المستثمرون حول العالم يسيلون استثماراتهم في الأسهم والسندات وسط تزايد الغموض
تبدو تلك الصورة الآن من زمن بعيد، حلم فيه المستثمرون بالوصول إلى "مدينة الزمرد" باقتراب مؤشر داو جونز من حاجز الـ 20 ألف نقطة، وأمس عاد الحلم خيالا من جديد.
أغلق مؤشر داو جونز أمس دون مستوى 20 ألف نقطة للمرة الأولى منذ 2016، مع مواصلة الذعر بشأن تأثيرات "كوفيد-19" على الاقتصاد الأمريكي. وتكبد المؤشر الخسائر الأكبر بين المؤشرات الثلاثة الرئيسية في الولايات المتحدة، بعدما أغلق منخفضا بنسبة 6.3%. في حين هبط مؤشر ستاندرد أند بورز بنسبة 5.2%، وناسداك بنسبة 4.7%.
وواصل المستثمرون في الأسواق الأمريكية تسييل استثماراتهم في الأسهم والسندات، مع تراجع سعر النفط إلى أدنى مستوى منذ 18 عاما، وتزايد الغموض حول قدرة قادة العالم على التصدي إلى جائحة "كوفيد-19".
وصار التراجع أمرا معتادا في الأسواق الأوروبية، مع تسجيل تراجعات بين 4% و6% في المؤشرات الرئيسية ببورصات القارة. والأمر الإيجابي (إذا صح التعبير) هو تراجع مؤشر إبيكس الإسباني بنسبة 3.5% فقط، في حين هبطت الأسهم الإيطالية بنسبة 1.3%.
انهيار أسواق النفط تتخذ أبعادا تاريخية: سجل خام النفط الأمريكي ثالث أسوأ تراجع يومي له في التاريخ متراجعا بنسبة 24% ليهبط إلى 20.37 دولار للبرميل، وهو أدنى مستوى له منذ فبراير 2002. وانهار سعر خام برنت إلى أدنى مستوى مسجل منذ 17 عاما، عند 24.67 دولار للبرميل، بتراجع بنسبة 14.1%.
وما زال لم نصل إلى القاع بعد: حذر محللون من أن سعر البترول قد ينهار إلى دون مستوى 10 دولارات الشهر المقبل، عندما تبدأ السعودية في ضخ البترول بأسعار زهيدة للغاية ورفع معدلات الإنتاج إلى مستويات قياسية، وفق ما ذكرته وول ستريت جورنال. وقال وارن راسل، خبير السلع الأساسية لدى بنك أوف أميركا إنه قد يكون هناك فائض يصل إلى 10 مليون برميل يوميا، مع وصول جائحة "كوفيد-19" إلى ذروتها في أوروبا، ما سيكدس مخزونات من النفط تتجاوز 900 مليون برميل خلال الربع الثاني من العام الجاري.
التوسع في برامج التحفيز المالي المتوقعة تضع مزيدا من الضغوط على سوق السندات، مع توقع المستثمرون أن تتوسع الحكومات في الولايات المتحدة وأوروبا في زيادة مستويات الدين عير إصدار السندات لتمويل جهود مواجهة جائحة "كوفيد-19"، وهو ما أدى إلى ارتفاع العائد على السندات الأوروبية إلى أعلى مستوى منذ أسابيع، في حين ارتفع العائد على السندات الأمريكية المرجعية لأجل 10 سنوات بنسبة 0.12% ليسجل 1.2%، وفقا لفايننشال تايمز.
ولكن العائد على السندات الأمريكية قصيرة الأجل هبط إلى المنطقة السالبة: تراجع العائد على أذون الخزانة الأمريكية لأجل شهر وثلاثة أشهر دون مستوى الصفر، في مؤشر إلى أن المستثمرون يهرعون إلى الأصول الأكثر أمنا، حسبما تذكر فايننشال تايمز.
"لا أعتقد أننا رأينا يوما مثل هذا، إذ من الواضح أن المستثمرون يتجهون نحو السيولة"، وفق ما قاله يوسف عباسي خبير استراتيجيات الأسواق العالمية لدى شركة إنتل إف سي ستون فايننشال للاستشارات المالية في نيويورك.
وسجل مؤشر بلومبرج للدولار ارتفاعا قياسيا وسط تحركات "مذهلة" في سوق صرف العملات الأجنبية: ارتفع مؤشر بلومبرج للدولار الأمريكي إلى مستوى قياسي أمس وسط تصاعد عمليات بيع الأسهم والسندات. وانخفض الجنيه الإسترليني إلى أدنى مستوى منذ 35 سنة تقريبا، وبلغ الكرون النرويجي أقل مستوى منذ عام 1971، في حين تراجع الدولار الكندي بنسبة 3.1%، مسجلا أدنى مستوى منذ ثلاث سنوات. وكان المستثمرون قد ضخوا 137 مليار دولار في أصول سائلة على مدى الأيام الخمسة السابقة ليوم 11 مارس، وفقا لبنك أوف أميركا، والتي أظهر استطلاعها الشهري بين مديري الصناديق تسجيل رابع أكبر ارتفاع في المخصصات من 4% إلى 5.1%.