هل تشهد الأسواق الناشئة إجراءات لضبط رؤوس الأموال؟
هل الأسواق الناشئة بصدد إجراءات لضبط رؤوس الأموال؟ يبدو أن اقتصادات الأسواق الناشئة تشهد في الوقت الحالي تراجعا غير مسبوق في التمويل الخارجي، مع وجود مؤشرات على أن التدفقات الخارجة من صناديق السندات والأسهم في الأسواق الناشئة في الأسابيع الثلاثة الماضية تجاوزت 4% من صافي قيمة الأصول. وعادة ما يحدث في هذه الحالة أن تكون هناك استجابة من قبل صانعي السياسات في الأسواق الناشئة عن طريق بيع الاحتياطيات والسماح بانخفاض في قيمة عملات تلك الأسواق، ولكن مع تفشي وباء "كوفيد-19" والذي وضعنا جميعا أمام مخطط زمني غير معلوم، فقد يتراجع استعداد صانعي السياسات لمواصلة بيع الدولار إلى المستثمرين الذين يتخلصون من الأصول. لذلك قد يكون صانعو السياسات أقرب من أي وقت مضى إلى وضع ضوابط على رؤوس الأموال، مما سيقيد حركتها لأنها تعتبر حركة للأشخاص والبضائع، وفقا لتقرير كتبه ديفيد لوبين، رئيس قسم اقتصاديات الأسواق الناشئة في سيتي بنك، في صحيفة فايننشال تايمز.
وثمة تزايد في المخاطر ولكن هناك أيضا تراجع في إجراءات علاوة المخاطر: يرى لوبين أن أعباء الدين العام في الأسواق الناشئة تقع تحت ضغط لأن ترتفع، إما بسبب عوامل الاستقرار المالي الأوتوماتيكية أو بسبب الإجراءات المتخذة لحماية المواطنين من التداعيات الاقتصادية لفيروس "كوفيد-19". ويقول أيضا إنه، وفي الوقت نفسه، هناك تراجع في بعض جوانب علاوة على المخاطر، مع مواصلة سياسات التيسير النقدي من قبل البنوك المركزية. ولهذا فإنه في حين أنه من مصلحة الاقتصادات المحلية أن تتراجع أسعار الفائدة، فإن منع خروج التدفقات الكبيرة لرؤوس الأموال قد يتطلب وجود أسعار فائدة مرتفعة، خاصة مع زيادة أعباء الديون.
قد يكون تضييق النشاط هو الخيار الأكثر قبولا لدى الأسواق الناشئة: قد يؤدي هذا الأمر إلى تخلف الدول عن سداد مديونياتها أو أن تقوم بفرض قيود على البنوك المحلية فيما يتعلق ببيع الدولار من خلال الضرائب أو أسعار الصرف التفاضلية أو حتى الحظر. وهذه الإجراءات هي الأكثر ترجيحا بفضل المرونة المتزايدة لصندوق النقد الدولي بشأن مسألة القيود المفروضة على حركة رؤوس الأموال واحتمال عدم دعم الإدارة الأمريكية لإجراءات تعزيز السيولة الدولية، مثل حقوق السحب الخاصة الجديدة للدول الأعضاء بصندوق النقد الدولي، وفقا لما قاله لوبين.
تمكنت مصر من تجنب الوصول لأسوأ الأمور حتى الآن، فقد رأينا بالفعل المحللين يتوقعون أن خفض أسعار الفائدة، في الاجتماع الطارئ للبنك المركزي في وقت سابق من الشهر الحالي بمقدار 300 نقطة أساس سيساهم على الأرجح في زيادة التدفقات الخارجة من استثمارات الأجانب في أدوات الدين، ولكن في الوقت الحالي ما زالت أدوات الدين المقومة بالجنيه "جذابة إلى حد ما". ولكن نظرا لأننا ما زلنا نعاني من الإغلاق جراء وباء "كوفيد-19"، والذي يتوقع بنك الاستثمار رينيسانس كابيتال أننا قد نواجه صعوبات في تمويله، يبقى السؤال مفتوحا عن المدة التي يمكننا فيها تحمل هذه التدفقات الخارجة الكبيرة.