تراجع أرباح البنوك المحلية بنسبة 20% خلال النصف الأول من 2020 متأثرة بارتفاع مخصصات خسائر القروض
أرباح البنوك المحلية تتراجع بنسبة 20% في النصف الأول من عام 2020 لتصل إلى 50.05 مليار جنيه، مقارنة بـ 62.49 مليار جنيه في الفترة ذاتها من عام 2019، وفقا لتقرير صادر مؤخرا عن البنك المركزي المصري (بي دي إف). وبلغت إيرادات تلك البنوك 169.22 مليار جنيه، بينما ارتفعت مصروفاتها إلى 119.17 مليار جنيه خلال نفس الفترة.
ولم تكن الصورة أفضل حالا إذا ركزت على أكبر 10 بنوك محلية، إذ تراجعت أرباحها الإجمالية بنسبة 17% لتصل إلى 41.44 مليار جنيه في النصف الأول من 2020، وفقا لتقرير آخر صادر عن البنك المركزي (بي دي إف). وتشمل قائمة أكبر بنوك في مصر ثلاثة بنوك مملوكة للدولة وهي البنك الأهلي المصري، وبنك مصر، وبنك القاهرة، إضافة إلى عدد من البنوك الخاصة وهي البنك التجاري الدولي، والبنك العربي الأفريقي الدولي، وبنك قطر الوطني الأهلي، وبنك الإسكندرية، وبنك كريدي أجريكول، وبنك فيصل الإسلامي مصر، وبنك الإسكان والتعمير.
ولكن هناك نقطة يجب الانتباه إليها: الأرباح تراجعت ولكن البنوك بعيدة تماما عن تسجيل خسائر. قليلة هي المؤسسات والشركات المتحفظة مثل البنوك المصرية، خاصة بعد عملية إعادة هيكلة القطاع المصرفي المصري في أوائل الألفية. دخلت البنوك في أزمة "كوفيد-19" وهو مستقرة، وتحت إدارة جيدة بشكل عام، مستعدة للتعامل مع الأزمات والضغوط على هامش الفائدة الصافي الذي سببه الخفض الكبير لأسعار الفائدة بواقع 300 نقطة أساس في مارس الماضي.
وجاء تراجع الأرباح مدفوعا بالأساس بارتفاع مخصصات خسائر القروض، إذ واصلت البنوك المحلية تجنيب المزيد من الأموال في قوائمها المالية في شكل مخصصات تحسبا لاحتمالية تخلف المقترضين عن سداد مديونياتهم جراء تداعيات فيروس "كوفيد-19"، وفقا لما نقله موقع مصراوي في مايو الماضي نقلا عن مصادر بالبنك المركزي. وجنبت البنوك مخصصات خسائر القروض للتحوط من القروض المتعثرة وحالات الإفلاس، وتقوم بتسجيلها كمصروفات في قوائمها المالية. وتمكن هذه المخصصات البنوك من تقييم تأثير الخسائر المحتملة في الدخل من سداد القروض بشكل دقيق. وفي حال سداد المقترضين لالتزامهم المالية، فيمكن للبنوك شطب تلك المخصصات لاحقا وتسجيل الأرباح.
وقد أرجع عدد من البنوك الكبرى انخفاض أرباحها إلى خسائر الائتمان المحتملة في محفظة قروضها. فعلى سبيل المثال، سجل البنك التجاري الدولي انخفاضا بنسبة 4% في صافي أرباحه خلال الربع الثاني من 2020. وكان البنك دائما يتخذ موقفا متحفظا فيما يتعلق بتكوين مخصصات، وظهر ذلك بشكل أكثر وضوحا في النصف الأول من العام الحالي، مع الحاجة لوجود غطاء في حالة تعثر سداد القروض مع تعرض المقترضين للتأثيرات السلبية للفيروس. وضاعف البنك التجاري الدولي مخصصات خسائر الائتمان لفترة الـ 6 أشهر الأولى من العام الحالي ثلاث مرات على أساس سنوي لتصل إلى 2.26 مليار جنيه. وكذلك أعلن البنك العربي الأفريقي الدولي عن خسائر ائتمانية متوقعة بقيمة 34.39 مليون دولار خلال النصف الأول من 2020، مقارنة بـ 23 مليون دولار في الفترة نفسها قبل عام.
ولم يقتصر هذا الأمر على البنوك في مصر فحسب، إذ أعلنت البنوك في جميع أنحاء العالم عن تراجع أرباحها للأسباب نفسها. وأعلن بنك قطر الوطني زيادة مخصصات خسائر القروض لديه بمقدار 320 مليون دولار خلال النصف الأول من العام الحالي، مما أدى إلى تراجع أرباحه الإجمالية بنسبة 13% على أساس سنوي. وأعلنت البنوك الكبرى في الصين عن تسجيل أكبر تراجع في صافي أرباحها خلال النصف الأول من 2020 على أساس سنوي، مقارنة بنتائجها المالية في السنوات الأخيرة، حيث قدرت البنوك تكاليف الائتمان التي تتوقع أن تظل مرتفعة لبقية العام، وفقا لمؤسسة ستاندرد آند بورز جلوبال. وقالت المؤسسة أيضا إن البنوك اليابانية الصغيرة رفعت مخصصات خسائر القروض لديها بأكثر من الضعف في الربع الأول من العام المالي 2021/2020 (والذي يمتد من أبريل وحتى يونيو)، مما يشير إلى أن تلك البنوك ستتراجع أرباحها السنوية إلى أدنى مستوياتها في ثمانية أعوام.
من ناحية أخرى، طالب البنك المركزي، في كتاب دوري له أول أمس، البنوك بمراجعة النماذج المستخدمة في احتساب الخسائر الائتمانية المتوقعة، وطالبها أيضا بموافاته خلال شهر بتقرير معتمد من لجنتي المراجعة والمخاطر عن نتائج مراجعة النماذج المستخدمة في احتساب الخسائر الائتمانية المتوقعة. وقال البنك المركزي إن هذا يأتي في إطار تطبيق تعليمات المعيار الدولي للتقارير المالية IFRS9 وسط تداعيات فيروس "كوفيد-19" وحرصا منه على سلامة المراكز المالية للبنوك والتحقق من جودة أصولها.