المركزي يخفض أسعار الفائدة الرئيسية 3% في خطوة تهدف لدعم الاقتصاد في مواجهة تأثيرات كوفيد-19
المركزي يخفض أسعار الفائدة الرئيسية 3% في خطوة تهدف لدعم الاقتصاد في مواجهة تأثيرات "كوفيد-19": قرر البنك المركزي، في اجتماع طارئ للجنة السياسة النقدية أمس، خفض أسعار الفائدة الرئيسية بواقع 300 نقطة أساس، وقال البنك في بيان له إن القرار "جاء فى ضوء التطورات والأوضاع العالمية وما استتبعه من التحرك للحفاظ على المكتسبات التي حققها الاقتصاد المصري منذ انطلاق برنامج الإصلاح الاقتصادي الوطني وما اعتاده البنك المركزي المصري على اتخاذ خطوات استباقية في الظروف الإستثنائية".
ووفقا للقرار، يصبح سعر العائد على كل من الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية عند مستوى 9.25% و10.25% و 9.75% على الترتيب، كما تقرر خفض سعر الائتمان والخصم ليصل إلى 9.75%. وأبقى البنك المركزي على أسعار الفائدة دون تغيير في الاجتماعين السابقين للجنة السياسة النقدية، وسبق أن خفض أسعار الفائدة الرئيسية بمقدار 450 نقطة أساس خلال الفترة ما بين فبراير ونوفمبر من العام الماضي.
وقالت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي "تم خفض أسعار العائد كإجراء استثنائي مما يساهم في دعم النشاط الاقتصادي بكافة قطاعاته، أخذا في الاعتبار التوقعات المستقبلية للتضخم واتساقها مع تحقيق معدل التضخم المستهدف البالغ 9% (± 3%) خلال الربع الرابع من عام 2020".
وأكد محافظ البنك المركزي طارق عامر أهمية القرار، وقال إنه يأتي ضمن عدد من الإجراءات الاستباقية التي اتخذها البنك لتجنب تأثر مصر بالأوضاع الاقتصادية العالمية. ووصف عامر قرار تخفيض أسعار الفائدة بأنه يأتي "ضمن التضحيات التي تقدم لدعم الاقتصاد المصري".
وأصدر البنك المركزي تعليمات للبنوك بمد أجل استحقاقات القروض للشركات الصغيرة والمتوسطة لمدة 6 أشهر من دون أية غرامات. وقال عامر أمس إن الشركات الكبرى والأفراد سيستفيدون من هذا القرار أيضا.
القرار جاء كخطوة جريئة وغير متوقعة، وفقا لما قالته رضوى السويفي، رئيس قسم البحوث في شركة فاروس القابضة، في تصريحات لإنتربرايز. وأضافت أن القرار سينعكس إيجابيا على النمو الاقتصادي والقطاع الصناعي وأيضا على عجز الموازنة، كما أنه من المفترض أن يدعم أداء البورصة خلال الفترة المقبلة.
الاقتصاد المصري يعاني حاليا من التأثيرات السلبية لتفشي فيروس "كوفيد-19" وأيضا لتصاعد حدة حرب أسعار النفط بين السعودية وروسيا، كما تواجه الصناعة المحلية صعوبات لا سيما وأن انتشار الفيروس أدى إلى تعطل حركة التجارة وسلاسل التوريد العالمية، كما أن قطاع السياحة والذي كان بصدد التعافي يعاني الآن من شلل تام بعد أن أغلقت معظم البلدان حول العالم حدودها لاحتواء الفيروس. ويهدد الانهيار في أسعار النفط اثنين من الموارد الرئيسية للعملة الصعبة، وأولهما تحويلات المغتربين، والتي ارتفعت إلى 6.71 مليار دولار في فترة الثلاثة أشهر من يوليو وحتى سبتمبر الماضي، نظرا لأن المصريين المقيمين بدول الخليج سيتضررون من تداعيات تراجع أسعار النفط لما دون 35 دولار للبرميل، وثانيهما إيرادات قناة السويس والتي من المتوقع أن تتراجع مع انحسار حركة سفن نقل النفط التي تعبر القناة.
وفي تعليقه على قرار تخفيض أسعار الفائدة، قال محرم هلال نائب رئيس اتحاد المستثمرين، إنه القرار إيجابي وإنه سيصب في صالح المصانع إذ سيخفف أعبائها، ولكن من السابق لأوانه الحديث عن استثمارات جديدة، في ظل الظروف التي تمر بها البلاد حاليا بسبب أزمة كورونا، ولا سيما أن المشهد الاقتصادي في مصر غير مستقر.
هل يعني القرار التخلي عن الأموال الساخنة؟ أوضح أبو بكر إمام، رئيس قطاع البحوث بشركة سيجما لتداول الأوراق المالية أن قرار خفض أسعار الفائدة يعني أن البنك المركزي لم يعد يعطي الأولوية لدعم سعر الجنيه أمام العملات الأخرى واستقطاب الاستثمارات الأجنبية كما كان عليه الحال في الآونة الأخيرة، وأنه منح الأولوية لدعم الاقتصاد المصري.
التأثيرات جراء القرار على سعر صرف الجنيه ستكون ضئيلة، وفقا لما قاله هاني جنينة رئيس قسم البحوث في شركة برايم القابضة. وأوضح أن القرار الذي جاء في اجتماع طارئ للجنة السياسة النقدية من غير المرجح أن يحدث هبوطا كبيرا لسعر صرف الجنيه مقابل الدولار، لا سيما وأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي قرر الأحد الماضي خفض أسعار الفائدة الرئيسية إلى صفر. وتراجع سعر صرف الجنيه تدريجيا أمام الدولار مؤخرا بعد أن سجل مكاسب كبيرة خلال الأسابيع السبع الأولى من هذا العام. واستقر سعر صرف الجنيه أمس عند 15.69 جنيه للدولار، بعد أن خسر 20 قرشا بالمقارنة مع أعلى مستوى له في 23 فبراير الماضي.
أدوات الدين المقومة بالجنيه ما زالت "جذابة إلى حد ما"، وفقا لما قالته مونيت دوس، نائب رئيس قسم البحوث في إتش سي للأوراق المالية، والتي أضافت في تصريحات لإنتربرايز، أن العوائد على أدوات الدين الحكومية ستظل جذابة إلى حد ما عقب قرار خفض أسعار الفائدة، لتقدم سعر فائدة حقيقة قدره 0.95% (مع احتساب الخفض بنسبة 3% في أسعار الفائدة وتوقعات إتش سي للتضخم عند 9% خلال 2020)، مقارنة بصفر بالمائة بالنسبة لتركيا.
والعائد على سندات الخزانة يقفز مع تصاعد المخاوف بشأن "كوفيد-19": قفز العائد على سندات الخزانة، بنحو 67 نقطة أساس في عطاء أمس مع استمرار مخاوف المستثمرين من تداعيات انتشار فيروس كورونا، وألغت وزارة المالية، طرح سندات الخزانة لأجل ثلاث سنوات والذي كانت أعلنت عنه بقيمة 4 مليارات جنيه، فيما قلصت مبيعاتها بنحو 66% من السندات لأجل 7 سنوات، وفقا لجريدة المال. وتراجعت شهية المستثمرين تجاه عطاءات أذون الخزانة، إذ تلقى البنك المركزي عروض بقيمة 2.2 مليار جنيه فقط في مزاد لبيع أذون خزانة لأجل ثلاثة أشهر بقيمة 4 مليارات جنيه أمس، وقبل البنك المركزي عروضا بقيمة 92.3 مليون جنيه وطلب المستثمرون عائد قدره 16.052%، بزيادة 300 نقطة أساس عن متوسط العائد المقبول لدى المركزي والبالغ 12.892%، وفقا لما أظهرته البيانات الرسمية. ومن ناحية أخرى، تلقى البنك المركزي عروضا بلغت ما يقرب من إجمالي قيمة عطاء أذون خزانة لأجل تسعة أشهر بقيمة 10.5 مليار جنيه، ولكن البنك أعلن عن قبول أقل من نصف العروض المتلقاة بعائد 15.273%. وبلغ متوسط العائد الذي طلبه المستثمرون 15.712%.
قد لا تكون هذه هي الحلقة الأخيرة من سلسلة التحفيز، إذ ترى مؤسسة كابيتال إيكونوميكس أنه من المتوقع أن يخفض البنك المركزي أسعار الفائدة بمقدار 225 نقطة أساس خلال الأشهر المقبلة. وقال جيسون توفي، كبير المحللين الاقتصاديين للأسواق الناشئة لدى المؤسسة إن الآثار السلبية لتفشي فيروس كورونا ستزداد خلال الأسابيع والأشهر المقبلة، وأضاف أن البنك المركزي لم يعد يعتبر معدل التضخم مصدر قلق كبيرا. وبذلك فمن المتوقع أن يواصل البنك سياسة التحفيز النقدي. وتوقع توفي أن يخفض البنك المركزي سعر الإيداع لليلة واحدة بمقدار 225 نقطة أساس أخرى ليصل إلى 7.5% في الأشهر المقبلة.
وتتوقع شعاع كابيتال خفضا آخر لأسعار الفائدة في أبريل المقبل، إذ قال عمرو الألفى مدير بحوث شعاع لتداول الأوراق المالية، إن هذا الخفض الكبير بأسعار الفائدة غير متوقع على الإطلاق ولكن جاء فى التوقيت المناسب، وأضاف أن كل الاحتمالات ترجح أن يكون هناك خفض آخر لأسعار الفائدة فى اجتماع لجنة السياسة النقدية المقرر في الثاني من أبريل المقبل.
ومطالبات بأن يعيد المركزي النظر في مبادرته لدعم الصناعة: طالب مجد المنزلاوي، رئيس لجنة الصناعة بجمعية رجال الأعمال، البنك المركزي بإعادة النظر في الفائدة الممنوحة من خلال مبادرة تمويل القطاع الصناعي الخاص بقيمة 100 مليار جنيه بفائدة 10%، وفقا لجريدة البورصة. وأوضح المنزلاوي أنه وبعد التخفيض الأخير في أسعار الفائدة، فإن سعر الفائدة تقارب مع المبادرة ولم يعد هناك تمييز للقطاع الصناعي، وقال إنه ينبغي تخفيض سعر الفائدة الخاص بالمبادرة بنسبة 3%.
وحاز قرار المركزي على اهتمام الصحف والوكالات الأجنبية ومن بينها بلومبرج ورويترز.