ماذا يعني أن تكون المدينة "يمكن التجول فيها مشيا على الأقدام"؟
ماذا يعني أن تكون المدينة "يمكن التجول فيها مشيا على الأقدام"؟ هذا الأمر يعد وببساطة مقياسا لمدى سهولة وإمكانية الوصول سيرا على الأقدام إلى المرافق أو المعالم السياحية، سواء في منطقة مخصصة أو في نطاق حضري أكبر. وقد صنف موقع The Culture Trip مدينة فلورنسا الإيطالية في صدارة المدن التي يمكن التجول فيها سيرا على الأقدام، وذلك بفضل ما تحتويه من مناظر خلابة وما تشمله من العديد من الحانات والمطاعم التي تقدم "فرصة لراحة الأقدام المتعبة من السير". وجاء في المرتبة الثانية مدينة نيويورك الأمريكية، والتي تحتوي على ميدان تايمز سكوير المخصص جزئيا للمشاة. وجاءت مدينة مراكش المغربية في المركز الثالث، وذلك بفضل أزقتها وأسواقها. إن العلم والحس السليم يقولان بأن المدن التي يمكن التجول فيها سيرا على الأقدام تعزز الصحة العقلية والبدنية لسكانها، فضلا عن المساهمة في الإبداع والمشاركة المجتمعية، وفقا لما جاء في تقرير لموقع Christie ’s Real Estate .
ما هي الأماكن التي يمكن التجول بها مشيا داخل القاهرة؟ هناك من يقول بأن التنقل داخل العاصمة يتطلب دوما ركوب السيارة، ولكن هذا الأمر ليس صحيحا بشكل كامل، فقد استخدم مدونون بموقع "ذا بيج سيتي" خريطة مصممة لعرض الأماكن التي يمكن التجول فيها داخل القاهرة الكبرى، وعلى الرغم من أنها ليست مكتملة حتى الآن، فإن البيانات المتاحة تظهر أن وسط القاهرة وشارع جامعة الدول العربية – واللتين تتصفان عادة بالزحام الشديد – تعتبران أماكن مثالية للتجول، فيما تعد مناطق الزمالك والمعادي والدقي أيضا أماكن جيدة للتجول إلى حد ما. أما فيما يتعلق بالمدن النائية مثل السادس من أكتوبر والشيخ زايد والتجمع الخامس، بالإضافة إلى مدينة نصر، فالتنقل داخلها لا يزال يعتمد على ركوب السيارات بدرجة كبيرة.
كيف أنتج الحراك المجتمعي والتوسع الحضري وضعنا الحالي: شهدت مصر في تاريخها الحديث العديد من موجات "التنقل المجتمعي التصاعدي"، والتي نشأت إلى حد كبير جراء ظهور القاهرة الحديثة. وتميزت الفترة الحديثة بتدفق كبير من الوافدين الأجانب بفضل المعاهدات التي وقعت مع الخلافة العثمانية خلال القرن التاسع عشر. وبحلول أوائل القرن العشرين، وصل عدد المقيمين الأجانب إلى ذروته ليمثل 16% من إجمالي عدد السكان، وهو ما تزامن بشكل أو بآخر مع إنشاء أحياء الزمالك وجاردن سيتي على ضفاف النيل بوسط القاهرة. ثم ساد بعد ذلك اتجاه عام، وهو ميل ذوي الدخل المرتفع إلى مغادرة أماكن إقامتهم بحثا عن أحياء جديدة، لتتبعهم المجموعات ذات الدخل المتوسط إلى الضواحي خارج العاصمة، تاركة المناطق القديمة لمن هم أكثر فقرا. وتزايد هذا الاتجاه في وقت لاحق مع ظهور المدن الصحراوية البعيدة والتدفق المستمر للأفراد من المناطق الريفية بحثا عن وظائف وظروف معيشية أفضل في العاصمة.