جائحة "كوفيد-19" وفرصة لتغيير الطريقة التي نفكر بها تجاه التعليم
التعليم بدون مدارس: كان هذا العام مليئا بالتحديات لكل من الطلاب والمعلمين وأولياء الأمور على حد سواء، إذ تسببت جائحة "كوفيد-19" في أكبر اضطراب عالمي لمنظومة التعليم على الإطلاق، وخسر أكثر من 1.5 مليار طفل وقت التدريس الثمين مع إغلاق المدارس، مما دفع قادة التعليم والمعلمين إلى الابتكار باستخدام التقنيات الجديدة، ودفع أيضا الحكومات لتسريع وتيرة الاستثمار في البنية التحتية الرقمية لمواصلة تقديم المناهج الدراسية.
ليس الوسيط وحده الذي يمكن أن يتغير: لقد كتبنا الكثير خلال هذا العام حول دور التكنولوجيا وكيف أنها يمكن أن تجعل المدارس التقليدية أقل أهمية في عملية التعلم (يمكنكم مطالعة إصدار شهر أكتوبر من نشرة "ثروتك"" لمزيد من الإيضاح). إلا أن الجائحة يمكن أن تشجع أيضا على إجراء تغييرات أساسية أخرى في نظام التعليم، وذلك بتأثير غير مباشر بالتكنولوجيا. وقال سامي نصار، الأستاذ بالجامعة المصرية للتعلم الإلكتروني الأهلية، إن الأزمة الحالية تزيد من أهمية قيام صانعي السياسات تغيير الموضوعات التي ندرسها لأطفالنا. ودعا نصار خلال كلمة له في إحدى فعاليات للأمم المتحدة (بي دي إف)، الحكومات العربية إلى التركيز بشكل أكبر على محو الأمية الرقمية وتعليم المهارات التكنولوجية المتقدمة التي ستكون ضرورية لما يسمى بالثورة الصناعية الرابعة.
المعلمون قد يواجهون أزمة هوية: إن زيادة الاعتماد على التكنولوجيا يمكن أن يدفع المعلمين إلى إعادة التفكير في أدوارهم كمعلمين، إذ يتزايد بشكل أكبر من أي وقت مضى أعداد الطلاب الذين يحصلون على المعرفة بضغطة زر. لهذا سيتعين على المعلمين أن يعلموا الأطفال مهارات انتقاء ما يحتاجونه بين هذا الكم الهائل من المعلومات التي تتاح لهم من خلال مهارات مثل التفكير النقدي والمناقشة والمسؤولية.
قد يكون هناك الكثيرون الذين سيتخلفون عن الركب في مستقبل التعلم الرقمي: يتطلب التعليم عن بعد أشياء قد لا تكون متاحة بسهولة في العديد من العائلات، مثل إمكانية الوصول إلى الآلات ووجود الإشراف المناسب، ويفضل أن يكون ذلك في مكان هادئ وخالٍ من العوائق. إن التكنولوجيا لا توزع بالتساوي على نطاق عالمي أو محلي، كما أنه في العديد من المواقف قد لا يتمكن الآباء من تحمل تكاليف البقاء في المنزل مع أطفالهم. وعلى الرغم من أن عام 2020 قد شهد توسعا كبيرا في تكنولوجيا التعليم في أفريقيا، فإن 19 مليونا فقط من أصل 450 مليون طفل في القارة الأفريقية يستخدمون تكنولوجيا التعليم بالفعل، ومعظمهم يشاهدون البرامج التعليمية التلفزيونية. وفي مصر، هناك حوالي 8 ملايين شخص فقط مشتركين في خدمات الإنترنت الأرضي من بين عدد سكان يبلغ أكثر من 100 مليون نسمة، كما أن العديد من الأطفال في المناطق الريفية لا يمكنهم الوصول إلى جهاز كمبيوتر محمول أو جهاز تابلت لمشاهدة الدروس عبر الإنترنت.
الجانب المشرق: يمكن أن تؤدي الفجوة الرقمية المتزايدة إلى الضغط على صانعي السياسات لزيادة الإنفاق على قطاع التعليم، وتزويد المجتمعات الريفية بالبنية التحتية الرقمية اللازمة لتقديم موارد التعلم عن بعد.
دعونا لا ننسى فوائد الفصول المدرسية: بغض النظر عن إيجابيات التعلم عن بعد، فإن الأطفال يفوتهم الكثير من التجارب الاجتماعية القيمة التي سيحصلون عليها داخل الفصول المدرسية، إذ تؤثر التفاعلات وجها لوجه على أداء الطفل وأيضا على معنوياته وإنتاجيته، فيما يمكن أن يكون للجلوس أمام الشاشة طوال اليوم من أجل التعليم والترفيه تأثير سلبي على نموهم. وقالت وزيرة التعليم الفنلندي لي أندرسون: "لا يمكن للتعلم عن بعد أن يحل محل الفصول المدرسية بشكل كامل. إن المدارس تمثل أكثر بكثير من مجرد أماكن للتعلم، فهي توفر شبكات اجتماعية، وتوفر أيضا الأمان والرفاهية للأطفال والشباب".
الفصول الدراسية لن تصبح شيئا من الماضي: على الرغم من أن التكنولوجيا قد توفر أدوات تربوية أفضل وإمكانية وصول أفضل إلى المعلومات، من الصعب تخيل أن المدارس ستواجه أزمة وجودية في أي وقت قريب. فبدلا من ذلك، من المرجح أن يستقر معظمنا على واقع جديد يتمثل في التعلم المدمج، حيث تلعب التكنولوجيا دورا أكبر في التعلم داخل الفصل.