إنتربرايز تشرح: سندات كورونا
إنتربرايز تشرح: سندات كورونا. تصدر الاتحاد الأوروبي عناوين الصحف الشهر الماضي بعد أن سجل إصداره الأول لما يسمى "سندات الكورونا" رقما قياسيا جديدا لأكبر سجل أوامر شراء على الإطلاق في أسواق السندات العالمية. وساعدت تلك السندات، التي تندرج ضمن "السندات الاجتماعية" والمرتبطة بجائحة "كوفيد-19" خلال هذا العام الدول والشركات على السواء في التغلب على تداعيات الوباء وتوجيه التمويل لدعم خدمات الرعاية الصحية، إلى جانب إتاحة التمويلات لتطوير لقاح مضاد للفيروس.
إن فكرة إصدار أدوات الدين لإتاحة التمويل اللازم لتقديم الدعم أثناء الأوبئة ليس أمرا جديدا، فبعد تفشي فيروس إيبولا عام 2014 في غرب أفريقيا، أصدر البنك الدولي في عام 2017 أول سندات مرتبطة بالأوبئة على الإطلاق، والتي تعد أوراق مالية ذات دخل ثابت تخصص عائداتها بشكل حصري للدول النامية في حالة تفشي الأوبئة. ومن خلال صندوق التمويل الطارئ لمواجهة الأوبئة (PEF)، تعهد البنك الدولي بتوجيه 500 مليون دولار لدعم الدول ذات الدخل المنخفض على مدى خمسة أعوام، وذلك من خلال إصدار السندات والمشتقات، مع تعهد كل من اليابان وألمانيا بتغطية الأقساط.
أعيد استخدام الصندوق لمواجهة تداعيات جائحة "كوفيد-19"، وبلغ إجمالي ما جرى إنفاقه حتى سبتمبر الماضي 195 مليون دولار لـ 64 دولة ذات دخل منخفض من أجل دعم قدرات السلطات الصحية بتلك الدول في احتواء انتشار الفيروس.
أصبح الاتحاد الأوروبي رائدا في تطبيق مفهوم سندات كورونا. وعلى الرغم من المعارضة الطويلة لإصدار السندات المشتركة من جانب أعضائه المتشددين ماليا، وافق الاتحاد الأوروبي أخيرا على إطلاق برنامج إصدار سندات بمليارات اليوروهات في يوليو الماضي، والذي سيوجه التمويل إلى الدول الأكثر تضررا بسبب جائحة "كوفيد-19" ولمعالجة ما يصاحب ذلك من تباطؤ اقتصادي. ويخطط الاتحاد الأوروبي لإصدار سندات بقيمة 100 مليار يورو، جري بيع سندات منها بقيمة 17 مليار يورو في طرح الشهر الماضي والذي شهد طلبا كبيرا من المستثمرين الدوليين.
إلا أن الأمور تصبح أكثر غموضا عندما يتعلق الأمر بإصدار الشركات لسندات كورونا. أصدرت الشركات سندات كورونا بمئات المليارات من الدولارات خلال هذا العام، بدعم من ارتفاع شهية المستثمرين لهذا النوع من إصدارات الأوراق المالية. ولكن قد يكون هذا أقرب للخيال منه إلى الحقيقة: أشارت صحيفة وول ستريت جورنال إلى أن بعض الشركات كانت اهتمامها الأكبر يتمثل في استغلال اسم سندات كورونا وليس توجيه التمويلات بشكل فعلي إلى الأنشطة المتعلقة بمكافحة تداعيات الوباء. وأشارت الصحيفة إلى أن مؤسسات مثل شركة فايزر للأدوية، وبنك أوف أمريكا، وبنك الصين زعمت أنها أصدرت سندات مرتبطة بفيروس "كوفيد-19" خلال هذا العام، إلا أنه ليس ثمة إجماع على ما تعنيه سندات كورونا في الواقع، إذ لا يوجد نظام قائم لتتبع أوجه إنفاق عائدات تلك السندات.
وهنا تكمن المشكلة فيما يتعلق بسندات كورونا: في حين أن إطارا دوليا كالذي وافق عليه الاتحاد الأوروبي يلزم الجهات السيادية بالإبلاغ عن الأوجه التي تستخدم فيها عائدات بيع السندات، فلا يوجد مثل هذا الهيكل الذي يحكم إصدارت الشركات، إذ لا توجد لوائح للشفافية أو متطلبات إبلاغ تلزم الشركات بالإفصاح بشكل كامل عن أوجه إنفاق تلك الأموال، أو حتى ما إذا كانت تلك الأموال تستخدم لأغراض مستدامة أو اجتماعية. أما بالنسبة للمستثمرين الذين يقدرون قيمة الثقة والمسؤولية الاجتماعية، فإن هذا الأمر يمكن أن يمثل لهم مشكلة.