئيس الاتحاد الأفريقي للمقاولات، حسن عبد العزيز. ويتفق في ذلك سامي، الذي يتوقع أن تنوع مجالات المشروعات في العراق لتشمل جميع الشركات المصرية في القطاع. ويقول طارق شكري، رئيس غرفة التطوير العقاري باتحاد الغرف التجارية ورئيس مجموعة عربية القابضة، إنه من المقرر أن يلتقي مع وزارة الإسكان لبحث إمكانية جذب المزيد من المستثمرين للمشروعات في القطاع.
الشركات المصرية مهيأة بالفعل للاستفادة من المشروعات في العراق، حيث يوجد لديها عمليات بالفعل هناك، ومن بينها المقاولون العرب وأوراسكوم كونستراكشون وبتروجت وسامكو الوطنية للتشييد. وشاركت المقاولون العرب في تطوير مشروعات البنية التحتية الخاصة بالمياه، طبقا للمتحدث باسم الشركة أسامة حسين، فيما أنشأت أوراسكوم كونستراكشون محطة كهرباء بقدرة 1.6 جيجاوات هناك عام 2019 (بي دي إف) بالتعاون مع سيمنس الألمانية.
ويرى البعض أن العراق قد يمثل نقطة إنطلاق للشركات المصرية للتوسع في المنطقة. قدر المسؤولون العراقيون حجم الاستثمارات في قطاع الإسكان وحده في العراق وسوريا بـ 400 مليار دولار، بحسب ما ذكره محمد البستاني، رئيس مجلس ادارة شركة البستاني للتنمية العمرانية ورئيس جمعية المطورين العقاريين بالقاهرة الجديدة.
وتسعى الحكومة إلى تطبيق النظام في دول أخرى وخاصة في أفريقيا. وتقول المشاط لإنتربرايز إن مصر تسعى للاستفادة من خبراتها الفنية وموقعها الاستراتيجي في أفريقيا لخدمة القارة، مضيفة أن الرئيس عبد الفتاح السيسي دعا خلال الاجتماع التنسيقي الثاني بين الاتحاد الأفريقي والمجتمعات الاقتصادية الإقليمية للتحرك والجهد الجماعي لتطوير البنية التحتية الأفريقية في ضوء جائحة "كوفيد-19". ويوضح خالد صديق، مساعد وزير الإسكان، إن هناك مفاوضات جارية في هذا الإطار مع كينيا وتنزانيا وليبيا ودول أخرى خارج القارة مثل باكستان.
ومن الذي سيدفع لتلك الشركات؟ تسعى الشركات لقيام الحكومة بوضع آلية للسداد يضمن تحويل الأموال دون تأخير، بحسب تصريح رئيس الاتحاد المصري للمستثمرين، محرم هلال، لإنتربرايز. وقد يضمن ذلك تجنب المشكلات التي واجهتها الشركات المصرية المشاركة في إعادة إعمار الكويت عقب حرب الخليج الأولى.
ويوضح عبد العزيز أن هناك آليتان قيد الدراسة من قبل الحكومة. وتتضمن الأولى قيام الحكومة العراقية بالسداد للشركات المصرية مباشرة مقابل واردات النفط الذي تدفعه مصر، بينما تتضمن الثانية قيام الحكومة المصرية بالدفع للحكومة العراقية مقابل النفط. ويوضح هلال أن الآلية الثانية هي الأكثر ترجيحا لتوفيرها العملة الصعبة التي قد تضطر الحكومة لدفعها للعراق مقابل شحنات النفط.
كما يقترح عبد العزيز تخفيض رسوم مواد التنمية والصادرات من مواد البناء وخاصة الإسمنت. ويوضح أن التخفيض سيحفز المقاولين من خلال استخدام مواد بناء أقل تكلفة وقد يساعد على دعم صناعة الإسمنت التي تواجه صعوبات وتحتاج لفتح أسواق تصديرية. وتفرض وزارة المالية على طن الأسمنت، الذي يتراوح سعره بين 600 و700 جنيه، رسوم تنمية بـ 35 جنيها وضريبة خدمة مضافة بـ 14%.
وتسعى الشركات إلى ضمانات وحوافز للالتزام بالمشاركة، وأهمها الأمان، بحسب مسؤولي الشركات. ويجب أن تتضمن الاتفاقيات والعقود بنودا تضمن سلامة أرواح الموظفين المصريين ومعداتهم، بحسب شكري.
وأخيرا، تريد الشركات إيضاحا حول العمالة المشاركة في المشروعات، سواء كانوا عمال مصريين أو عراقيين أو صينيين، بحسب شكري، والذي طالب بإيضاح إجراءات تسهيل حصول المصريين منهم على التأشيرات اللازمة.
أبرز أخبار البنية التحتية في أسبوع:
- السكك الحديدية: ستعمل شركتا أوراسكوم كونستراكشون والمقاولون العرب مع شركة سيمنس الألمانية لإنشاء منظومة للقطار الكهربائي السريع بتكلفة 23 مليار دولار، وذلك بموجب مذكرة التفاهم التي وقعها التحالف مع الهيئة القومية للأنفاق في وقت سابق من الأسبوع الحالي.
- السيارات الكهربائية: تخطط الحكومة لإنشاء 3 آلاف نقطة شحن للسيارات الكهربائية على مستوى الجمهورية خلال الثلاث سنوات المقبلة.
- التحول نحو الغاز الطبيعي: تقدم نحو 30 ألف شخص بطلبات لإحلال وتحويل سياراتهم للعمل بالغاز الطبيعي، وذلك ضمن خطة الحكومة لإحلال وتحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي.
- المياه: اختارت الوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ) شركة أتكينس البريطانية للاستشارات البيئية للعمل مع شركة كيمونكس المصرية للاستشارات، لتحسين إدارة الموارد المائية في مصر.
- معالجة مياه الصرف الصحي: افتتحت شركة مياه البحر الأحمر محطة جديدة لمعالجة الصرف الصحي بمرسى علم بطاقة 700 متر مكعب يوميا، لاستخدامها في الري.
- الصادرات: ارتفعت صادرات الصناعات الهندسية بنسبة 8% على أساس سنوي في النصف الأول من العام المالي الحالي 2021/2020، لتسجل 1.34 مليار دولار، وفق بيان المجلس التصديري للصناعات الهندسية (بي دي إف).