هل يؤدي الإلغاء المتكرر لامتحانات SAT إلى تراجع أهميتها في مصر؟
هل يؤدي الإلغاء المتكرر لامتحانات SAT إلى تراجع أهميتها في مصر؟ أضر إلغاء امتحانات SAT في مصر بالطلبات التي قدمها طلاب الدبلومة الأمريكية للجامعات المصرية، فمعايير القبول تشترط الحصول على حد أدنى من الدرجات في ذلك الامتحان. وكان لهذا تأثير على عمليات القبول، إذ تخبرنا الجامعات بوجود انخفاض ملحوظ في المتقدمين للدبلومة الأمريكية نتيجة الإلغاء.
لكن يبدو أن الحياة مستمرة دونها: دفعت الإلغاءات عددا متزايدا من الطلاب نحو امتحان الكليات الأمريكية (ACT)، والامتحان الذي تعقده وزارة التعليم المصرية لطلاب الدبلومة الأمريكية من المصريين، والمعادل لـ SAT وACT وهو EST. وبينما يتساءل البعض عما إذا كانت امتحانات SAT ستظل ملغاة حتى يونيو 2021 كما ذكرنا مؤخرا، يرى البعض الآخر أن هذا هو الوقت المناسب للابتعاد عن SAT كما فعلت بعض الجامعات في الولايات المتحدة.
وكانت مؤسسة كوليدج بورد التي تعد الامتحانات وتديرها أعلنت في سبتمبر الماضي إلغاء اختبارات SAT في مصر إلى أجل غير مسمى لوقوع أمور متكررة تتعلق بتأمينها. ولطالما كانت امتحانات SAT من المعايير المطلوبة من الطلاب المتقدمين للقبول بالجامعة والمنح الدراسية، لا سيما في أمريكا.
إلا أن التسريب ليس مشكلة تواجه مصر فقط، فقد اضطرت كوليدج بورد إلى إلغاء امتحاناتها عدة مرات بسبب مشكلات أمنية في المغرب والسعودية خلال العام الماضي.
من الذي تأثر بشكل مباشر بالإلغاء؟ يتبع نحو 60 ألف طالب مصري نظام الدبلومة الأمريكية، وهناك حد أدنى مطلوب تحقيقه في امتحان SAT للالتحاق بالجامعات المصرية. وتتراوح الدرجة المطلوبة في الجامعات الخاصة بين 730 و950 لأحدث إصدار من SAT، أما الجامعات الحكومية فتطلب ما لا يقل عن 1050.
ونتيجة لذلك، تراجع عدد المتقدمين للدبلومة الأمريكية في الجامعات المصرية: خسرت الجامعة البريطانية في مصر 20% من إجمالي طلبات الدبلومة الأمريكية المستهدفة للعام الدراسي المقبل (185 طالبا) بسبب إلغاء امتحانات SAT، حسبما يقول ممثل القبول في الجامعة محمد عبد الله لإنتربرايز. وشهدت جامعة بدر انخفاضا بنسبة 30% في قبول طلاب الدبلومة الأمريكية هذا العام، وفقا لمحمد القلا رئيس مجلس إدارة شركة القاهرة للاستثمار والتنمية العقارية (سيرا)، الذي يشير إلى تلقي عدد أقل من طلبات الالتحاق، إضافة إلى عدم قبول الطلاب الذين تقدموا دون الحصول على الحد الأدنى من درجات SAT.
وإلى جانب الإلغاءات، هناك مدارس تسيء استخدام الامتحان: بعض المدارس من الفئة الثانية والثالثة تستفيد من نموذج الأعمال المربح القائم حول SAT، حسبما يقول مدير المدرسة الأمريكية الدولية كابونو سيوتي، مضيفا أن "العديد من المدارس تقول إنها تدرس ما يسمى منهج SAT، ولقد سمعت حتى أن بعض المدارس تدعي أنها معتمدة من كوليدج بورد أو SAT، وهو أمر غير ممكن. كوليدج بورد ليست وكالة اعتماد، وسات ليس منهجا، بل امتحان"، مشددا على أن هناك مدارس تجني الكثير من الأموال من مثل هذه المفاهيم الخاطئة. وتستفيد صناعة التأهيل للجامعات أيضا من الطلاب الذين يسعون للحصول على دعم لدخول الجامعة، وهناك 91 شركة تعمل حاليا في القاهرة في هذا المجال، معظمها من الشركات الربحية، وهو ما أشرنا إليه العام الماضي.
كل هذا يدفع مزيدا من الطلاب إلى امتحان ACT: أكدت لنا مصادر متعددة ملاحظة زيادة في عدد الطلاب المصريين الذين اتجهوا إلى امتحان ACT. ويقول القلا إن هذا الامتحان هو "ما يستخدمه طلاب الدبلومة الأمريكية للتقدم إلى الجامعة الآن". وتطلب الجامعات في مصر اختبارا خارجيا موحدا للالتحاق، وهو ما يوفره كل من SAT وأكت، كما تقول مديرة مدرسة الألسن الأمريكية أليسون فليت.
سات وأكت متقاربان من حيث الهيكل والتكلفة، إذ يستغرق كل منهما ثلاث ساعات تقريبا، ويتكون من أسئلة في مجالات مختلفة بالإضافة إلى مقال اختياري. وتبلغ تكلفة اختبار SAT الآن 52 أو 68 دولار، بالإضافة إلى رسوم إقليمية 47 دولار لدول الشرق الأوسط، أما اختبار ACT فيكلف الطلاب الدوليين 150 أو 166.50 دولار. اختبار ACT ليس أفضل من SAT، حسبما يقول بوب شيفر المدير التنفيذي المؤقت للمركز الوطني للاختبار العادل والمفتوح (فير تست)، مضيفا: "الاختلاف موجود نوعا ما في بنية الامتحان، لكنها أيضا لعبة تخمين متعددة الخيارات وسريعة الإيقاع".
لكن كونه امتحانا عبر الإنترنت يمنح ACT ميزة الأمان: نظرا لتحول ACT إلى اختبار الطلاب خارج الولايات المتحدة عبر الإنترنت قبل عام ونصف، فإن تسريب الاختبارات يكون أصعب بكثير، كما يقول شيفر.
هناك أيضا الاختبار المصري (EST) الذي حل سريعا مكان SAT للالتحاق بالجامعة في مصر، والذي يعمل على تقييم قدرات الطلاب في القراءة والكتابة والرياضيات وقياس استعدادهم لدخول الجامعة. وطورت وزارة التعليم هذا الاختبار بالتعاون مع منصة بيرسون، ويتكلف 100 أو 115 دولار. وعملت الوزارة على تصميم الاختبار وإطلاقه بسرعة بعد إلغاء امتحانات SAT، وبدأ التسجيل عليه في أواخر سبتمبر.
ولا تتوفر الكثير من المعلومات بشأن الاختبار المصري (EST) لأنه حديث للغاية كما يعترف به في مصر فقط، حسبما تقول عدة مصادر لإنتربرايز. وطبقا لفليت فالاختبار "يمثل علامة استفهام كبيرة لأننا لم نسمع الكثير عنه ولم يخضع له أي من طلابنا حتى الآن".
ولكن من نقاطه الإيجابية أنه يمنح الطلاب المصريين المزيد من الخيارات والقدرة على التحكم، فطبقا للقلا، سيفيد الاختبار طلبة الدبلومة الأمريكية الراغبين في الالتحاق بالجامعات المصرية. ويتفق القلا مع عبد الله على أن الاختبار سيساعد مصر على تجنب الاعتماد الكامل على الأنظمة الخارجية التي لا تتحكم فيها.
واستبدلت الحكومة مؤقتا امتحانات الـ SAT هذا العام باختبار ACT وEST، وبدأت في تبني اختبار ACT كمؤهل للجامعات، بحسب الوزير طارق شوقي في تصريح الشهر الماضي. ويوضح محمود حسونة، مستشار الوزير، أن هذا حل مؤقت، وأنه جرى اختيار الـ ACT لمشابهته لـ SAT. ويضيف أنه من المبكر التوقع ما إذا كان ذلك سيتكرر مرة أخرى العام المقبل، ولكنه غير مستبعد إذا ما تكررت الإلغاءات.
وفي تلك الأثناء بدأت الجامعات المصرية في قبول نتائج ACT وSAT للتأهل لها بالنسبة لطلبة الدبلومة الأمريكية، بحسب مصادر. ويقول القلا "في النهاية، سيتم الأخذ بأي نتيجة اختبار موثوق بها إذا وجدت". وحتى الآن لا تزال جامعات مثل الجامعة الأمريكية لا تقبل سوى نتائج الـ SAT وACT، بينما تتقبل جامعات أخرى مثل الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري نتائج EST، بحسب تصريحات ممثلين لها لإنتربرايز.
وبتوجيهات حكومية قامت الجامعات الخاصة بمد فترة التقديم لطلبة الدبلومة الأمريكية حتى نوفمبر لإعطائهم فرصة الخضوع للاختبارات البديلة، بحسب أشرف الشيحي رئيس الجامعة المصرية الصينية.
وبدأت الولايات المتحدة في التراجع عن اعتبار الاختبارات المعيارية وسيلة تقييم إجبارية للالتحاق بالجامعات، إذ أعلنت أكثر من 24 جامعة كبرى هناك خلال الربيع الماضي أن اختبارات ACT وSAT ستكون اختيارية للمتقدمين بدءا من عام 2021، بحسب صحيفة نيويورك تايمز. ويوجد الآن أكثر من 1250 جامعة وكلية أعلنت أن الاختبارات المؤهلة ستكون اختيارية. وسيشجع ذلك طلاب المدرسة الأمريكية الدولية وغيرها من المدارس الأعلى جودة على الدراسة في الخارج هذا العام، بحسب مدير المدرسة، كابونو سيوتي.
وعلى الرغم من أن مؤسسة كوليدج بورد تعمل على حل للحفاظ على مكانة اختبار الـ SAT، فإن السوق المصرية كبيرة للغاية على تجميد اعتماد الاختبار لعامين كاملين، وفقا لسيوتي. ويضيف أن الاختبار سيغيب لمدة كافية ليحتل البديل مكانته موضحا "أعتقد أن كوليدج بورد ستتوصل إلى حل العام المقبل، على الرغم من أن ذلك لم يتعهد به لي أو لأي شخص آخر". ويصف شايفر اختبار الـ SAT والـ ACT بأنهما كـ "كوكاكولا وبيبسي.. عالميا، هما يتصارعان على حصص السوق".
وهو ما لا يزال صراعا قويا، فاختبار الـ SAT يحظى بمكانة كبيرة في مصر بفضل 20 عاما من تواجده في البلاد، بينما لا يزال ACT في عامه الثالث، طبقا لماسيمو لاتيرزا، المدير المساعد لمدرسة شوتز في الإسكندرية. ويوضح "لا أعلم ما هي القدرة الاستيعابية لاختبارات ACT حاليا ولكن عليها أن تنمو سريعا لتلبي الطلب الحالي". كما أن اختبار الـ SAT معترف به بشكل أوسع عالميا، بحسب سيوتي.
وهناك السؤال بشأن كيفية استمرار SAT في مصر مع حفاظه على مصداقيته، وإذا ما كان سيحافظ على هيمنته على السوق. وتقول مصادر إن مؤسسة كوليدج بورد محقة في تجميد الاختبار من أجل الحفاظ على نزاهته الأكاديمية، وسيتضح ما إذا كانت المدارس والجامعات ستستمر في الاعتماد عليه في المستقبل مع ظهور بدائل مثل ACT وEST. كما يطرح ذلك سؤالا بشأن إمكانية اتباع الولايات المتحدة في نهجها المتصاعد من التخلي عن الاختبارات المعيارية للقبول بالجامعات.