فلنتخيل ما يمكن أن يحدث للاستثمارات مع انتهاء أزمة "كوفيد-19" وخفض أسعار الفائدة
نود أن نوضح عدة أمور من البداية، كي يكون جميعنا نتحدث نفس اللغة؟
أولا: هذا التقرير قائم على البيانات الموجودة في "متعقب الاستثمار" الخاص بنشرة إنتربرايز، والذي نقوم فيه بتسجيل أهم البيانات الواردة في جميع الأخبار التي نغطيها تحت هذا الموضوع. ولهذا فلابد من القول أن هذا العمل ليس مكتملا – فالكثير من الشركات تقوم باستثمارات دون الإعلان عنها، ولا سيما (أ) الشركات الصغيرة والمتوسطة و (ب) الشركات التي تفضل العمل بعيدا عن الأضواء وغير المدرجة للتداول. ولكن بعد ست سنوات من القيام بذلك، أصبحنا على قناعة بأنه يقدم صورة للاتجاهات خلال العام مقارنة بالذي يسبقه.
ثانيا: البيانات الواردة في التقرير لا تغطي المصروفات التشغيلية، إذ أن ما تدفعه لتشغيل مصنعك وتسيير الأمور اليومية ليس بندا ضمن الميزانية العمومية – فهو يُدرج في بيان الدخل كمصروفات تشغيلية. ويغطي المتعقب الخاص بنا النفقات الرأسمالية – المعلن عنها أو المنفذة. إنها الأشياء التي تتضمن تمويل الشركات لأشياء من تدفقاتها النقدية، عن طريق الحصول على القروض أو إصدار حقوق الملكية، أو من خلال الأرباح المحتجزة.
ثالثا: العديد من الشركات تفضل عدم الإفصاح عن قيمة استثماراتها، كما هو الحال في صفقات الدمج والاستحواذ (كما هو مذكور أعلاه).
إذًا، ومع وضع هذه الأمور في الاعتبار، دعونا نتساءل كيف كان أداء الاستثمارات خلال عام 2020؟ ليس بهذا السوء الذي قد تتخيلونه.
لقد تناولنا 92 استثمارا بقيمة إجمالية 403 مليارات جنيه في عام 2020 – ونقول مرة أخرى، ينبغي أن نضع في اعتبارنا أن هذا الرقم غير دقيق ولا يمكنك استخدامه لحساب المتوسط: ولم يتحدد في 16 من الاستثمارات التي تحدثنا عنها قيمة تلك الصفقات.
خلال عام 2019، قمنا بتناول 97 استثمارا بإجمالي قيمة 690.5 مليار جنيه. وجرى إلغاء استثمارات بقيمة تزيد عن 200 مليار جنيه من تلك التي تحدثنا عنها العام الماضي، بما في ذلك محطتين لتوليد الكهرباء بطاقة "الفحم النظيف" تبلغ قيمتهما حوالي 9 مليارات دولار.
وفيما يلي أهم ثلاث صناعات جاذبة للاستثمار في عام 2020، من حيث القيمة:
- البنية التحتية، والتي شهدت استثمارات بقيمة 168 مليار جنيه، بفضل الشركة الوطنية لصناعات السكك الحديدية، التي تأسست بين الحكومة والقطاع الخاص، وعرضت الحكومة حصة الأغلبية بها لشركات القطاع الخاص
- الاتصالات والتكنولوجيا، وذلك باستثمارات بلغت 35 مليار جنيه، إذ أعلنت شركات أورانج وفودافون مصر واتصالات مصر والمصرية للاتصالات عن خطط بمليارات الجنيهات لتحديث الشبكات الخاصة بكل منها.
- البنوك والخدمات المالية، باستثمارات بقيمة 31 مليار جنيه.
وأكمل المراكز الخمسة الأولى للاستثمارات من حيث القيمة خلال عام 2020: التجزئة والتصنيع.
وبالمقارنة، كانت أهم الصناعات من حيث القيمة خلال عام 2019 هي الطاقة (290 مليار جنيه)، والنفط والغاز (92 مليار جنيه)، والتجزئة (68 مليار جنيه)، والعقارات (68 مليار جنيه)، والرعاية الصحية (34 مليار جنيه).
القطاع رقم 1 من حيث عدد الصفقات هذا العام والعام الماضي: التصنيع.
جاءت أكبر الارتفاعات في الاستثمار خلال هذا العام من حيث القيمة في البنوك والخدمات المالية (بزيادة 13 مرة)، تلتها البنية التحتية (+540%)، والتصنيع (+164% بفضل الدفعة التي جاءت أواخر العام)، والاتصالات (+96%).
فما هي القطاعات الأكثر تضررا خلال هذا العام؟ أدى فائض المعروض إلى تراجع الاستثمارات الجديدة في قطاع الأسمنت، في حين سجلت قطاعات العقارات والرعاية الصحية والنفط والغاز تراجعات كبيرة بسبب تداعيات جائحة "كوفيد-19".
رأينا مشاركة أقل للمستثمرين الأجانب في أخبار الاستثمار التي غطيناها في عام 2020، إذ كان 71% من الصفقات التي تناولناها تتضمن إما استثمارا أجنبيا مباشرا أو شراكة بين لاعبين أجانب ومحليين، مقابل 77% في عام 2019.
كانت الشركات أقل رغبة في ضخ استثمارات جديدة خلال هذا العام من فيروس "كوفيد-19". وبلغت نسبة الاستثمارات في المشروعات الجديدة مقابل التوسع في العمليات القائمة 0.72 خلال هذا العام. أما في العام الماضي، كان لدينا أكثر من مشروعين جديدين لكل توسع واحد.
الاتجاهات الجديرة بالاهتمام هذا العام: استمرار الإقبال على مصر من قبل مؤسسات التمويل التنموية، حيث يقوم الجميع بتكوين صناديق استثمار مباشر لاقتناص الفرص بين الشركات الصغيرة والمتوسطة.
ما الذي نتطلع إليه في عام 2021؟ أن نشهد نهاية جائحة "كوفيد-19"، وأن يقوم البنك المركزي بمزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة، وهي ما سيسهل حصول الشركات على التمويل من أجل الاستثمار والاستحواذات على حد سواء، كما أن هذه الأمور ستشجعهم على تشغيل رؤوس أموالهم بدلا من وضعها في البنوك وتلقي العوائد السهلة.
موجة الاستثمارات الجديدة تعبر عن تفاؤل بين الشركات المصرية، كما أشرنا قبل أسابيع قليلة. وتقول حوالي 87% من الشركات المصرية إنها تخطط لزيادة استثمارتها خلال العام المقبل، وفقا لاستطلاع أجراه بنك إتش إس سي بي.