التوجهات المعمارية عبر التاريخ

يعد المعمار تعبيرا عن القيم، لذلك فالتاريخ المعماري هو بيان مفصل عن القيم والمبادئ التي تبنتها المجتمعات في العصور المختلفة من التاريخ.
وحاز التناسق والتناسب على أهمية كبرى في عصر النهضة، فاعتمد المعماريون العاملون في القرن الـ15 في إيطاليا على الدقة الحسابية إلى جانب المعايير الجمالية الرفيعة. ويقول موقع وايد وولز إن المعماريين آنذاك اعتمدوا على نظريات الواقعية والعقلانية، ويظهر ذلك على العواميد والواجهات الموجودة في عدة مباني مثل كنيسة القديس بطرس في الفاتيكان وفيلا روتوندا قرب مدينة فينيسيا. وتذكر تلك المباني المتناسقة بالمراحل المبكرة للمعمار الكلاسيكي والتي اعتمدت على استخدام العواميد لتعويض الأخطاء الطبيعية في نظر الإنسان. ويعكس ذلك الرغبة في الالتزام بنظام وعقلانية في الحضارات الإغريقية والرومانية القديمة، طبقا لموقع ثوت كو.
وفضلت توجهات أخرى الاعتماد على الزخارف المبالغ فيها مثل معمار الباروك في فرنسا وإيطاليا أثناء القرن الـ 17 الأقل التزاما وكذلك الحركات المعاصرة مثل الحركة الحداثية الجديدة. ويشتهر طراز الباروك بالمبالغة في التزيين، ويظهر تحولا من معمار عصر النهضة السابق له المعتمد بشكل كبير على العقلانية إلى طراز أكثر اعتمادا على الرؤية المرحة والمرفهة للعالم آنذاك، طبقا لوايد وولز. ويظهر ذلك التحول الثقافي جليا في قصر فرساي قرب باريس المليء بالزخارف الدراماتيكية الحادة.
بعض المعماريين تمردوا على التوجهات الموجودة، مثل المعمارية الراحلة زها حديد في تصميم مركز حيدر علييف في أذربيجان وفرانك جيري في تصميم متحف جوجنهايم بمدينة بلباو الإسبانية الذين كانا أقل التزاما بالمعايير العملية الحديثة لصالح التصميمات الحرة المعتمدة على التكنولوجيا، طبقا لموقع ثوت كو.
وبعض المعماريين الآخرين كانوا يتطلعون للسماء. فالمعماريين القدامي والقوطيين اعتمدوا على الدين كمحور لتصميم أبنيتهم، ولذلك قاموا بتعلية أبنيتهم في اتجاه السماء، وهو ما يظهر في أهرامات الجيزة بمصر وأبنية أخرى تحاول التقرب للآلهة. وكذلك كانت الأولوية في أبنية القرن الـ 12 في أوروبا تعطي الأولوية للمباني المقدسة كما في كاتدرائية نوتردام في باريس التي وصلت لارتفاعات غير مسبوقة في المدينة.
امتدت بعض تلك الاتجاهات لآلاف السنوات، فالمعمار القوطي بالقرنين الـ 12 والـ 16 يبدو بعيدا للغاية عن المعمار المصري القديم ولكنهما يتشابهان في تخصيصهما للموارد ووضع الأولوية للمباني المقدسة على حساب المباني المدنية الأخرى التي لم يتبق منها سوى القليل، بحسب موقع وايد وولز. وتحتوي الكاتدرائيات القوطية على ديكورات داخلية ملونة استخدم فيها الزجاج الملون والصور التوصيفية وكذلك المعابد المصرية القديمة المزينة بأشكال هيروغليفية معقدة.