الأسواق الناشئة على شفا أزمة ديون أصعب وأكثر فوضوية من أي وقت مضى

الأسواق الناشئة على شفا أزمة ديون أصعب و"أكثر فوضى" من أي أزمات سابقة، فالبلدان التي اقترضت خلال السنوات العشر الماضية من سوق السندات بوتيرة غير مسبوقة، تواجه حاليا ضغوطا اقتصادية شديدة بسبب جائحة "كوفيد-19"، حسبما كتب كولبي سميث وروبين ويجلزوورث في فايننشال تايمز.
الصدمة الاقتصادية ضخمة ومسار التعافي أكثر غموضا من الأزمات السابقة، إذ أن وتيرة نزوح الأموال من الأسواق الناشئة كبيرة ومفاجئة حتى بالمقارنة بالأزمة المالية العالمية في 2008، وفق ما ذكره رامين تولوي الرئيس السابق لديون الأسواق الناشئة لدى شركة بيمكو. وما يضاعف المشكلة الصعوبة المتزايدة لدى المقترضين للتوصل إلى اتفاقية إعادة هيكلة للديون مع الجهات الدائنة والتي صارت الآن "العديد من صناديق السندات" وليس بنوك أو حكومات، وهو ما يخلق عدد من التعقيدات.
التعقيد الأول: خطر الصناديق الانتهازية، والتي يمكنها أن تهدد الحكومات المقترضة في منتصف أزمة الديون بسداد الدين بالكامل، بدلا من الدخول في اتفاق لإعادة الهيكلة، والتي تؤدي عادة إلى تخفيض سعر الفائدة وتمديد فترات السداد. ومع خطر الدخول في معارك قانونية طويلة ومكلفة، فإن الحكومات تختار أحيانا سداد الدين بالكامل لتلك الصناديق، طالما أنها لا تمثل سوى أقلية، والتمويلات تأتي بانتظام من الصناديق الأخرى. وبعد أن تمكن أحد الصناديق من الحصول على 2.4 مليار دولار من الحكومة الأرجنتينية بعد 15 سنة على تخلفها عن السداد، يشعر المحللون بالقلق حاليا من أننا قد نرى موجة من الصناديق تقلد هذا النمط، وهو ما قد يعقد أزمات ديون الأسواق الناشئة التي تلوح في الأفق.
التعقيد الثاني: حكومات الأسواق الناشئة نفسها تتعاقس عن المطالبة بإعادة هيكلة الديون، خوفا من أن يؤدي ذلك إلى انخفاض تصنيفها الائتماني، والذي قد يصعب لاحقا من إمكانية حصولها على تمويلات جديدة بشروط مناسبة من أسواق الناشئة، حسبما كتب جوناثان ويتلي في فايننشال تايمز. تلك المخاوف ليس بلا سند: فقد أشارت وكالات التصنيف الائتماني موديز وستاندرد أند بورز وفيتش إلى أن "لن يكون لديها خيار سوى تخفيض التصنيف الائتماني للحكومات المصدرة للديون في اللحظة التي تطلب فيها وقف السداد، وربما تعتبر أي إعادة للتفاوض بمثابة تخلف عن السداد". والمنطق السائد أيضا في الأسواق الناشئة هو أن إعادة هيكلة الدين لن يكون مفيدا حقا على المدى الطويل، وإذا طالبت الحكومات بتأجيل ديونها فلن تكون بعد عدة شهور في حال أفضل مما هي عليه الآن.
نادي باريس يعتزم التوسع في برنامجه لوقف الديون لما هو أبعد من الدول الأفقر، ولأبعد من المدى الزمني الذي حدده النادي مبدئيا بين 6 و12 شهرا، وفق ما ذكره أودلي رينو باسو رئيس النادي، وفق ما ذكرته بلومبرج. وبينما قال رينو باسو أن النادي "واثق" من أن الصين ستوافق على وقف سداد الديون، يرى أن الأسواق الناشئة ذات الدخل المتوسط ستحتاج على الأرجح إلى إعفاءات من الديون أو اتفاقيات إعادة هيكلة. وكانت الصين قد تلقت طلبات عديدة للإعفاء من الديون من دول حصلت على قروض من البنوك الصينية في إطار مبادرة الحزام والطريق، والموجه أغلبها إلى الدول الأفريقية، حيث سحب المقترضون أموالا بلغت 461 مليار دولار منذ عام 2013.