مع تزايد الجدل حول شكل العام الدراسي المقبل .. أصحاب المدارس الخاصة يفضلون عودة الطلبة للفصول
مع تزايد الجدل حول شكل العام الدراسي المقبل .. أصحاب المدارس الخاصة يفضلون العودة للتعلم داخل الفصول: في الوقت الذي تواصل فيه الحكومة الإشارة إلى إمكانية تخفيف قيود الإغلاق المفروضة بسبب وباء "كوفيد-19" بعد شهر رمضان، يبحث أولياء الأمور وأصحاب المدارس الخاصة عن إيضاحات بشأن ما قد يعنيه ذلك لأبنائهم الطلبة. وكان وزير التربية والتعليم طارق شوقي قد صرح أمام لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب في وقت سابق من هذا الشهر أن الوزارة تدرس عددا من المقترحات الخاصة بالعام الدراسي الجديد، ومن بينها تدوير الأسبوع الدراسي بين الطلبة، بحيث يحضر كل ثلث منهم يومين فقط في الفصول الدراسية، ويمتد اليوم الدراسي حتى الخامسة مساء، مع الاستعانة بالتعليم عبر الإنترنت خلال بقية أيام الأسبوع. وأثارت تلك التصريحات النقاش حول أفضل المسارات التي يجب اتباعها في العام الدراسي الجديد، وتركز النقاش حول خيارات الغلق الجزئي أو إنهاء الإغلاق بالكامل أو مواصلته.
والمدارس الخاصة تفضل العودة الجزئية للفصول الدراسية في حال عدم إمكانية فتح المدارس بالكامل: هناك إجماع بين أصحاب المدارس الخاصة في مصر على أنه، إذا لم يتمكنوا من فتح المدارس بالكامل، فإنه سيكون من الأفضل المزج بين الحضور داخل الفصول الدراسية والدراسة عبر الإنترنت بدلا من الدراسة بشكل كامل عبر الإنترنت. وفي تصريحات لإنتربرايز، قال كابونو سيوتي، مدير المدرسة الأمريكية الدولية: "نود أن نفتح بالكامل إذا كان القيام بذلك آمنا، ولكن إذا لم يكن كذلك، فإن نموذج التعلم الهجين سيكون خيارنا الثاني". وسيتوقف الشكل الذي سيكون عليه هذا النموذج على عدة عوامل من بينها الصحة والسلامة (سواء فيما يتعلق بمكافحة انتشار الفيروس وأيضا المخاطر طويلة المدى من التواجد في المنزل)، وما هي الصفوف الدراسية المعنية وأيضا التكاليف والتأثير على عمل المدارس. وبينما يصرح جميع من استطلعنا آرائهم من أصحاب المدارس أنهم يستعدون لجميع السيناريوهات المحتملة، فسيكون عليهم الانتظار لحين إعلان الحكومة عن توجيهاتها بحلول أغسطس المقبل على أقصى تقدير كي يطبقونها بنجاح.
ما هي الأساليب التي يدرسها أصحاب المدارس الخاصة لتنفيذ نموذج التعلم الهجين؟
توزيع الطلاب زمانيا ومكانيا: في حال تطبيق نموذج التعلم الهجين، فإن الرأي السائد في المدارس الخاصة مثل المدرسة الأمريكية الدولية سيكون إعطاء الأولوية للكفاءة في توزيع الطلاب وضمان وجود مسافات آمنة بينهم. ويقول سيوتي إن المدرسة الأمريكية الدولية ترى أن الحل الأسهل هو تواجد ما بين 50 إلى 70% من الطلاب داخل الفصل الدراسي الواحد، وأضاف أنه إذا كان هناك 66% أو ثلثي الفصل متواجدون، فلن يتغيب أي طالب سوى يوم أو يومين فقط في الأسبوع، وهو ما سيكون أفضل بكثير من حضور الطلاب يوميا. أما فيما يتعلق بتوزيع الطلاب داخل الفصول الدراسية، تخطط المدرسة الأمريكية الدولية أن تجعل لكل طالب مساحة شخصية حوله قدرها أربعة أمتار مربعة، بواقع مترين في كل اتجاه، مما سيسمح بقدرة استيعابية داخل الفصول تتراوح ما بين النصف إلى الثلثين. وتدرس المدرسة أيضا الحفاظ على تلك المسافات في الممرات، وفي أماكن التغذية والاستراحة وما إلى ذلك. وشدد سيوتي على أن هذه هي إحدى الطرق العديدة المتاحة أمام المدرسة لتنفيذ التعلم الهجين، ولكنها لم تتخذ قرارا حتى الآن.
وإعطاء الأولوية للطلاب الأصغر سنا: بالنسبة لأصحاب مدارس أخرى مثل شركة القاهرة للاستثمار والتنمية العقارية (سيرا)، من الضروري أن يعطي نموذج التعلم الهجين الأولوية للحضور داخل الفصول الدراسية للطلاب الأصغر سنا. وفي تصريحات لإنتربرايز، قال الرئيس التنفيذي للشركة محمد القلا: "بالنسبة لي، أفضل أن يكون أقصى وقت متاح داخل الفصول للطلاب في المراحل الدراسية من الروضة وحتى الصف السادس الابتدائي". وهذا الرأي يشاركه أيضا العديدون ومنهم وزارة التربية والتعليم، إذ أن الطلاب في تلك الفئات العمرية أكثر احتياجا لوجود المعلمين المحترفين والتفاعل مع أقرانهم. وأشار القلا إلى أن بعد الصف السادس الابتدائي، يكون دور المعلم أقرب إلى الإرشاد والتوجيه منه إلى التدريس.
ومدارس أخرى تتبع النظام المقترح من الوزارة: هناك مدارس خاصة أخرى يفضل القائمون عليها اتباع النظام الذي تضعه وزارة التربية والتعليم في هذا الشأن، والذي ينص على أن يكون الأسبوع الدراسي مكونا من ستة أيام، على أن يجري تقسيم الطلاب إلى ثلاث مجموعات وتقضي كل مجموعة يومين في الفصل الدراسي وأربعة أيام يكون التعلم من المنزل. وقال بدوي علام، نائب رئيس جمعية أصحاب المدارس الخاصة، في تصريحات لإنتربرايز: "نظرا لأن أحجام الفصول الدراسية في مدارس القطاع الخاص تكون أصغر من تلك الموجودة بالمدارس الحكومية، فإنني أوصي بتقسيم الطلاب في كل مدرسة إلى مجموعتين تحضران الفصول الدراسية في المدرسة لمدة يومين في الأسبوع". ويرى علام أيضا أنه من الأفضل أن يكون هناك يوم ثالث يشارك خلاله الطلاب في الأنشطة البدنية والدروس خارج الفصل الدراسي كوسيلة للتخفيف من تأثير الإغلاق المطول على الصحة البدنية والعقلية.
وأصحاب المدارس ينظرون لتجربة الدول الأخرى في تطبيق "التعليم الهجين": قال سيوتي، وأيضا أحمد وهبي الرئيس التنفيذي لمجموعة جيمس مصر، إن مدارس مثل جيمس والمدرسة الأمريكية الدولية تود التعلم من تجربة المدارس الشقيقة لها. وقال سيوتي: "فروعنا في الصين ولبنان هي بالأساس في نفس الموقف الذي نحن فيه. ونحن على تواصل دائم معهم وكل طرف يتابع تجربة الآخر لمعرفة ما يمكن تعلمه". وتخطط وزارة التعليم الإماراتية، والتي تفكر فقط في التحول الهجين إذا ما بدأت معدلات الإصابة بالفيروس في التراجع، للبدء في استئناف الدراسة داخل المدارس لما بين 30 إلى 50% من الفصول الدراسية، حسبما جاء في صحيفة جلف نيوز – وهي خطة انتقالية مماثلة لما تفكر به المدرسة الأمريكية الدولية. وأشار سيوتي كذلك إلى مبادئ إعادة فتح المدارس التي أصدرتها مدرسة كوبنهاجن الدولية كدليل إرشادي. ويقول كريم روجرز، المدير التنفيذي لمدرسة الألسن: "إنني أتابع بشكل خاص ما يحدث في ألمانيا، وذلك لمعرفة الأسلوب الذي بتبعونه فيما يتعلق بالتعلم الهجين وبتشغيل المدارس".
هناك وقبل كل شيء مشكلة التكاليف: يقول سيوتي: "المدارس ستتحمل بالتأكيد تكاليف إضافية عندما نعيد فتحها". وأضاف أن المدرسة الأمريكية الدولية سيتعين عليها دراسة كل شيء بداية من توفير المعدات الأحدث وحتى توفير التدابير الإضافية للصحة العامة، وأيضا هناك الباصات، إذ أننا سنحتاج لأقل من نصف قدرتها الاستيعابية المعتادة. ويقول روجرز، "ارتفعت التكاليف لدينا بشكل كبير من خلال شراء المزيد من المواد والبرامج ونطاق الإنترنت وإجراءات النظافة الإضافية". ويطرح روجرز سؤالا حول من سيغطي تكاليف هذه التدابير الإضافية، مع الأخذ في الاعتبار أن الرسوم المدرسية خلال وباء "كوفيد-19" كانت بالفعل نقطة خلاف رئيسية بين المدارس وأولياء الأمور. وكما أشرنا الشهر الماضي، فإن أولياء الأمور طالبوا رسميا باسترداد 40% من القسط الثاني للمصاريف الدراسية (والتي تمثل 15% من إجمالي المصاريف الدراسية للعام الدراسي) أو تأجيله للعام الدراسي المقبل 20201/2020. وهناك أيا مخاوف من أن الوزارة ستوقف زيادة الرسوم لهذا العام. ومن جانبه، أوضح بدوي علام، والذي يتفق مع وجهة النظر هذه، أنه ينبغي على الحكومة أن تساعد في تغطية تكاليف تعقيم المدارس لا سيما فيما يتعلق بالمدارس الخاصة الأكثر احتياجا.
أنظار كل من تحدثنا معهم موجهة حاليا إلى الصين وتجربتها في عودة الطلاب للدراسة، حيث نجد أن أعداد الطلاب داخل الفصول أصبحت أقل، كما أن مدة الحصص الدراسية أصبحت أقصر، وهناك تعليمات بتجنب استخدام المواصلات العامة، وفقا لبي بي سي. هناك أيضا تعليمات للطلاب بارتداء الكمامات، كما أنهم يخضعون لفحص درجة حرارتهم عند دخول الفصول الدراسية. وقال القلا: "أنا مهتم بشكل خاص بعملية تنظيم حركة الطلاب هناك، وتوزيع الفصول الدراسية، والتركيز على تدريس المناهج الرئيسية". وتابع: "أحد الأشياء التي تعلمناها من الصين هو أن أوقات الغداء والتواجد بالممرات هي من أكثر الأمور التي يصعب إدارتها، ولكن هناك حلول، بما في ذلك ربما إحضار الغداء إلى داخل الفصول الدراسية لتقليل الوقت الذي يكون فيه الأطفال في الممرات".
ولكن لا يزال خيار التعلم الهجين هو الأقل ملائمة للمدارس الخاصة: في حين أن كل من تحدثنا إليه من أصحاب المدارس الخاصة يفضل نموذج التعلم الهجين، فإنهم في ذات الوقت يرون أنه من وجهة نظر القيام بالأعمال ووجهة النظر التشغيلية، يعد نموذج التعلم الهجين أقل ملاءمة من التعلم بالكامل عبر الإنترنت.
ثم أن هناك مشكلة العناية الشخصية: يقول روجرز إن نموذج التعلم الهجين سيدفع المدارس للتفكير في إجراءات السيطرة التي لديها على ممارسات العناية الشخصية للعاملين لديها خارج المدرسة، وتابع: "لا يمكننا منع الموظفين من ركوب الميكروباصات عندما يغادرون المدرسة".
وهناك أيضا الأعباء المتزايدة الواقعة على طاقم التدريس: كل ما تحدثنا إليه يشير إلى ازدياد الضغوط على المعلمين، والذين يعانون بالفعل من انخفاض أجورهم وتحملهم للعمل الزائد، والذين سيجدون أنفسهم مضطرين للتدريس في الفصل وفي المنزل. ويقول روجرز: "في حين أنه سيكون من السهل على المدارس الدولية أن تطبق التعلم الهجين، مقارنة بالمدارس الحكومية وحتى بالنسبة لنا، إلا أن تطبيق ذلك النموذج سيكون صعبا للغاية من الناحية العملية، إذ سيتعين على المعلمين تغطية نفس المادة عدة مرات". واتفق معه في وجهة النظر تلك كل من سيوتي والقلا، ويشير سيوتي إلى الضغوط العاطفية التي سيعاني منها المعلمون نتيجة لتحمل العمل الإضافي.
ولكن لماذا يفضل أصحاب المدارس الخاصة النموذج الهجين على الانتظار حتى يكون هناك رؤية أوضح؟ يقول القلا إن هذا الأمر ضروري من وجهة النظر الأكاديمية. وتابع: "أنا أشعر بالقلق بشأن التعلم عبر الإنترنت للطلاب الأصغر سنا، فمعظم المساعدة العملية التي يحصلون عليها من التعلم الإلكتروني ستكون من آبائهم الذين هم ليسوا معلمين متخصصين. وأضاف: "لا بد من وجود شخص محترف للصفوف دون الصف السادس الابتدائي". من المهم أيضا من الناحية النفسية للطلاب في تلك الفئة العمرية التفاعل مع أقرانهم. وأشار القلا إلى أن هناك حاجة إلى بناء المهارات الاجتماعية التي لا يمكن أن تأتي إلا من خلال التفاعل مع الآخرين. ويتفق سيوتي مع وجهة النظر تلك، قائلا إنه يفضل رؤية نظام هجين، لأنه من المهم بناء علاقات داخل الفصل الدراسي بين الطلاب ومع المعلمين. وأضاف أن التفاعلات المباشرة داخل الفصل الدراسي هي الطريقة الأكثر فعالية لتحقيق ذلك.
الأضرار طويلة المدى الناتجة عن انخفاض الجودة تفوق التكاليف قصيرة المدى: يرى القلا أنه، من منظور الأعمال، أي ضرر للسمعة ينتج عن انخفاض جودة التعليم يمكن أن يأتي من نموذج التعلم عبر الإنترنت بالكامل سيفوق بكثير الزيادة على المدى القصير في التكاليف التي يمكن أن تنتج عن النموذج الهجين. وأضاف: "لذلك فنحن على استعداد للتضحية بالتكاليف من أجل الحفاظ على جانبي السمعة والجودة".
وفي كل الحالات، فإن المدارس بحاجة إلى توضيح من جانب الحكومة بشأن الاتجاه الذي يجب أن تسلكه في موعد لا يتجاوز الأول من أغسطس المقبل. يقول أحمد الخطيب، والذي يرأس مجموعة مدارس الخطيب، في تصريحات لإنتربرايز: "يجب أن أتلقى توجيهات من الوزارة بشأن المسار الذي يجب أن أسلكه بحلول شهر يونيو المقبل لتحديد عدد الطلاب الذين يجب أن أقبلهم للعام الجديد". ويقول روجرز إن مدرسة الألسن تعد حاليا على ميزانيتها لعام 2021/2020، وهي عملية تبدأ عادة قبل 18 شهرا. وتابع: "في الوقت الحالي هناك العديد من المتغيرات التي تجعل هذه العملية صعبة للغاية." ومن جانبه، صرح مساعد وزير التربية والتعليم محمود حسونة لإنتربرايز، أن الوزارة تركز حاليا على الثانوية العامة، وبعد الانتهاء منها ستركز على المسار الذي ينبغي أن تتخذه المدارس في العام الدراسي الجديد. ولم يحدد حسونة متى ستصدر الحكومة توجيهاتها، ولكن يمكننا أن نستنتج أنه من غير المحتمل أن نحصل على أي إيضاحات قبل شهر يونيو.
يجب أيضا أن تتناول المدارس هذه القضية مع مجلس النواب وأولياء الأمور، لا سيما وأن أولياء الأمور على وجه الخصوص هم الأكثر اعتراضا على ذهاب الطلاب مجددا للمدارس في الوقت الذي وصلت فيه حالات الإصابة اليومية بـ "كوفيد-19" إلى ما يزيد عن 400 شخص. وقال أحد أعضاء رابطة لأولياء الأمور، والذي اشترط عدم الكشف عن هويته، إنه في حال قررت الدولة أن يعود الطلاب للحضور في المدارس فإنه سيتوقف عن إرسال أبنائه للمدرسة وسيوفر لهم التعليم من المنزل. أما على صعيد مجلس النواب، فمن المقرر أن تعقد لجنة التعليم والبحث العلمي بالمجلس اجتماعا مع وزير التربية والتعليم يوم الأحد 17 مايو لاتخاذ قرار بشأن ما سيتخذ من إجراء يخص العملية التعليمية، حسبما صرح به رئيس اللجنة سامي هاشم لإنتربرايز. وفي حين أن هاشم يرى أن أحد أشكال التعلم الهجين سيكون الأفضل للفترة المقبلة، فإن مجلس النواب لن يتردد في المناداة بالتعلم عبر الإنترنت بشكل كامل إذا استمرت معدلات الإصابة في الارتفاع.