الأسواق العالمية تواصل التراجع
واصلت أسواق الأسهم وأسواق النفط العالمية تراجعاتها الحادة أمس، إذ هوت أسعار النفط لأدنى مستوياتها منذ 1991، مما أدى إلى هزات بجميع فئات الأصول وزاد من المخاوف بشأن ركود عالمي وشيك.
وأدت الزيادة في المعروض النفطي إلى صدمات "غير مسبوقة" على جانبي الطلب والعرض، وقالت بلومبرج نقلا عن مصادر إن القرار المفاجئ من جانب السعودية بخفض أسعار بيع النفط الخام ردا على الرفض الروسي للمزيد من الخفض في إنتاج النفط العالمي لدعم الأسعار العالمية والتي تأثرت بتداعيات تفشي فيروس كورونا، من شأنه أن يصل بإنتاج المملكة إلى 12 مليون برميل يوميا الشهر المقبل. وليست هناك مؤشرات على تراجع روسيا عن موقفها، إذ قالت إن الشركات الروسية لديها الحرية لإنتاج أكبر كمية ممكنة من النفط.
هبوط أسعار النفط سيؤثر أيضا على قطاع الطاقة العالمي، ومن المتوقع كذلك أن يؤثر على موازنات الدول التي تعتمد في إيراداتها على النفط، كما ستكون له تأثيرات على تأثير السعودية وجهود الحد من التغير المناخي، إذ أصبح الوقود الأحفوري أكثر تنافسية بالمقارنة مع الطاقة المتجددة، وفقا لما أوردته بلومبرج.
كل فئات الأصول تقريبا شهدت تراجعات، إذ هبطت العقود الآجلة للأسهم الأمريكية، وانخفضت العقود الآجلة المربوطة بمؤشر داو جونز بنسبة 4.9%، كما تراجعت العقود الآجلة المربوطة بمؤشر ستاندرد آند بورز بنسبة 5%، كما تراجعت العملات المتعلقة بالنفط والسلع، إذ انخفض الروبل الروسي بنسبة 8.3%، وانخفضت الكرونة النرويجية 2.8% والبيزو المكسيكي بنسبة 6%. وسجلت الشركات المدرجة بقطاع الطاقة في الأسواق الأوروبية أكبر التراجعات، حيث شهدت شركات بي بي وشل وإيكونيور وإيني وبي إتش بي وتوتال خسائر ضخمة. ولجأ المستثمرون إلى الين الياباني والذهب باعتبارهما من الملاذات الآمنة، وتراجعت العائدات على سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات إلى 0.434%.
وتشير التوقعات أيضا إلى تأثر محتمل جراء تلك الاضطرابات على ربط العملات الخليجية بالدولار. وارتفعت العقود الآجلة لـ 12 شهرا على الريال السعودي إلى 180 نقطة أمس، في حين قفز الريال العماني مقابل الدولار لأعلى مستوياته عن 2000 نقطة. وفي حين لفت محللون إلى أن الصدمة الأولي على أساس أسعار النفط لم تمثل بالضرورة تهديدا لربط العملات الخليجية بالدولار، فإن احتمالية تراجع أرباح الدولار ستجعل من الصعب على حكومات الدول المصدرة للنفط تحقق التوازن في ميزانياتها، مما يضع المزيد من الضغوط على عملات تلك الدول وأنظمة ربطها بالدولار، وفقا لبلومبرج.
هناك حالة من عدم اليقين تسيطر على الأسواق العالمية، ويرى متعاملون في كافة أنحاء العالم أنها هناك تقلبات كبير في أسعار العملات، إلى جانب موجة من البيع نتيجة "الفزع"، وتراجع السيولة جراء تزايد المخاوف لدى المستثمرين من تباطؤ النمو الاقتصادي. وقال هوبيرت دي باروشيز، المحلل لدى مؤسسة كابيتال إيكونوميكس، إن الأسواق تسير حاليا في منطق غير مخطط لها، مضيفا أنه ليس ثمة مؤشرات حاليا على قرب انعكاس العائدات المنخفضة على السندات وتعافي أسواق الأسهم واضمحلال المخاطر الخاصة بالعملات.
من المتوقع أن يواصل الطلب العالمي على النفط تأثره بتداعيات فيروس "كوفيد-19"، وذلك نظرا لما تسبب به الفيروس من تقييد حركة السفر العالمية وخفض للنشاط الاقتصادي الأوسع، وفقا لما قالته وكالة الطاقة الدولية، والتي خفضت توقعاتها بشكل كبير للطلب العالمي على النفط إلى 99.9 مليون برميل يوميا خلال 2020، بانخفاض قدره 90 ألف برميل يوميا مقابل عام 2019، في حين كانت الوكالة قد توقعت في فبراير أن ينمو الطلب العالمي على النفط بنحو 825 ألف برميل يوميا العام الجاري. لقراءة التقرير كاملا من هنا.
حالة الذعر الحالية بين المستثمرين ترجع إلى فقدان الأسواق لمرتكزاتها الرئيسية، وفقا لما قاله الخبير الاقتصادي العالمي محمد العريان، والذي أوضح أن المرتكز الاقتصادي تأثر سلبا بتفشي فيروس كورونا، كما تأثر المرتكز الخاص بالسياسة النقدية جراء فقدان الثقة في قدرة الفيدرالي الأمريكي على إحداث تغيرات كبيرة، كما فقدت مرتكزات الأسواق مع التحول في اتجاه أوبك فيما يتعلق بإنتاج النفط.