كيف انعكس إبعاد البنوك عن المخاطرة على أسواق المال بعد عقد كامل؟
المخاطرة كالطاقة، وهي الآن تنتقل من البنوك إلى أسواق المال: تلوح في الأفق أزمة مالية بسبب تفشي وباء "كوفيد-19" على الاقتصاد العالمي، في الوقت الذي يبدو فيه أن الجهود الرامية إلى تأمين البنوك قد "تآمرت لجعلها أكثر هشاشة"، وفق ما يؤكده روبن ويجلزوورث في مقاله بجريدة فايننشال تايمز. ومنذ مساعدة البنوك الكبرى بحزمات مالية ضخمة خلال الأزمة المالية العالمية في 2008، تعهد صناع السياسات بعدم فعل ذلك مرة أخرى. وفي المقابل، فرضت الهيئات المنظمة متطلبات رأسمالية أكثر صرامة على البنوك، مما حد من قدرتها على الانخراط في تداول "الملكيات"، أو بيع وشراء الأسهم والسندات باستخدام أموالها الخاصة لبناء رأس مال في الاقتصاد.
ونتيجة لذلك، بدأ دور البنوك كمحرك للأسواق في التضاؤل، ومن ثم كان عليها مجاراة ما يفعله الوسطاء أصحاب الخبرة في تحقيق الأرباح السريعة. وفي حين أن هذا التحول جعل البنوك أقل تعرضا للمخاطر، فإن التحول إلى التكنولوجيا وإدخال الخوارزميات عمل على تسريع العملية وتحويل المخاطر إلى الأسواق المالية العالمية، التي تعاني من شح السيولة في الوقت الحالي.
وقد حذر مراقبو السوق سابقا من أن تحول البنوك من مؤسسات تساعد الآخرين على جمع رأس المال إلى مجرد وسطاء، سيؤدي إلى تضخيم أي أزمة اقتصادية تقع بعد 2008، وهو ما سبق وذكره ويجلزوورث في مقال عام 2018، بالتعاون مع محرر القطاع المصرفي في فايننشال تايمز بن ماكلاناهان، وذلك بسبب المحاولات المحمومة للقضاء على نفوذ الاقتصاد.
تأثير الكوبرا، أو "جه يكحلها عماها": في المستقبل، ربما يصف الاقتصاديون وضعنا الحالي على أنه تكرار حديث لوصف "تأثير الكوبرا"، وهو مثال على إمكان وجود آثار جانبية سلبية للسياسات الاقتصادية ذات النية الحسنة، وفق ويجلزوورث. وظهر مصطلح "تأثير الكوبرا" لأول مرة عام 2001 على يد الاقتصادي الألماني هورست سيبرت في كتاب حمل العنوان ذاته، لكنه يستقي الاسم من قصة وقعت خلال الاستعمار البريطاني للهند. ففي ذلك الوقت، حاولت الحكومة البريطانية في دلهي مواجهة تفشي الكوبرا عن طريق إعلان مبادرة بدفع مكافأة لكل مواطن يسلم ثعبانا ميتا. وبناء على ذلك، بدأ السكان في تربية الثعابين للاستفادة من النقود، وهو ما تسبب في انتشارها بأعداد أكبر حين قررت الحكومة البريطانية إلغاء المبادرة.