شيرين شهدي مديرة "سي دي سي" البريطانية في مصر تتحدث حول الاستثمارات التي تستهدفها المجموعة في مصر هذا العام
ما هي الاستثمارات التي تستهدفها مجموعة سي دي سي البريطانية في مصر هذا العام .. وما هي رؤيتها لقدرة القطاع الخاص على قيادة النمو الاقتصادي في ما بعد "كوفيد-19"؟ بدأت مجموعة سي دي سي البريطانية مجموعة سي دي سي، وهي ذراع المملكة المتحدة للتمويل التنموي، الاستثمار في مصر منذ عام 2003، والتي تعتبرها المجموعة سوقا ذات أولوية لاستثماراتها، إذ تتطلع لدعم النمو الذي يقوده القطاع الخاص. تحدثنا مع شيرين شهدي التي عينتها المجموعة مديرة لها في مصر، لتطلعنا على أولويات المجموعة في الاستثمار في مصر في الفترة المقبلة وكيف ترى القطاع الخاص كقائد للتعافي الاقتصادي في ما بعد "كوفيد-19". وإليكم مقتطفات محررة من الحوار:
بنهاية الربع الأول من 2020، بلغت قيمة محفظة سي دي سي في مصر هذا العام 146.6 مليون دولار، باستثمارات في 29 شركة مصرية، في مجموعة متنوعة من القطاعات، تشمل البنية التحتية، والتصنيع والتجارة والتمويل الأصغر والرعاية الصحية وخدمات الأعمال والخدمات المالية. وتمتلك سي دي سي محفظة إجمالية في إجمالي القارة تبلغ قيمتها 3.3 دولار أمريكي. وتدعم استثمارات سي دي سي حاليا في مصر أكثر من 28 ألف وظيفة بشكل مباشر، إضافة إلى العديد من الوظائف الأخرى غير المباشرة في الاقتصاد الأوسع من خلال سلاسل التوريد الخاصة بنا.
تعتبر مصر من الأسواق ذات الأولوية للأنشطة الاستثمارية لمجموعة سي دي سي. تعييني وتأسيس مكتب دائم في البلاد أمران أساسيان لتحقيق أهدافنا ودلالة قوية على التزامنا ببذل المزيد في مصر. تتمثل استراتيجيتنا في دفع التوجه نحو الاستفادة من علاقتنا مع رواد الأعمال المصريين ومجتمع المستثمرين لتحديد المشاريع الجاذبة، حيث يمكن لخبراتنا الرأسمالية والتشغيلية المرنة وطويلة الأجل أن تساعد في توسع نطاق الأعمال. من خلال العمل جنبا إلى جنب مع محفظتنا، نحن قادرون على خلق فرص عمل مستدامة وتنمية الشركات التي نستثمر فيها وتحسين ممارساتهم البيئية والاجتماعية والحكومة ومعايير نزاهة الأعمال.
تركز الاستثمارات قيد التنفيذ على التنمية البشرية وتحسين سبل المعيشة: رغم أن سي دي سي لا تعلق على صفقات محددة أو تكهنات استثمارية قيد التنفيذ، يمكنني القول إن استثماراتنا القادمة في مصر ستكون مزيجا بين الاستثمارات المباشرة والاستثمارات الوسيطة عبر شركات الاستثمار المباشر وصناديق رأس المال المخاطر التي استثمرنا فيها مثل ازدهار، وسواري فينتشرز. وتتضمن استثماراتنا قيد التنفيذ في مصر حاليا استثمارات في الأغذية والزراعة والرعاية الصحية والتعليم والتصنيع والبنية التحتية والمؤسسات المالية والاتصالات – كل القطاعات التي تسرع وتيرة التنمية البشرية وتحسين سبل العيش.
تتمثل رؤيتنا في التنمية الاقتصادية في مصر في تحقيق نمو مستدام وشامل بقيادة القطاع الخاص. نعتقد أن السلطات المصرية ملتزمة بهذه الرؤية والإصلاحات الهيكلية الجارية، والتي ستولد فرص عمل، وتحد من الفقر وعدم المساواة حتى في الأوضاع الحالية إذ أدى كوفيد-19 إلى تغيير الأولويات متوسطة المدى.
يتعلق التحدي الرئيسي الذي يواجهه القطاع الخاص بالحصول على التمويل فالعديد من الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تواجه ضغوطا على السيولة تضخمت مشكلتها بسبب الوباء. ومن التحديات القائمة أيضا الحصول على القروض، والتكامل بين البنوك ومجتمع الاستثمار الأوسع، لا يوجد نقص في الشركات المصرية الواعدة التي يقودها رواد أعمال طموحين يحتاجون إلى استثمارات لتسريع وتيرة نمو أعمالهم. لقد سلطت الجائحة أيضا الضوء على ضعف سلاسل التوريد العالمية، ولكن هناك فرصة هنا أيضا. في بعض القطاعات تركز الشركات على الإنتاج المحلي بدلا من الواردات. نحن فخورون بكوننا من أوائل مؤسسات التمويل التنموية التي حصلت على موافقة لتزويد القطاع المصرفي المصري بتمويل رأسمال تكميلي (Tier 2 Capital ) من خلال تقديم قرض مساند بقيمة 100 مليون دولار للبنك التجاري الدولي تعزيز قاعدة رأس مال البنك حتى يتمكن من دعم النمو والتوسع في الإقراض لنحو مليون عميل مصري، ودعم القطاعات التصديرية.
الاستثمارات الجديدة من القطاع الخاص ستكون عاملا أساسيا في تسريع تعافي الدول اقتصاديا من الجائحة. في العديد من الأسواق الناشئة والمبتدئة، لا تمتلك الحكومات مساحة المناورة المالية الكافية لتحفيز الاقتصاد بالدرجة الكافية. في هذه الدول، الاستثمار الخاص من المؤسسات الدولية أو المصادر المحلية يكون ذا أهمية مضاعفة. تلتزم سي دي سي بالاستفادة من شبكاتها الواسعة عبر أسواقها ذات الأولوية لتحديد وهيكلة وتمويل المشروعات القابلة للتمويل، والتي من شأنها تسريع النمو وخلق وظائف طويلة الأجل وتحسين المرونة الاقتصادية.
تتلقى الشركات الصغيرة والمتوسطة أفضل أشكال الدعم من خلال الصناديق الوسيطة التابعة لمجموعة سي دي سي، حيث نستثمر في صناديق الاستثمار المباشر المحلية مثل ازدهار والذي يستثمر بعد ذلك في الشركات الصغيرة والمتوسطة، لأن استثمارات سي دي سي المباشرة عادة ما تكون أكبر بكثير من حجم الشركات الصغيرة. تشمل استثماراتنا المباشرة عادة حصص أقلية مؤثرة تتراوح بين 10 إلى 150 مليون دولار. الشركات الصغيرة والمتوسطة هي عصب الاقتصادات في جميع أنحاء القارة الأفريقية. ومن الأهمية أن يواصل مجتمع الاستثمار دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة والاستثمار فيها خاصة خلال أزمة "كوفيد-19".
مصر لديها سجل حافل، فقد أكملت برنامج الإصلاح الاقتصادي على مدى السنوات الماضية بنجاح، ما أدى إلى تسجيل معدلات نمو قوية وانخفاض البطالة وزيادة الاحتياطات الأجنبية وتقليص الدين العام. وكانت آفاق النمو في البلاد من بين الأقوى في الأسواق الناشئة قبل "كوفيد-19". لقد اتخذت الحكومة والبنك المركزي المصري خطوات حاسمة استجابة للأزمة لحماية الاقتصاد والقطاعات والفئات الأكثر ضعفا، مع تعزيز منظومة الرعاية الصحية أيضا. وسيكون استمرار دعم الحكومة في خلق بيئة مستقرة لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية التي تشتد الحاجة إليها خلال الفترة المقبلة أمرا في غاية الأهمية. ومع ذلك، تواجه البلاد درجة عالية من عدم اليقين في ضوء الاضطرابات الاقتصادية المحلية والعالمية.
ستساعد طبيعة الاقتصاد المصري المتنوعة والتعداد السكاني الكبير في البلاد والالتزام بالإصلاح الاقتصادي على تعافي النمو ليسجل 6.5% خلال العام المالي المقبل 2022/2021. وبينما تضررت قطاعات معينة مثل السياحة والتصنيع والعقارات والتجارة بشكل خاص، لا تزال قطاعات البناء والنفط والزراعة قوية نسبيا. وعلاوة على ذلك، فقد ظل القطاع المصرفي مستقرا، كما حافظ على ربحيته وسيولته النقدية ورأسماله.
سيلعب النوع الاجتماعي وتغير المناخ دورا متزايد الأهمية في خطتنا الاستراتيجية للخمس سنوات المقبلة 2021-2025، والتي نعمل على وضعها حاليا. ستظل أولوياتنا طويلة الأجل كما هي: الاستثمار لخلق الوظائف والتحول الاقتصادي المستدام طويل الأجل للحد من الفقر. لقد أظهر الوباء أنه يمكننا العمل بسرعة ومرونة في أوقات الأزمات، باتباع نهج مرن لدعم شركات معينة بالمساعدة المالية والفنية أو من خلال ضخ سيولة بشكل منظم في أسواق المال الأفريقية. هذه الطريقة الجديدة الأكثر استجابة لممارسة الأعمال ستكون من المبادئ التي سنقوم بترسيخها في مؤسستنا في المستقبل.
معالجة عدم المساواة بين الجنسين يعد أولوية أساسية بالنسبة لمجموعة سي دي سي. نضع في اعتبارنا في جميع استثماراتنا مراعاة النوع الاجتماعي، ونعمل عن كثب مع الشركات التي نستثمر فيها لخلق فرص عمل للنساء. ونعمل أيضا على زيادة عدد النساء في المناصب القيادية ومجالس الإدارة في جميع استثماراتنا. كانت سي دي سي من بين الشركاء المؤسسين لمبادرة 2X Challenge، التي أطلقتها مؤسسات التمويل التنموية في 2018 لإتاحة الموارد التي من شأنها المساعدة في النهوض بالمرأة في الأسواق الناشئة كرائدات أعمال وأصحاب شركات ومستهلكين وموظفين. وقد جمعت المبادرة ما يقرب من 4.5 مليار دولار لدعم التمكين الاقتصادي للمرأة.
كجزء من استجابتنا لوباء "كوفيد-19"، ستظل سي دي سي ملتزمة بالاستثمار في مصر وعبر أسواقها الرئيسية، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر عبر شركائنا في صناديق الاستثمار الخاص. من شان ذلك أن يضمن تعافيا اقتصاديا أسرع على المدى المتوسط والطويل، وهو جزء من استراتيجية الاستجابة التي تستند على 3 ركائز. نعتقد أن الوباء فرصة لإعادة البناء بشكل أفضل ومعالجة نقاط الضعف الهيكلية وعدم المساواة في مجتمعاتنا. ويمثل التزامنا بـ 100 مليون دولار لشركة هيليوس إنفستمنت بارتنرز (هيليوس) مطلع يوليو الماضي جزء من هذه الركيزة.