لماذا تسعى مصر إلى إصدار سندات للبنية التحتية لتمويل مشروعاتها؟
لماذا تسعى مصر إلى إصدار سندات للبنية التحتية لتمويل مشروعاتها؟ ستصدر الحكومة سندات للبنية التحتية خلال العام المالي 2021/2020 بعد أن كان مخططا إصدارها في النصف الثاني من العام المالي 2020/2019، بحسب ما ذكرته مصادر حكومية لإنتربرايز في مايو الماضي. وترى الحكومة أن إصدار سندات لتمويل مشروعات محددة للبنية التحتية وسيلة مضمونة للتمويل مع تزايد عدد المشروعات، وذلك على الرغم من تنامي المخاوف من ركود محتمل لسوق السندات عالميا خلال 2020. ومن المقرر أن تصدر سندات خضراء، وهي سندات لمشروعات صديقة للبيئة شبيهة بسندات البنية التحتية، للمرة الأولى في مصر قبل نهاية يونيو المقبل. وستتناول إنتربرايز في أعداد مقبلة مزيد من التفاصيل حول السندات الخضراء ولكن اليوم سنتناول سندات البنية التحتية ولماذا تقوم الحكومة بإصدارها وما المميز فيها أكثر من الوسائل الأخرى لتمويل المشروعات.
ما هي سندات البنية التحتية؟ وفقا للبنك الدولي، هي سندات تصدر بغرض تمويل مشروعات البنية التحتية ذات المصلحة العامة. وعادة ما تخضع لعقود شراكة بين القطاعين العام والخاص وعادة ما تشتمل على ضمانات عامة وحوافز ضريبية للمستثمرين. ويمكن إصدار تلك السندات من قبل القطاع الخاص أو الحكومات.
وتحظى تلك السندات برواج في الأسواق الناشئة، ومن بينها الهند حتى بين المستثمرين الأفراد. أما الحكومة الكينية فعادة ما تصدر سندات للبنية التحتية معفاة من الضرائب. وفي آسيا بشكل عام يتزايد الإقبال على تلك السندات.
ولماذا تتجه مصر لسندات البنية التحتية بدلا من وسائل التمويل التقليدية؟ هناك شهية كبيرة لسندات البنية التحتية خاصة لدى المستثمرين الدوليين، وفقا لمساعد وزير المالية لشؤون سوق المال خالد عبد الرحمن في تصريح لإنتربرايز. ويقول عبد الرحمن إن سندات البنية التحتية تتفوق بسبب استخدامها لتمويل مشروعات محددة يمكن قياس تقدمها على الأرض كما أن مصروفاتها قليلة مقارنة بالسندات الدولية التي تصدرها مصر. إضافة ‘لى ذلك فإن تلك السندات طويلة الأجل نسبيا، إذ تصل مدتها في المتوسط إلى 30 سنة. ويتفق ذلك مع خطة وزارة المالية التي جرى الإعلان عنها العام الماضي لإدارة الدين العام تستهدف خفضه إلى 80% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2022، وبزيادة الاعتماد على التمويلات طويلة الأجل.
إلى أين وصلنا في ما يخص سندات البنية التحتية؟ بدأت الحكومة محادثات استكشافية مع البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية (AIIB) حول إمكانية الاستثمار في مشروعات البنية التحتية في مصر من خلال هذه السندات، بحسب مصدر حكومي لإنتربرايز. وفي الوقت نفسه، شُكلت لجنة من وزارة المالية لدراسة سوق الديون العالمية، وتحديد حجم سندات البنية التحتية والتوقيت الذي تأمل الحكومة في إصدارها فيه خلال العام المالي 2021/2020، وفقًا لتصريحات لوزير المالية محمد معيط.
ومن المتوقع أن تُدرج قيمة السندات في الموازنة الجديدة للعام المالي 2021/2020. وأضافت المصادر أن المحادثات الأولية تجري أيضا مع وكالات التصنيف الائتماني، لتحديد كيفية تصنيف الإصدار المقبل.
ما هي المشروعات التي من المتوقع أن تحصل على تمويل؟ تدرس الحكومة حاليا المشاريع التي قد تشهد إصدار سندات البنية التحتية. وألمح عاطر حنورة، رئيس وحدة الشراكة بين القطاعين العام والخاص بوزارة المالية، إلى أن محطات تحلية المياه والمواني الجافة من ضمن المشروعات محل الدراسة.
وستحدد تجربة السندات الخضراء تاريخ إصدار وآجال سندات البنية التحتية. تسعى وزارة المالية إلى التشجيع على استخدام سندات البنية التحتية كتمويل رخيص وطويل الأجل بالرغم من أنها لا تزال في مرحلة التجربة واستخدامها نادر نسبيا عالميا. وسيكون الاختبار الحاسم لها عند إصدار سندات خضراء في نهاية العام المالي الحالي، وفقا لتصريح وزير المالية محمد معيط. ويقول عبد الرحمن إن نجاح الإصدارات الأولى لها سيحدد إلى أي مدى ستعتمد عليها الحكومة والجدول الزمني لإصدار المزيد منها. وأشار إلى أن أول إصدار للسندات الخضراء سيكون في حدود 500 مليون دولار.
وهناك بالفعل شهية لدى القطاع الخاص لأنواع جديدة من السندات. وقالت مصادر الأسبوع الماضي إن المجموعة المالية هيرميس تجري مفاوضات حاليا لإدارة إصدار سندات خضراء لصالح إحدى الشركات الحكومية، دون أن تفصح عن قيمتها. وكذلك صرح رئيس هيئة الرقابة المالية محمد عمران إن شركة نرويجية تعمل في مجال الطاقة المتجددة، تقدمت لإصدار السندات الخضراء بقيمة 500مليون جنيه.
مخاطر سندات البنية التحتية: بغض النظر عن المخاوف المتعلقة بسوق الديون العالمية، هناك مخاطر تخص سندات البنية التحتية بالذات، وترتبط في المقام الأول بالمخاطر التي تواجهها مشاريع البنية التحتية بشكل عام، وفقا للبنك الدولي. ومن ضمن تلك المخاطر، القضايا المتعلقة بالشفافية في منح وإدارة الامتيازات، بالإضافة إلى المشروعات التي تتجاوز الميزانية ومواعيد التسليم. فمع الفترات الطويلة التي تستغرقها تلك المشروعات في العادة، تقع مخاطر في تكاليف المشروع، ناهيك بمخاطر التضخم وأسعار الصرف الأجنبي. كل هذا إضافة إلى مسألة ندرة استخدام سندات البنية التحتية، والتي يعزوها البنك الدولي إلى كونها لا تزال ابتكارا جديدا نسبيا ويعتمد على قوة عقد الامتياز، بالإضافة إلى مدى تطور أسواق رأس المال في الدولة التي تنوي إصدار السندات.
ومع ذلك، تتزايد نظرة الحكومات الآسيوية إلى سندات البنية التحتية باعتبارها ملاذا آمنا. ويبدو أن استخدامها على المستوى الحكومي والحكومي الدولي لا يزال حديث عهد، وتحتل الصين والهند صدارة الطريق في إصدارها. وبدأ البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، الذي تقوده الصين، تسعير أول إصداراته من السندات العالمية لتمويل مشاريع البنية التحتية في مايو 2019، حين جمع 2.5 مليار دولار من السندات ذات التصنيف AAA آجل خمس سنوات، وفقا لوكالة شينخوا. وأشاد تيري دي لونجيمار، المدير المالي للبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، بالطلب على إصدار تلك السندات آنذاك. وفي الوقت نفسه، وضعت الحكومة الهندية سندات البنية التحتية كعنصر أساسي في تمويل مشروعات البنية التحتية الخاصة بها ضمن ميزانية عام 2020، مما يشير إلى أنها تخطط لمنح إعفاءات ضريبية للمستثمرين في هذه السندات، وفقًا لما ذكرته مجلة "بيزنس توداي" الهندية.
خلال السنوات القليلة الماضية، حققت إصدارات السندات الدولية نجاحا في مصر، وهو ما يعتبر مؤشر خير بالنسبة لإصدار أي سندات للبنية التحتية الدولية. ونجحت مصر في إصدار سندات يورو مقومة بالدولار بقيمة ملياري دولار أمريكي، في إصدار ثلاثي الشريحة طُرح في السوق في نوفمبر "بعائدات جيدة جدًا". وبينما تتطلع الحكومة إلى التوقف مؤقتًا عن الاعتماد على إصدارات سندات اليورو المقومة بالدولار خلال الفترة المتبقية من السنة المالية الحالية، فإنها تأمل في الاستفادة من نجاحها السابق لتعزيز استخدام سندات البنية التحتية والسندات الخضراء.