العملات المستقرة قد لا تكون الحل الأمثل للشمول المالي
لهذه الأسباب "ليبرا" و"العملات المستقرة" قد لا تمثل الحل الأمثل للشمول المالي: الجلبة التي أحدثتها العملة الرقمية "ليبرا" في وقت سابق هدأت على نحو ملحوظ خلال الأشهر القليلة الماضية. وعلى الرغم مما قيل حول العملة عند ظهورها العام الماضي من أنها ستتفوق على النظام المالي العالمي بالشكل الذي نعرفه، فإنها تلقت ضربات متتالية من الهيئات الرقابية بالاقتصادات الكبرى لتحد من طموحاتها الكبيرة في الوقت الحالي. والأكثر من هذا هو أنه، وحسبما قاله ثلاثة من الخبراء الماليين لدى البنك الدولي وبنك التسويات الدولية، في تقرير نشره موقع "فوكس إي يو"، فإن المشكلات الكامنة في التوسع في نظام العملات المستقرة لا تظهر بشكل جلي سوى في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية، مما يعني أن فائدتها لزيادة الشمول المالي ستكون ضئيلة للغاية.
يعزى ذلك في جزء منه إلى القيود المفروضة على الموارد في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية: أوضح التقرير أن البلدان، خاصة تلك التي يعيش فيها السكان في مناطق نائية وشاسعة المساحة للغاية، ستواجه معارك شاقة في محاولة لتوفير تغطية واسعة النطاق للخدمات، سواء إذا كان ذلك ضمان حصول الجميع على هواتف واتصال بالإنترنت بشكل كاف لاستخدام أنظمة العملة المستقرة، أو أنه لدى المستخدمين وكيل مادي في المتناول لتحويل عملتهم الرقمية إلى عملات محلية. ثم هناك أيضا مسألة الأمان والخصوصية والتنظيم. وكانت المخاوف من أنه حتى الاقتصادات المتقدمة لن تتمكن من منع استخدام العملات المستقرة لأغراض شائنة من أبرز الحجج المستخدمة ضد تأصل مشاريع مثل العملة الرقمية ليبرا. ومن المحتمل أن تجد الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية صعوبة في التغلب على تلك التحديات، لا سيما وأنها تميل إلى وجود هيئات تنظيمية أكثر ضعفا وقدرة إشرافية أقل.
التدفق في العملات المستقرة قد لا يكون أمرا مفيدا للأنظمة المالية في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية: من المتوقع أن يتم تصدير السياسات النقدية للعملات التي تدعم العملة المستقرة فعليا إلى الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية مع انتشار استخدامها. ووفقا لما جاء في التقرير، يمكن أن يعني مصطلح "Stablecoin-isation" انتقالا نقديا أقل فعالية، وفي أقصى تقدير، يمكن أن تشهد الدول التي تواجه صدمات – سياسية كانت أو اقتصادية أو مالية – تدفقات خارجة للودائع من البنوك وفرار رأس المال، وهذا الأمر قد يكون أكثر تأثيرا في الأسواق والاقتصادات الناشئة، والتي تكون أكثر عرضة لصدمات السيولة بالنظر إلى ضعف أسواق ما بين البنوك وأسواق العملات الأجنبية.
قد لا يكون للعملات المستقرة مستقبل في شكلها الحالي، لكنها مع ذلك أبرزت التحديات المتمثلة في زيادة الشمول المالي وبناء أنظمة دفع دولية آمنة يمكن الوصول إليها، وفقا لما جاء في التقرير. وبدلا من ذلك، فمن المرجح أن نشهد تسارعا نحو العملات الرقمية التي تصدرها البنوك المركزية وتخضع لسيطرتها، بالرغم من أن هذا النموذج سيواجه أيضا تحديات. وفي هذا الصدد فالجميع يترقب ما الذي يمكن أن تقوم به الصين في الأشهر المقبلة.