"كوفيد-19" تُظهر التفاوت في مخاطر ومكاسب الأسواق الناشئة بصورة أكبر من السابق
"كوفيد-19" تؤكد حقيقة قديمة .. لا يمكن التعامل مع الأسواق الناشئة ككيان متجانس. يمكن قياس قدرة اقتصادات الأسواق الناشئة على التعافي من طريقة تعاملها مع الوباء، الذي يكشف الفروق الشاسعة في نهج كل دولة ومساراتها الاقتصادية، وهو ما تذكره فابيانا فيديلي رئيسة قسم الأسهم الأساسية العالمية في شركة روبيكو الهولندية لإدارة الأصول، في مقالها بصحيفة فايننشال تايمز. ويمكن اعتبار دول شمال آسيا، وبالتحديد الصين وتايوان وكوريا الجنوبية التي اتخذت مسارات فعالة حتى الآن، أقرب بشكل ملحوظ للعودة إلى وضعها الطبيعي من الدول النامية الأخرى. وفي الجهة المضادة، هناك البرازيل التي تبدو الاستجابة السياسية فيها غير فعالة، والهند التي يصعب احتواء الجائحة فيها لطبيعة تركيبتها الاجتماعية، وجنوب أفريقيا التي تقف القيود المادية عائقا أمام حكومتها. وتؤمن فيديلي بأن الفيروس قد فضح الخطأ الشائع بالتعامل مع كل الدول النامية كفئة واحدة متجانسة.
التعرض للخطر يكشف اختلافات كبيرة بين الاقتصادات: سلط "كوفيد-19" الضوء بشكل ضخم على 3 نقاط ضعف رئيسية في اقتصادات الأسواق الناشئة، لكن ملاحظة تأثيرها على الأطياف المتعددة لتلك الأسواق ستكون مختلفة.1) سُمعة الاقتراض، خصوصا مع زيادة خطر التخلف عن السداد. وتبلغ نسبة الدين الخارجي الإجمالي إلى احتياطيات النقد الأجنبي في جنوب أفريقيا أكثر من 300%، في حين أنها تزيد عن 40% بقليل في تايوان. 2) تراكم ضغوط الموازنة المالية. ومن المتوقع أن تشهد جنوب أفريقيا والبرازيل والهند عجزا بنسبة 11-12% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، بينما تشير التوقعات إلى وصول العجز في تايوان وكوريا الجنوبية إلى إلى 1.3% و3.2% على الترتيب فقط. 3) التأثر بهبوط الطلب العالمي على السلع والخدمات، بدءا من الصادرات والسياحة وانتهاء بالتحويلات.
وفي ما يخص العائدات طويلة الأجل، ربما يجب على المستثمرين تقييم الدولة بمفردها وليس باعتبارها نامية، فحتى دول شمال آسيا ستتأثر بتداعيات الجائحة على عوائد الاستثمار رغم أنها الأقرب إلى الانتعاش الاقتصادي، خصوصا الصين. ويمكن للحكومات التي تضخ الأموال حاليا عبر حزم التحفيز الاقتصادي، أن تزيد من اللوائح المنظمة للعائدات في محاولة لزيادة تدفقاتها. ومن المرجح أن تواجه سلاسل التوريد العالمية اضطرابا مستمرا، مع زيادة الاتجاه إلى المحلية وسعي الشركات إلى تقليل الاعتماد على مورد خارجي واحد. ومن المرجح كذلك أن يبقى السلوك الاستهلاكي منخفضا، مما يقلل الطلب المحلي على سلع الرفاهية والسفر بشكل خاص، وذلك حتى يتوفر لقاح للفيروس على نطاق واسع. ويعني هذا أنه من الضروري تقييم المخاطر والإمكانيات للعائدات الضخمة في كل بلد على حدة، والابتعاد عن التعامل مع الدول النامية كفئة متجانسة كما تقول فيديلي.