توقعات المنظمات الدولية والمؤسسات المالية للاقتصاد المصري وسبل تحسينه
توقعات المنظمات الدولية والمؤسسات المالية للاقتصاد المصري وسبل تحسينه: نشرت الصحف المحلية عددا من المقابلات مع مسؤولين كبار بعدد من المنظمات الدولية والمؤسسات المالية حول توقعاتهم للاقتصاد المصري وما هي أولويات الإصلاح التي يجب التركيز عليها. وفيما يلي عرضا لأهم ما جاء في تلك المقابلات:
من المتوقع أن يرتفع معدل نمو الاقتصاد المصري إلى 6% في العام المالي 2021/2020، على أن ينمو ما بين 5-6% في المتوسط خلال التسعة أعوام المالية التالية، وفقا لما صرح به تشارلز روبرتسون، كبير محللي الاقتصاد الكلى لدى بنك الاستثمار رينيسانس كابيتال، في مقابلة مع جريدة البورصة، ويتوقع روبرتسون أن ترتفع تلك النسبة بواقع 1% وفقا لسيناريو أفضل. ومن جانبه، توقع وليد لبدي، مدير مؤسسة التمويل الدولية في مصر وليبيا واليمن، تسارع نمو الاقتصاد المصري خلال العام المالى الحالي ليصل إلى 5.8%، على أن يرتفع إلى 6% العام المالى المقبل، وذلك بدعم من الاستهلاك الخاص، والاستثمارات، والسياحة، وصادرات الغاز.
لدى مصر العديد من الخصائص السوقية الجذابة والتي يمكن أن تمنحها ميزة تنافسية حال تطبيق السياسات الصحيحة. وقال روبرتسون، إن متوسط الأجور فى دول وسط أوروبا مثل أوكرانيا وبولندا ورومانيا شهد ارتفاعات كبيرة خلال العقد الماضي، مما أضعف من جاذبية تلك الأسواق للمستثمرين الصناعيين، وهو الدور الذى يجب أن تروج له مصر فى ظل انخفاض الأجور والتى أصبحت بعد تعويم العملة أرخص من الصين والفلبين. ومن جانبه، أوضح باسم قمر كبير الاقتصاديين لمنطقة جنوب وشرق المتوسط في البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية أن مصر تملك مزايا متنوعة تعطيها جاذبية كوجهة للاستثمار، بداية من موقعها الاستراتيجي، ما يضعها مركزا للتجارة العالمية، وبوابة إلى أفريقيا، ودول الشرق الأوسط كافة. وأشار إلى أن مصر لديها سوق محلية كبيرة، وهو ما يجعلها جاذبة للاستثمار، كما أنها تملك اتفاقات تجارية حرة مع دول عدة، ما يعزز موقعها كمركز إنتاج موجه للتصدير.
ورجح روبرتسون أن يرتفع الاستثمار الأجنبي المباشر إلى ما بين 12 و18 مليار دولار سنويا في ضوء توقعات نمو الاقتصاد المصري حتى نهاية 2030. وأظهرت بيانات الأونكتاد ارتفاع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى مصر بنسبة 5% على أساس سنوي في عام 2019 لتصل إلى 8.5 مليار دولار. وكان روبرتسون قد صرح خلال مؤتمر رينيسانس السنوي للاستثمار في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن القرب من الاتحاد الأوروبي وانخفاض مستوى الأجور في كل من المغرب ومصر، مقارنة بفرنسا ووسط أوروبا يعني أن "الاستثمار الأجنبي المباشر ينبغي أن يستمر في التدفق إلى المغرب، وأن الاستثمار الأجنبي في مجال التصنيع قد يبدأ قريبا في مصر أيضا".
وتشير التوقعات إلى أن يكون هناك تحول تدريجي للمستثمرين الأجانب في أدوات الدين العالمية نحو الاستثمار المباشر في الفرص ذات المكاسب المرتفعة خاصة مع تراجع أسعار الفائدة عالميا، وفقا لما صرح به أحمد شهاب، المدير الإقليمي لـ "دويتشه بنك". وقال شهاب إن الخطوة التالية للحكومة بعد تطبيق الإصلاحات، هي الترويج والتعريف بقصة نجاح الإصلاحات المصرية عبر رسالة موحدة لمختلف الوزارات والهيئات الحكومية المصرية، والتي تركز على قوة الاقتصاد المحلي لمصر وقدرته على النمو والتوسع واستقطاب مزيد من رؤوس الأموال الأجنبية. وأضاف: "ومن الضروري إطلاق مبادرات ترويجية للأصول المحلية بما يدعم برنامج الطروحات الحكومية".
وفي الوقت الحالي، ما يهم هو خلق دور واضح وكبير للقطاع الخاص، إذ أكد جميع المسؤولين الذين أجريت معهم المقابلات على أهمية إفساح الطريق أمام مستثمري القطاع الخاص للمساهمة في النمو الاقتصادي. وقال قمر والبنك الدولي والأونكتاد إنه يتعين على الحكومة أن تمنح المستثمرين مزيدا من الوضوح بشأن المجالات التي توجد بها آفاق استثمارية، وتحديد رؤية الدولة طويلة الأجل تجاه مشاريع أو صناعات محددة.
ما هي القطاعات الأكثر جاذبية؟ قال خالد حمزة، نائب رئيس مكتب البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في مصر، إن مشاريع البنية التحتية يمكن أن تكون بمثابة عامل جذب رئيسي للمستثمرين، خاصة مع مواصلة الحكومة إطلاق مشاريع قومية على نطاق واسع، والتي يمكن للقطاع الخاص أن يشارك في تنفيذها. ومع ذلك، يرى البنك الدولي أن مشاريع البنية التحتية في مصر تفتقر إلى الشفافية والمنافسة بالقدر الكافي، مما يؤدي إلى خروج المستثمرين. وتوقع حمزة أيضا إمكانات كبيرة لمشاريع التنمية الصناعية والسياحية، ومن ناحيته، قال لبدي إن هناك إقبال من جانب المستثمرين نحو قطاعات الرعاية الصحية والطاقة المتجددة والخدمات اللوجستية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مصر.
قطعت مصر شوطا طويلا في إصلاحاتها، ولكنها بحاجة إلى تعزيز جهودها لتحسين مناخ الاستثمار. ووفقا لما قالته رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي إلى مصر، أوما راماكريشنان، فإنه يتعين على الحكومة أن تعطي الأولوية لتحسين سياسات الحوكمة والشفافية في مؤسسات الدولة، وتحسين الوصول للأراضي وتقليص حواجز التجارة، وهو ما سيسهم بشكل كبير في جذب المستثمرين. وحث البنك الدولي الحكومة على إصدار تشريعات رئيسية مثل قانون حماية المنافسة، والذي سيزيد من جهود مكافحة الممارسات الاحتكارية ويمنح جهاز حماية المنافسة سلطة أكبر للمساعدة في حماية المنافسة بالبلاد. وكان مجلس الوزراء قد صدق في يناير من العام الماضي على التعديلات المقترحة على قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية.
يتعين أيضا القضاء على البيروقراطية وتبسيط الإجراءات أمام المستثمرين، والتي من أهمها عملية تخصيص الأراضي الصناعية والحصول على التراخيص، والتي وصفها المدير التنفيذي وممثل مصر لدى صندوق النقد الدولي حازم الببلاوي بأنها أصبحت أكثر تعقيدا من ذي قبل. وسبق أن أشادت عدة مؤسسات دولية بقانون التراخيص الصناعية، والذي جرى إقراره في أبريل 2017، لقيامه بتحديد 30 يوما كحد أقصى لقيام هيئة التنمية الصناعية بالرد على طلب المستثمر للحصول على ترخيص. ومع ذلك، قال الببلاوي إن صندوق النقد لا يزال يعتبر أن المعيار الهيكلي فيما يتعلق بآلية تخصيص الأراضي لم يتحقق.