كيف أصبحت الشركات الناشئة أكبر الفائزين في 2020
جمعت الشركات الناشئة تمويلات خلال 2020 أكثر من العام السابق، وقد يكون السبب وراء ذلك "كوفيد-19". فقد يكون قطاع الشركات الناشئة هو الوحيد المستفيد من العام الذي يوشك على الانتهاء، وذلك بفضل التحول السريع نحو التجارة الإلكترونية والشمول المالي.
أو بالأحرى بسبب "كوفيد-19"؟ ازدهرت المدفوعات الرقمية والتكنولوجيا المالية والتجارة الإلكترونية على كل الأصعدة خلال 2020 بسبب الجائحة. تضاعف سقف المعاملات المالية اللاتلامسية منذ بداية الجائحة وحتى يونيو الماضي، وقفزت مبيعات التجارة الإلكترونية في مصر بنسبة 80%، فيما أعلنت 15% من الشركات في مصر زيادة مبيعاتها عبر الإنترنت حاليا مقارنة بما قبل الوباء.
وفي الوقت نفسه، قفز عدد المحافظ الإلكترونية على الهواتف المحمولة بنسبة 17% على الأقل في الفترة بين مارس وأكتوبر، لتصل إلى 14.4 مليون محفظة، بعد أن دفعت الجائحة المزيد من المستهلكين إلى تجربة المدفوعات الرقمية للمرة الأولى، وارتفع عدد بطاقات الدفع بنسبة 7% في الستة أشهر الأولى من عام 2020، لترتفع إلى 39.6 مليون بطاقة، من 36.7 مليون في نهاية ديسمبر.
ولذلك كان قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات هو الأسرع نموا في مصر خلال العام المالي 2020/2019 بنسبة 15.2%، مع تحقيق 108 مليارات جنيه مقارنة بـ 93.5 مليار جنيه في العام المالي السابق، وفقا لبيان وزارة الاتصالات. وبلغت مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي لمصر نحو 4.4%، مقارنة بـ 3.8% في 2019/2018. وارتفعت الاستثمارات في مجال الاتصالات خلال العام بنسبة 35% لتصل إلى 48.1 مليار جنيه من 35.4 مليار جنيه، فيما زادت صادرات القطاع بنسبة 13% لتبلغ 4.1 مليار جنيه من 3.6 مليار جنيه.
قمنا بحصر 49 استثمارا في شركات مصرية ناشئة خلال 2020، وهي زيادة 50% من 33 استثمارا في 2019. وحدثت معظم المفاوضات والدراسات اللازمة خلال التسعة أشهر الأولى من العام، كما حصدت الشركات تمويلاتها في جميع الشهور، ولكن كان فصل الخريف هو الأكثر إعلانا لها.
وجمعت الشركات المصرية الناشئة أكثر من 100 مليون دولار هذا العام مقارنة بـ 88 مليون دولار العام الماضي، وفقا لما حصرته إنتربرايز، وهي أرقام تقريبية. إذ عادة ما تفصح الشركات الناشئة عن التمويلات التي جمعتها على طريقة "جمعنا تمويل يتجاوز 100 ألف دولار"، أو "جمعنا تمويل دولاري من ست خانات". وقالت 15 شركة ناشئة إنها جمعت تمويلا يزيد عن 100 ألف دولار، فيما قالت 4 شركات إنها جمعت ما يزيد عن مليون دولار.
وازداد متوسط التمويلات بمقدار الضعف هذا العام مقارنة بالعام الماضي. وبالنسبة للشركات التي حددت رقما لا يزيد عن 100 ألف دولار، كان متوسط قيمة صفقة التمويل الواحدة هذا العام 2.38 مليون دولار مقابل 1.12 مليون دولار في 2019.
وارتفعت استثمارات المصريين في الشركات الناشئة بقوة هذا العام، فيما استحوذ الأجانب على 53% من تلك الاستثمارات، مقارنة بـ 82% من الصفقات العام الماضي كان بها طرف أجنبي. ويعكس ذلك ارتفاع عدد الاستثمارات التي يقوم بها مستثمرون ملائكيون في مراحل الشركة المبكرة (كأفراد أو مجموعات)، إضافة لنمو ثقة شركات رأس المال المخاطر، بحسب تصريح مسؤول بإحداها لإنتربرايز، مضيفا أن "المستثمرين الدوليين لم يتمكنوا من السفر في معظم 2020، وكانت لديهم مشاكلهم الخاصة في بلدانهم".
ووفرت استثمارات رأس المال المخاطر من المستثمرين المصريين تمويلا معبريا للشركات الناشئة ساعدها لحين إتمام جولاتها التمويلية المقبلة، حسبما قال أحد هؤلاء المستثمرين لإنتربرايز. وأوضح "كان العديد من المستثمرين الدوليين حذرين في البداية ولكن جاءوا لاحقا عندما رأوا الأداء الجيد للشركات، لذلك وفرنا تمويلا معبريا حتى يستطيعوا المواصلة".
وتفوق قطاعا التكنولوجيا المالية والتجارة الإلكترونية هذا العام بعد أن جذبا 12 و11 استثمارا على الترتيب، يليهما 6 استثمارات لصالح شركات مرتبطة بالتكنولوجيا. وكانت استثمارات العام الماضي منقسمة بين 5 لقطاع الخدمات الشخصية و4 لكل من التعليم والتكنولوجيا المالية والصحة والمواصلات واللوجستيات.
وتجنبت معظم الشركات تحديد نوع الجولة التمويلية التي نفذتها. وقالت 8 شركات إنها قامت بجولة تمويلية تأسيسية، فيما صرح 4 شركات بأنها قامت بجولة تمويل ما قبل التأسيس، فيما قالت 5 شركات إنها قامت بجولة تمويل أولي، و4 بجولة تمويلية ما قبل الأولي. وشهد العام جولة تمويلية ملائكية، وما قبل الثانية، وثانية، ورابعة، بواقع واحدة لكل منها. وبدت كثير من الجولات التي لم تحدد الشركات في المراحل المبكرة من التمويل، ما بين التمويل التأسيسي أو التمويل الملائكي.
وكان عام 2020 مفصليا، طبقا لمن تحدثنا معهم من شركات رأس المال المخاطر الذين يتميزون بالتفاؤل والدراية العلمية الكبيرة. وقد نجحت الشركات التي يستثمرون بها في عبور ظروف صعبة من قبل مع تعويم الجنيه، ولكن ساعدها حينها كونها حديثة النشأة وتعتمد على تمويل بالدولار وتكاليفها بالجنيه المصري منخفضة، ولذلك كانت الجائحة هي أول اختبار حقيقي لها.
وبالنسبة للأداء التشغيلي، من السهل توقع الأطراف الرابحة، وهي تلك التي تعتمد على التحويلات الرقمية والإجراءات الفعالة، والأسواق التي تستخدم التجارة والمدفوعات الإلكترونية والتوفيق بين الأطراف، طبقا للمصادر.
والأطراف الخاسرة هي الشركات التي تقدم خدمات السفر والأسواق التي تعتمد على التفاعل الجسدي، مثل خدمات تنظيف المنازل والخدمات التعليمية وجها لوجه.
وبالأرقام، "حقق الرابحون ضعفي المستهدف في ميزانياتهم لعام 2020" حسبما صرح شريك بارز في شركة لرأس المال المغامر، "بينما حقق الخاسرون ما بين 0-50% من مستهدفاتهم". ويحقق الرابحون نموا بمعدلات ثنائية الخانة كل ربع سنة.
وكانا مايو ويونيو أصعب شهرين لشركات رأس المال المغامر ومؤسسي الشركات الناشئة على حد سواء، إذ واجهت الشركات الجديدة مشكلات تخفيض الرواتب وتسريح الموظفين لأول مرة.
وفي 2021 من المتوقع نمو شركات التكنولوجيا المالية. وتسببت "كوفيد-19" في تحقيق جهود الرقمنة التي تستغرق 3 سنوات في 3 شهور فقط، كما ساعد توجه الدولة نحو الشمول المالي في تسريع تلك الجهود. ومن المنتظر زيادة الإقبال على تقديم الخدمات المالية التي ستوفرها التطورات التكنولوجية وتطوير البنية التحتية اللازمة لذلك، إضافة إلى التكنولوجيا المالية المرتبطة بذلك، إذ من الممكن أن تحقق أي شركة – بغض النظر عن القطاع الذي تنشط به – إيرادات إضافية بإدخال التكنولوجيا المالية في عملياتها.
وأيضا المولات والأسواق التجارية، فالشعب المصري بعدد سكانه الذي يتخطى 100 مليون مولع بالأكل والتسوق.
المفاجأة التي ننتظرها في 2021: أن نرى بنكا إلكترونيا ناشئا في مصر (في حال ما إذا وافق البنك المركزي على الترخيص بذلك).
ومن بين القطاعات التي قد تحقق طفرة في 2021: الزراعة والصحة والقطاعات التي ستستفيد من استراتيجية الحكومة للتحول نحو الغاز الطبيعي والوقود غير التقليدي.
إضافة إلى ذلك يجب متابعة شركات رأس المال المغامر الأجنبية التي قد تتوجه نحو مصر، إذ قال مسؤول بإحدى شركات رأس المال المغامر المصرية إن الصناديق وخاصة في الإمارات تواجه صعوبة في المنافسة في السعودية لذلك تضاعف جهودها للاستحواذ على حصة من الفرص المتاحة في مصر.