المعمار يروي قصة الحضارة: يمنحنا معمار حضارات القديمة رؤية للحياة اليومية والمعتقدات وتدرج السلطة ومصادر الإلهام لشعوبها. إضافة لذلك يخلق المعمار التواصل مع الأجيال اللاحقة، وخير مثال على ذلك النزعة العالمية في الحضارات القديمة لتدوين شهادتها على العصر من خلال الكتابة على منشآتها المعمارية وترك بصمتها عليها، فالكتابات الرومانية على المعالم الأثرية في مصر تعطينا انطباعا عن الناس الذين عاشوا قبل 2000 عام وكيف يتشابهون معنا في عدة نواحي.

وعند حضورك حفلا موسيقيا المرة المقبلة، تذكر الإغريق. ويعد المعمار الإغريقي من الأكثر تميزا في العالم بأعمدته العريضة وتركيزه على التناسق وتناوله للأساطير الإغريقية للتزيين. وتعد المعابد المخصصة لعبادة الآلهة القديمة هي أبرز معالم المعمار الإغريقي وكذلك الاستادات والمسارح المخصصة لتنظيم المسابقات والعروض. وعدل الإغريق من تصميمات الحضارات السابقة للمعابد لتناسب عباداتهم ولكنهم ابتكروا تصميمات للمسارح المكشوفة والاستادات التي تعد من بين إسهاماتهم للثقافة العالمية. وإلى اليوم تستخدم تلك التصميمات في إنشاء الاستادات الحديثة والمنشآت المشابهة.

تطور المعمار الفينيقي بسبب حركة التجارة، فاعتمد الفينيقيون على التجارة البحرية وهو ما انعكس على معمارهم. وأظهرت الاكتشافات الأخيرة أن الفينيقيين صمموا موانئ صناعية ذات أحواض مستطيلة حفرت في الصخور الطبيعية. وقام الفينيقيون أيضا بتحصين مدنهم وبناء السدود الضخمة والجسور والأسوار ذات البوابات. ومع ذلك اعتمدت معظم منشآتهم على الأخشاب التي لم تعش طويلا. ويتبقى حاليا من معمار تلك الحضارة المعابد المبنية بالصخور والأسوار والأضرحة التي يمكن زيارتها في مدن مثل بيروت والقدس.

المباني "العلمانية" لحضارة المايا: لم تفرق حضارة المايا بين المنشآت الدينية وغير الدينية. وأهرامات تلك الحضارة غنية بالمعاني والرموز وتتكون من 9 درجات تمثل مستويات العالم السفلي الذي آمنت به. وتحتوي قصورهم على أشكال شبكية معقدة تعكس رؤية الحضارة للكون. كما قام أبناء حضارة المايا بتزيين ملاعب الكرة برموز للنجوم والعالم السفلى في الأعلى والأسفل، حيث يقوم اللاعبون بمحاولة تسديد الكرة داخل حلقة مثبتة ما بينهما دون استخدام أيديهم أو أرجلهم. وقد يكلف خسارة تلك المباريات اللاعبين حياتهم.