مخالفا التوقعات.. "المركزي" يخفض أسعار الفائدة للمرة الثانية على التوالي بـ 50 نقطة أساس
على عكس التوقعات.. المركزي يخفض أسعار الفائدة للمرة الثانية على التوالي بـ 50 نقطة أساس، وذلك في اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك يوم الخميس الماضي، وفق بيان صادر عن البنك. وكانت اللجنة قررت، بشكل مخالف التوقعات أيضا، تخفيض أسعار الفائدة الرئيسية بـ 50 نقطة أساس أيضا في اجتماعها الأخير في سبتمبر الماضي. وبذلك يصبح سعر العائد على كل من الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية عند مستوى 8.25% و9.25 % و8.75% على الترتيب، كذلك يبلغ سعر الائتمان والخصم 8.75%. وكان قرار الخفض مفاجئا على نحو كبير إذ توقعه فقط نعمان خالد رئيس قطاع البحوث في أرقام كابيتال ورضوى السويفي رئيسة قطاع البحوث في فاروس، فيما رجح 6 خبراء ومحللين آخرين شملهم استطلاع للرأي أجرته إنتربرايز الأسبوع الماضي سيناريو تثبيت أسعار الفائدة هو الأكثر ترجيحا.
وعزت اللجنة قرارها إلى دعم النمو الاقتصادي في الوقت الذي تستمر جهود احتواء الضغوط التضخمية، وقالت ما إن قرار الخفض الإضافي يهدف إلى تقديم "الدعم المناسب للنشاط الاقتصادي في الوقت الحالي وذلك القرار يتسق مع تحقيق استقرار الأسعار على المدى المتوسط". لأسعار الفائدة دعما للنشاط الاقتصادي ولتحقيق استقرار الأسعار على المدى المتوسط. وحقق الناتج المحلي الإجمالي في البلاد نموا بنسبة 3.6% خلال العام المالي الماضي 2020/2019 الذي انتهى في 30 يونيو الماضي، مقارنة بـ 5.6% في العام المالي السابق عليه. وأوضحت اللجنة في بيانها إن تباطؤ النمو تركز في الربع الثاني من 2020 بسبب الإجراءات الاحتوائية للوباء، ليسجل النمو سالب 1.7% مقارنة بنمو بلغ 5% في الربع الأول من 2020. وأشارت إلى أنه رغم الزيادة في الاستهلاك في الربع التالي إلا أنها لم تكن كافية لتعويض تراجع الاستثمارات والصافي الصادرات في الناتج المحلي الإجمالي. ورغم ذلك تظهر المؤشرات الأولية للربع الثالث من 2020 استمرار التعافي التدريجي، بحسب البيان.
جاء الخفض رغم ارتفاع التضخم في أكتوبر: ارتفاع المعدل السنوي للتضخم العام في المدن المصرية للشهر الثاني على التوالي ليسجل 4.5% في أكتوبر الماضي مقارنة بـ 3.7% في سبتمبر و3.4% في أغسطس، لكنه رغم ذلك يظل قرب أدنى مستويات له تاريخيا. وتوقع البنك استمرار احتواء الضغوط التضخمية خلال الربع الأخير من 2020 على أن يتراجع مستوى التضخم إلى أقل 6% أى ما دون الحد الأدنى من النطاق المستهدف البالغ 6-12%، وهو ما دفعه لقرار الخفض الإضافي لأسعار الفائدة دعما للنشاط الاقتصادي ولتحقيق استقرار الأسعار على المدى المتوسط.
وهل يعد ذلك تهديدا لتجارة الفائدة المربحة لمصر؟ تقول وكالة بلومبرج إن انعدام الضغوط التضخمية وعودة التدفقات المالية لصالح السندات المقومة بالجنيه ستطمئن المستثمرين الأجانب حيال الخفض الأخير للفائدة. وتوضح رضوى السويفي، رئيسة البحوث في فاروس القابضة للاستثمارات المالية، أن "حجم ومعدل التيسيرات النقدية متدرجة جدا للحفاظ على جاذبية أدوات الدين للأجانب في ظل تغييرات النمو العالمية المتقلبة". وتضيف بلومبرج أن مصر تحتفظ بأحد أعلى معدلات الفائدة الحقيقية في العالم حتى بعد الخفض الأخير، وتعد عائدات تجارة الفائدة فيها الأفضل بعد الأرجنتين.
وسيساعد خفض الفائدة على تقليل نفقات التمويل الحكومية ودعم القطاع الخاص، وهو ما قد يعزز أيضا من معدلات الإنفاق الرأسمالي وهو ما يعد جيدا للمقرضين والأسواق بشكل عام، بحسب مذكرة بحثية أصدرتها بلتون يوم الخميس. وسجل مؤشر القطاع الخاص غير النفطي في مصر نموا في أكتوبر على أعلى مستوى منذ ديسمبر 2014، محققا 51.4 بدعم من ارتفاع معدلات الإنتاج ونمو الطلبات الجديدة والمشتريات مع استمرار التعافي بعد انحسار إجراءات "كوفيد-19" تدريجيا. ويعد التحدى الأكبر أمام القطاع الآن انخفاض نسب السيولة وهو ما يدفع لاستمرار انخفاض معدلات التوظيف وعدم قدرة الشركات على تعيين موظفين جدد، وهو ما قد يتحسن بفعل خفض أسعار الفائدة.
وهل يشهد نهاية العام المزيد من التخفيض؟ تقول السويفي إنه من المبكر الحكم بذلك. ومن المقرر أن تجتمع لجنة السياسة النقدية مجددا في 24 ديسمبر. وتوضح السويفي "من الممكن ألا يتخذ البنك المزيد من الإجراءات في اجتماعه المقبل ولكن علينا الانتظار لبيان تغيير نسبة التضخم والتدفقات الدولارية أو أي تغييرات عالمية في النمو بسبب "كوفيد-19".
وعلى المدى الطويل؟ يتوقع بنك الاستثمار رينيسانس كابيتال خفض أسعار الفائدة بنحو 200-300 نقطة أساس خلال العام المقبل، بما يحفز الاستثمار ويجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة في قطاع التصنيع خلال عام 2022، وفق ما كتبه كبير الاقتصاديين العالميين لدى البنك تشارلز روبرتسون في مذكرة بحثية أمس. وتلك التخفيضات قد تؤثر على سعر الجنيه الذي قد يتراجع إلى مستوى 16.5-17 جنيه للدولار حسب قوله.