السفر في ما بعد 2020
كان السفر من أولى القطاعات وأكثرها تضررا جراء جائحة "كوفيد-19". ونظرا لأن عمليات الإغلاق التي شهدتها دول العالم أدت إلى وقف حركة السفر سواء للأعمال أو الترفيه، فإن القطاع يمكن أن يخضع لتغييرات دائمة حيث أن الكثيرين أصبحوا الآن يعيدون النظر في الجوانب الخاصة بالأمان في الرحلات الجوية، وجدوى السفر بغرض العمل ووجهات العطلات التي يختارونها.
قد نحتاج إلى جوازات سفر المناعة كي نتمكن من السفر: قد يصبح الدور المستقبلي لـ "جوازات السفر المناعة" – وهي شهادة تثبت تلقي التطعيم ضد فيروس "كوفيد-19" – ضروريا للمسافرين في المستقبل. وقد أصبحت صناعة الطيران، التي تضررت بشدة جراء الوباء، داعما بشدة لهذه الفكرة. ويعمل الاتحاد الدولي للنقل الجوي حاليا على تقديم نوع مماثل لهذا المخطط وأطلق عليه اسم "مبادرة جواز السفر"، والذي سيمكن الحكومات من مشاركة المعلومات الخاصة بالاختبارات الخاصة بالكشف عن الفيروس وأيضا المعلومات حول التطعيم، كما سيمكن للمسافرين استخدام تطبيق للتحقق من اختباراتهم و تلقيهم للتطعيم ضد الفيروس.
ما زال من غير الواضح حتى الآن إلى أي مدى ستصبح جوازات سفر المناعة أمرا معتمدا على نطاق واسع. وقدمت منظمة الصحة العالمية رسائل مربكة حول هذا الموضوع، إذ قالت أثناء التعاون مع دول مثل إستونيا لإعداد برنامجها الخاص، إنها لن توصي بجوازات السفر تلك. ومما لا شك فيه أن شركات الطيران ستشترط الحصول على جوازات سفر المناعة بغض النظر عن بلد المغادرة والوجهات، في حين أثارت جماعات حقوقية تساؤلات تتعلق بخصوصية البيانات، ودعت مقدمي الخدمات إلى دمج الحماية في التقنيات الخاصة بها. ومن المحتمل أيضا أن تتجزأ السوق مع انضمام اتحاد النقل الجوي الدولي (إياتا) وغيره إلى تطبيق صحة السفر CommonPass، وهو تطبيق رائد في المجال يعرض ما إذا كان المستخدمون قد ثبتت سلبية نتائجهم الخاصة بفيروس "كوفيد-19".
مستقبل صناعة السفر أصبح غير مؤكد: بسبب الوباء اكتشف المتخصصون كم هو ملائم عقد المؤتمرات عبر الفيديو بدلا من السفر في رحلة طيران طويلة من أجل عقد اجتماعات العمل. وفي حين يزعم رؤساء شركات الطيران الكبرى على نحو متفائل أن حركة الطيران الدولي لأغراض الأعمال ستعود إلى طبيعتها، يقول آخرون مثل بيل جيتس إن ما يقرب من نصف حركة الطيران تلك ستكون شيء من الماضي. وقالت صحيفة وول ستريت جورنال في تقرير لها استطلعت فيه آراء خبراء صناعة الطيران والسفر إن ما بين 19 إلى 36% من الرحلات الجوية لن تعود مجددا. كما أن حركة السفر بغرض الأعمال لديها سجل تعافي أبطأ مقارنة بالسفر بغرض الترفيه بعد فترات التراجع الاقتصادي، إذ تستأنف حركة السفر الإقليمية والاجتماعات الشخصية مع العملاء أولا. ولسوء الحظ، فإن أسعار رحلات الطيران الخاصة بالشركات تدعم السفر الترفيهي، لذا فإن التغيرات التي يشهده أحد القطاعات تؤثر على القطاع الآخر.
من المحتمل أن يستمر الاتجاه لعدم السفر: تقوم شركات حجز الفنادق ورحلات الطيران حاليا بتهيئة أوضاعها بالفعل مع الواقع الجديد المتمثل في عدم الرغبة في قضاء العطلات في مناطق بعيدة من العالم وتفضيل الوجهات الأقرب. وأظهر تقرير أن معظم الأشخاص في الولايات المتحدة باتوا يفضلون قضاء عطلاتهم في المنزل، كما شهدت مواقع حجز العطلات في بريطانيا قفزة في عمليات البحث عن الوجهات المحلية، كما شهد مزودي خدمات الضيافة في أستراليا الكثير من الرواج لأعمالهم بعد أن اضطر المواطنون إلى إلغاء رحلاتهم الخارجية. كما يتجه البعض للرحلات المحلية والمشاركة مع المجتمعات المحلية، كما أن هناك ازديادا في الاتجاه لتعلم المهارات خلال أوقات الراحة، إلى جانب زيادة الوعي البيئي.