إجازة جديدة؟ المزيد من الطعام
موسم جديد للأجازات على بُعد أسابيع قليلة، وكلنا نعلم ماذا يعني ذلك: الكثير من الطعام. دعونا نعترف، نحن لا نعرف كيف نحتفل دون مائدة مليئة بما لذ وطاب من الأكلات المتنوعة. بغض النظر عن اسم العطلة أو نوعها، الطعام سيكون الفقرة الأساسية خلالها.
الطعام والتجمع من الأهل والأصدقاء أمران مترابطان في أي إجازة: في سويسرا يتجمع الأهل والأصدقاء المقربون في الكريسماس لتناول ما يسمونه "فوندو شينواز"، مزيج كلاسيكي من أنواع مختلفة من الجبن الذائب وبداخله شرائح رفيعة من اللحم البقري مطعم بالمرق ومغموس في صوص غني بالمايونيز. أما في كوريا، فيحتفلون بالسنة القمرية الجديدة، وتمتد الاحتفالات لثلاثة أيام، يتناولون فيها حساء كعك الأرز "تي كيوك كوك"، وهو حساء يحضر مع كعك الأرز المقطع لشرائح رفيعة، والبيض واللحم والخضروات، وأحيانا مع زلابية الخضروات الكورية. ويعد هذا الحساء هو نجم المائدة في الاحتفال الكوري، إذ يعتقد إنه يجلب الصحة وطول العمر لمن يتناوله. وفي فرنسا، يستهلك نحو نصف إنتاج البلاد السنوي من المحار خلال الأسبوع من الاحتفال بعطلة عيد الميلاد وحتى رأس السنة الميلادية الجديدة، إذ يتجمع الناس لتناول كميات ضخمة من المحار وكبد الأوز أكثر من أي وقت في العام.
الطقوس والرموز تظهر بقوة في تقاليد الطعام : تحمل مختلف المأكولات إرثا اجتماعيا وثقافيا تعبر عن مختلف المجتمعات والتقاليد الدينية. طقوس إعداد وصفات الطعام التي جرى تناقلها عبر الأجيال ومشاركة الوجبات مع الأصدقاء والأقارب، تعكس جميعها المبادئ الموجودة في الممارسات الدينية، مثل الكرم وحسن معاملة الضيف، وصلة الرحم، وتبجيل التراث. لذلك ليس من المستغرب أن يكون هناك ارتباط وثيق بين الطعام والطقوس الدينية في جميع أنحاء العالم.
الطقوس متنوعة، ولكن الكرم ومشاركة الطعام حاضرين دائما: يحصل البوذيون التايلانديون على "استحقاق" على مدار العام من خلال تقديم الطعام للكهنة، والذين لا يمكنهم كسب المال من خلال العمل. أما العيد المكسيكي "لا ريخونتا" فيحتفل الناس خلاله بطقوس حج سنوية تقام في ديسمبر من كل عام، ويعدون خلالها أكثر من 30 ألف وجبة من التاماليس وتوزع كل عام على من يجيئون للحج. وفي بيلاروسيا، يحتفل الناس بمهرجان "كوليادكي" من خلال ارتداء أزياء خاصة وغناء الأناشيد وإعداد الولائم في منازلهم. أما مهرجان الأنوار اليهودي (الحانوكا)، فيتناولون خلاله فطائر البطاطس، مع الطعام المقلي في الزيت، لإحياء ذكرى معجزة قارورة الزيت وإعادة تكريس الهيكل في التراث اليهودي.
وبالطبع، نحن في مصر أكثر من يدرك أهمية الطعام في احتفالاتنا. أي عطلة أو عيد لدينا هو سبب للاحتفال بالطعام. بالكاد يكفي شهر رمضان بأيامه الثلاثين لتناول أصناف المأكولات والمشروبات والحلويات اللا نهائية، بدءا من قمر الدين والكركديه، ثم حساء لسان العصفور، وأصناف المحشي واللحوم المتنوعة، ثم الحلويات من الخشاف والقطايف والأنواع العديدة من الكنافة. وماذا يعني احتفالنا بشم النسيم دون الرنجة والفسيخ؟ وهل يمكن أن نتخيل عيد الفطر دون الكحك أو عيد الأضحى دون اللحوم والفتة؟ وهناك بعض الطقوس الأخرى الأقل شهرة لدينا، مثل تناول الحلويات البيضاء مثل المهلبية والأرز باللبن لـ "بداية بيضاء" في رأس السنة الهجرية.