صندوق النقد الدولي يصدر تقريره حول المساعدة المالية لمصر لمواجهة "كوفيد-19"
صندوق النقد الدولي يصدر تقريره حول المساعدة المالية لمصر لمواجهة "كوفيد-19": أصدر صندوق النقد الدولي أمس تقريره حول المباحثات التي أجريت مع الحكومة المصرية على مستوى الخبراء في يونيو الماضي قبل الموافقة على تقديم مساعدات لمصر لمواجهة تداعيات تفشي وباء "كوفيد-19". وجاء التقرير عقب حصول مصر على قرض بقيمة 5.2 مليار دولار لمدة عام، ضمن "اتفاق الاستعداد الائتماني"، وذلك لمساعدة الدولة على سد العجز في ميزان المدفوعات، والذي وافق عليه صندوق النقد بشكل نهائي أواخر يونيو الماضي. وجاء القرض بعد شهر من حصول مصر على تمويل آخر بقيمة 2.77 مليار دولار من صندوق النقد الدولي من خلال أداة التمويل السريع.
يمكن القول باختصار إن التقرير اشتمل على نظرة إيجابية للاقتصاد المصري، وأشاد الخبراء فيه بقوة السياسات التي اتبعتها الحكومة، فضلا عن التزامها بتحقيق الأهداف الموضوعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المدعوم من صندوق النقد.
لمطالعة التقرير، اضغط أو انقر هنا للوصول إلى الصفحة الرئيسية أو قم بتنزيل التقرير مباشرة من هنا.
تقدم كبير للاقتصاد المصري في مرحلة ما قبل تفشي الوباء: كانت مصر قبل بداية أزمة فيروس "كوفيد-19" أحد أسرع الأسواق الناشئة نموا، إذ حققت استقرارا للاقتصاد الكلي عقب تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي بنجاح، وفقا لما قاله صندوق النقد. وجاء هذا بدعم من قرض الـ 12 مليار دولار الذي حصلت عليه مصر من صندوق النقد الدولي خلال الفترة من 2016 وحتى 2019 وما صحبه من سياسات، والتي صححت الاختلالات الكبيرة الخارجية والمحلية، وعززت النمو، ووسعت شبكات الأمان الاجتماعي، كما ساعدت الدولة على احتواء الدين العام، لتمنحها مؤشرات اقتصاد كلي قوية ووسائل حماية قوية "نسبيا" مع بدء مواجهة الوباء.
الإجراءات التي اتخذتها مصر لمواجهة أزمة "كوفيد-19" حازت أيضا على إشادة صندوق النقد، والتي من بينها حزمة التحفيز الاقتصادي التي أطلقتها الحكومة بقيمة 100 مليار جنيه، بما يمثل 1.8% من الناتج المحلي الإجمالي، وأيضا قرار البنك المركزي خفض أسعار الفائدة 300 نقطة أساس في اجتماع طارئ خلال شهر مارس، وتحسين القدرة على إجراء الفحوصات للكشف عن مصابي "كوفيد-19"، وتقديم الرعاية الصحية، وتطبيق قواعد التباعد الاجتماعي للحد من انتشار الفيروس، وهي كلها أسباب شجعت فريق صندوق النقد على الموافقة على القرض.
وعلى الجانب الآخر، طلبت مصر المساعدة من صندوق النقد نظرا للقدر الكبير من عدم اليقين الذي أحدثته جائحة "كوفيد-19". وتسبب الشعور لدى المستثمرين بالعزوف عن المخاطرة في اضطراب الأسواق المالية، كما أحدث انعكاسا كبيرا في تدفقات رؤوس الأموال وتسبب أيضا في تراجعات كبيرة في الاحتياطيات. وعلى الصعيد المحلي، شهدت مصر تراجعا في إيرادات السياحة وتحويلات المغتربين وأيضا في عائدات قناة السويس، وفقا لما قاله صندوق النقد. ودفع ذلك الحكومة إلى اللجوء لصندوق النقد الدولي من أجل الحصول على المساعدة في دعم خطط الاستقرار الكلية. وأشار صندوق النقد إلى أن القرض الممنوح لمصر بموجب اتفاق الاستعداد الائتماني سيساعدها في الحفاظ على الاستقرار الكلي وسط حالة عدم اليقين المتزايدة، كما سيدعمها في إجراء إصلاحات هيكلية مهمة ومحددة، بما في ذلك إدارة مستويات الدين، وتحسين مستويات الشفافية لدى المؤسسات الحكومية، وتعزيز مناخ الأعمال.
أمور من المنتظر أن تحققها الحكومة للحفاظ على النظرة المتفائلة من صندوق النقد الدولي:
- تحقيق فائض أولي في الموازنة قدره 0.5% من الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي 2021/2020، وتحقيق توازن بين الإنفاق والدين العام؛
- الإبقاء على السياسة النقدية "مدفوعة بالبيانات" وأيضا الإبقاء على معدل التضخم ضمن النطاق المستهدف للبنك المركزي؛
- استخدام السياسة المالية لدعم الفئات الضعيفة؛
- مواصلة الالتزام بمرونة سعر الصرف والتراكم التدريجي للعملات الأجنبية؛
- عدم طرح أي برامج إقراض جديدة مدعومة من البنك المركزي وعدم تمديد البرامج الحالية بمجرد استهلاك الموارد المخصصة لها بالكامل، مع مواصلة إقراض البنك المركزي للبنوك فقط من أجل توفير السيولة على المدى القصير؛
- مواصلة تنفيذ الإصلاحات الهيكلية التي بدأت ببرنامج الإصلاح الاقتصادي المدعوم من صندوق النقد الدولي خلال الفترة 2016-2019، بما في ذلك تحسين الحوكمة المالية، وخفض الاحتياجات التمويلية، وتعزيز شبكة الأمان الاجتماعي، وإفساح المجال للإنفاق على القطاعات ذات الأولوية (مثل الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية)، وتحسين إدارة المالية العامة.
وفيما يلي نظرة سريعة عن أهم النقاط الأخرى التي جاءت في التقرير:
مصر قادرة بشكل كاف على سداد القروض المستحقة لصندوق النقد، إذ ستضمن التحسينات في الوضع المالي والخارجي للدولة "الوصول المستمر إلى الأسواق والقدرة الكافية على السداد"، فضلا عن "المشاركة المستمرة في تمديد آجال التزامات الودائع الرسمية المستحقة لدى البنك المركزي لفترات استحقاق أطول حتى بعد انتهاء البرنامج". إلا أنه ما زالت هناك بعض المخاطر، فمن المتوقع أن يقفز حجم الائتمان إلى 49.5% من إجمالي احتياطيات العملات الأجنبية في العام المالي 2021/2020، وإلى 8.3% من إجمالي صادرات السلع والخدمات في العام المالي 2025/2024.
ومتابعة من صندوق النقد لمدى نجاحنا: قال صندوق النقد الدولي إنه سيواصل متابعة تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي في مصر من خلال إجراء "مراجعات نصف سنوية"، والتي سيكون أولها في ديسمبر 2020. وأقر البرلمان بالفعل موازنة الدولة للعام المالي 2021/2020 مع وضع هذا في الاعتبار، كما أنه "يجري وضع أهداف كمية بتواريخ اختبار حتى نهاية سبتمبر 2020 ونهاية مارس 2021." وسيتابع صندوق النقد الدولي أيضا مؤشرات الأداء بما في ذلك صافي الاحتياطيات الدولية لمصر، وموازنتها الأولية، وعدم تراكم متأخرات سداد الديون الخارجية. وهناك أيضا أهداف استرشادية مقترحة بشأن حجم عمليات السحب على المكشوف من جانب الحكومة من البنك المركزي، وعائدات الضرائب، والحد الأدنى للإنفاق الاجتماعي، ونسبة صافي الإصدارات الجديدة قصيرة الأجل من الأوراق المالية من إجمالي إصدارات سندات وأذون الخزانة المحلية.
وأما فيما يتعلق بالتوقعات المستقبلية، فقد خفض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو الاقتصادي في مصر خلال العام المالي 2021/2020 إلى 2% بدلا من 2.8% في وقت سابق من تفشي الوباء، وقال "إنه من المتوقع أن يكون التعافي العالمي أكثر تدريجيا، وأن يظل النشاط المحلي عند مستوياته الضعيفة". وتوقع صندوق النقد أن ينكمش النشاط المحلي في الربع الحالي وأن يشهد تعافيا طفيفا في الربع المقبل، والذي من شأنه أن يؤدي إلى حدوث "انتعاش أقوى محتمل في عام 2021".
ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يقفز معدل التضخم في مصر إلى 8% في المتوسط بحلول نهاية العام المالي، مقابل 5.8% في العام المالي 2020/2019، ليعكس "العديد من العوامل الأساسية بما في ذلك تأثيرات الأساس غير المواتية". وأشار أيضا إلى تواصل الضغوط على المالية العامة للدولة، إذ من المتوقع أن ترتفع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 93% قبل أن تعاود الانخفاض في مسار هبوطي. وقال صندوق النقد أيضا إن الأرصدة الخارجية ستواصل تراجعها وسط "التوقعات العالمية الأضعف بشكل ملحوظ وانخفاض التدفقات الأجنبية الداخلة". ويتوقع الصندوق، بالرغم من ذلك، أن يحافظ القطاع المصرفي على أداءه القوي.