هل تختفي المضادات الحيوية يوما ما؟
أزمة تلوح في الأفق، إذ قد تختفي المضادات الحيوية بسبب افتقارها إلى التمويل اللازم للأبحاث والتطوير، وتنسحب الشركات الدوائية العملاقة مثل نوفارتيس وأليرجان من المجال فيما تعلن الشركات الناشئة المتخصصة في المضادات الحيوية مثل أكاوجن وأراديجم إفلاسها، الواحدة تلو الأخرى، بحسب نيويورك تايمز. ويقول خبراء في المجال إن العائد المادي الضعيف ينفر المستثمرين من الشركات التي تطور مضادات حيوية جديدة، وهي عملية تتكلف حوالي 2.6 مليار دولار وتؤدي أيضا لتخفيض التمويل اللازم لتطوير أدوية هامة أخرى.
تطوير مضادات حيوية جديدة هو أمر مهم، إذ أصبحت سابقاتها غير فعالة أو غير مقاومة للأمراض، ودون المضادات الحيوية الفعالة قد تصبح العمليات الطبية العادية خطر على الحياة في يوم ما. وحذرت الأمم المتحدة من أن الأزمة قد تتسبب في وفاة 10 ملايين شخص بحلول 2050، ودعت لمواجهة الأزمة المقبلة. وكذلك دعت الشركات الحكومات للتدخل وتقديم حوافز لتشجيعهم على الاستثمار في قسم الأبحاث والتطوير للمضادات الحيوية.
وما أسباب حدوث ذلك؟ السبب الأول: الفترات الطويلة التي تستغرقها الموافقة على المضادات الحيوية، إذ لا تربح الشركات التي تستثمر أموالا طائلة في تطوير المضادات الحيوية من بيعها. وتستغرق إدارة الغذاء والدواء الأمريكية سنوات عديدة للموافقة على دواء جديد، وتمر هذه السنوات على الشركات المطورة دون أن تحقق ربحا. واستغرق حصول دواء "زمدري" المعالج لعدوى الجهاز البولي، والذي طورته شركة أكاوجن، 15 عاما ليحصل على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية. وعندما جاءت الموافقة كانت مختبرات الشركة خالية وأعلنت إفلاسها بعد شهور قليلة.
السبب الثاني: الوصمة الاجتماعية من استخدام المضادات الحيوية. ولسنوات عدة صدرت تحذيرات متتالية للناس ألا يستخدموا المضادات الحيوية باستهتار، وهو ما جعل الأطباء مترددين في وصف الموجود منها في السوق لمرضاهم، وأكثر ترددا في وصف الجديد منها.
السبب الثالث: سعر أعلى لجودة أعلى، وهو ما يجعل الناس يرفضون استخدام المضادات الحيوية، إذ قد تكلف بعضها عدة آلاف من الدولارات. ولكن "الغالي ثمنه فيه"، إذ قد يتمكن المضاد الحيوي الجديد "زيرافا"، وثمنه ألفي دولار، من علاج السرطان، فيما تتيح الأدوية الأخرى فقط إطالة محدودة لعمر المريض.