تراكم الديون يعطل خطط التنمية بالاقتصادات الناشئة

تراكم الديون يعطل خطط التنمية بالاقتصادات الناشئة، والتي تكافح من أجل سداد مليارات من الدولارات اقترضتها من مستثمري القطاع الخاص على مدى السنوات العشر الماضية، وفق ما ذكرته صحيفة وول ستريت جورنال. وجاءت أزمة "كوفيد-19" لتزيد الأوضاع سوءا، ولكن تلك البلدان غير مستعدة بالأساس لسداد أقساط الديون وفي الوقت نفسه توجيه استثمارات كافية لتنمية اقتصاداتها وتطوير بنيتها التحتية، وهو ما تقترض بالأساس من أجله.
مستويات الديون تصاعدت على مدى العقد الماضي في دول جنوب الصحراء الأفريقية الأكثر فقرا، إذ تجاوزت حاجز الـ 60% من الناتج المحلي الإجمالي في المتوسط بحلول الربع الثالث من عام 2019، إذ قفزت بأكثر من 160% مقارنة بمستواها قبل 10 سنوات، عندما كانت تبلغ في المتوسط 38% من الناتج المحلي الإجمالي، وفق ما ذكرته وول ستريت جورنال مستشهدة ببيانات أصدرها معهد التمويل الدولي. وألقت الصحيفة الضوء على دولة زامبيا، التي تعاني من ضغوط شديدة بينما تقترب من تاريخ استحقاق سندات مقومة بالعملات الأجنبية في عام 2022، كانت قد أصدرتها في عام 2012 عندما كان اقتصادها "يزدهر" بفضل مواردها من النحاس والطلب الصيني الضخم عليه. وكان من المفترض أن تستثمر الدولة الواقعة في جنوب القارة في بنية التحتية الأساسية، بما في ذلك الرعاية الصحية، ولكن خطة اقتراضها أثبت سريعا عدم استدامتها عندما أدى تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني إلى تراجع أسعار النحاس وتدهور العملة الزامبية، إلى تضاعف ديون البلاد بالعملة المحلية ثلاث مرات.
الأمر لا يقتصر فقط على أفريقيا، فالديون قنبلة موقوتة في أمريكا اللاتينية أيضا: قفزت مستويات الديون على نحو كبير في دول أمريكا اللاتينية التي تسعى جاهدة لاحتواء تأثيرات الجائحة، بما في ذلك الأرجنتين والإكوادور وتشيلي والبرازيل والمكسيك، حسبما تشير صحيفة فايننشال تايمز. وكما هو الأمر في الأسواق الناشئة الأخرى، كانت منطقة أمريكا اللاتينية قبل الجائحة تصارع بالفعل كي لا تتخلف عن سداد ديونها، كما تواجه تباطؤ النمو، وضعف أنظمة الرعاية الصحية، وانخفاض الإيرادات الضريبية، وارتفاع مستويات الإقراض، والاعتماد المفرط على صادرات السلع.
وبينما لم تذكر وول ستريت جورنال مصر بالاسم، فإن تقارير سابقة وضعت مصر ضمن اقتصادات الأسواق الناشئة الأكثر عرضة لخطر التخلف عن سداد الديون السيادية الخارجية العام المقبل. وتواجه كل من زامبيا وغانا وجنوب أفريقيا والهند ونيجيريا والبرازيل الخطر نفسه، وفق ما ذكرته فايننشال تايمز سابقا عن شركة أبسولوت استراتيجي للأبحاث. ووفقا لبيانات أوكسفورد إيكونوميكس وصندوق النقد الدولي التي أشارت إليها الصحيفة، فإن مصر لديها واحدة من أعلى نسب الديون المستحقة والعجز المالي بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي، من بين 20 دولة مناظرة في الأسواق الناشئة، إذ تبلغ نحو 40%. وبينما تبدو مصر مؤهلة بصورة أفضل كثيرا للتعافي من تأثيرات الجائحة مقارنة بالأسواق الناشئة الأخرى، يظل جزء من المخاطر هو أن المستثمرين ينظرون إلى مصر والأسواق الناشئة الأخرى ككتلة واحدة.