روتيني الصباحي: أحمد القلا مؤسس صندوق رأس المال المخاطر "إن إف إكس"
أحمد القلا مؤسس صندوق رأس المال المخاطر “إن إف إكس”: روتيني الصباحي فقرة أسبوعية نتحاور خلالها مع أحد الأفراد الناجحين في مجتمعنا وكيف يبدأون يومهم، كما نطرح عليهم بعض الأسئلة المتعلقة بأعمالهم. ويتحدث إلينا هذا الأسبوع أحمد القلا مؤسس شركة رأس المال المخاطر إن إف إكس، والتي تستثمر في المنصات التكنولوجية المتاحة التي تدعم التعليم خارج الفصول الدراسية في جميع أنحاء العالم.
اسمي أحمد القلا، أعمل مديرا تنفيذيا، ورأسمالي مخاطر، ومخرب في أحسن الأحوال. وأركز بشدة على إحداث تأثير حقيقي في مجالين أساسيين: الأول هو تحسين وصول الناس في الأسواق الناشئة إلى التعليم الجيد والرعاية الصحية بتكلفة معقولة. والثاني التكنولوجيا، والتي هي آلية قيمة للغاية لتحقيق هدفي الأول، ودوري هو مساعدة الحلول التقنية الصحيحة على النمو والتوسع. أنا رائد أعمال مبادر على الدوام، وقد تعاملت مع هذا التحدي بطرق متعددة طوال حياتي المهنية.
خلال الثلاث سنوات الماضية كان تركيزي منصبا طوال الوقت على شركة رأس المال المخاطر إن إف إكس، وهي عبارة عن صندوق رأس مال مخاطر أسستها للاستثمار في الذكاء الاصطناعي ومنصات التكنولوجيا المتاحة التي تركز على التعليم خارج الفصول الدراسية. لدينا في محفظتنا حوالي 15 شركة، لذا أغلب وقتي أقضيه في العمل مباشرة مع المديرين التنفيذيين، ومجالس الإدارة وكبار الموظفين الذي يرأسون تلك الشركات.
رأس المال المخاطر هو أعلى أنواع الأصول مخاطرة: لذا يجب أن تتناسب العائدات مع المخاطر. كشركة رأس مال مخاطر، فإن العائدات التي يمكننا تقديمها هي حوالي ثلاثة أو أربعة أضعاف ما ستحصل عليه إذا وضعت أموالك في البنك، على أساس سنوي. هذا أمر ضروري، لاستيعاب عامل الخطر. حتى في النظم الإيكولوجية الأكثر تقدما، مثل وادي السيليكون، فإن ما يقرب من 2-3% فقط من محافظ أفضل مديري الأموال يحققون هذه العائدات المرتفعة للغاية، مع عدم وصول البقية إلى أي شيء. لذلك فهو قطاع متواضع للغاية للعمل به. لكن العوائد الضخمة التي نستمدها تقضي على خسائرنا.
روتيني الصباحي بسيط وواضح. أستيقظ، أتناول قهوتي، أقل أطفالي إلى المدرسة، ثم عادة ما أستمع لمدة ساعة للكتب عبر موقع أوديبل. نادرا ما يكون لدي الوقت لقراءة الكتب، لذا أستمتع فعلا بمعرفة المزيد من المعلومات عبر الاستماع إليها من قائمة التشغيل الطويلة التي لدي سواء كانت كتب خيالية أو اقتصادية، يعتمد ذلك على مزاجي وقتها. لكني أيضا قارئ شغوف لإنتربرايز التي بالنسبة لي هي النشرة الأساسية لمعرفة الأخبار في مصر.
استمعت مؤخرا لثلاثة كتب رائعة. الكتاب الأول “المبادئ” لراي داليو، مؤسس صندوق التحوط بريدج ووتر للاستثمار. ويبحث الكتاب في جهوده للتأكد من أن عملية اتخاذ القرارات الخاصة بالشركة قد تم تكريسها من حيث المبادئ ، بحيث تظل الأشياء التي ساعدت على نمو الشركة الصغيرة جدا لتتحول لواحدة من أكبر صناديق التحوط في العالم مستمرة معها. هذا الأمر له صدى جيد مع جميع الشركات التي ترغب في التوسع.
الكتاب الثاني الذي أنصح به هو “التفكير في الرهانات” لآني ديوك، وهي لاعبة بوكر عالمية، وتستخلص في كتابها بعض الدروس التي تعلمتها في لعبة البوكر، والتي تنطبق بشكل كبير على الأعمال. ومثال واحد على ذلك هو النتائج. غالبا ما يقارن الأشخاص فعل الشيء الصحيح بالحصول على النتائج الصحيحة، ولكن في بعض الأحيان على الرغم من بذل قصارى جهدك، فإن العوامل الكلية من حولك تجعل من المستحيل الحصول على النتيجة التي تريدها. يمكنك أن ترى ذلك من الناحية العملية في نظام التعليم: نظرا للطلب الكبير على التعليم، قد تكون المدرسة عليها قبول بشكل كبير (وبالتالي تعتبر ناجحة) دون أن تكون بالضرورة جيدة.
الكتاب الثالث، هو كتابي المفضل، عنوانه “ريبوت” لجيري كولونا. وهو كتاب يبحث في القيادة، و خاصة الطريقة التي يصبح بها مكان العمل مسمما، بما في ذلك سلوك رؤساء العمل الغاضبين أو الجشعين أو المسيئين، والذي يكون نتيجة انعدام الأمن في طفولتهم. يخاطب الكتاب قادة العمل لمساعدتهم على فهم كيفية الكشف عن تلك المشاكل وفهمها والتخلص منها. هذا الكتاب لمسنى شخصيا، لأننا في بعض الأحيان لا ندرك تماما التأثير الذي لدينا على الأشخاص الآخرين، ويمكن أن ينتشر عبر المؤسسة إلى الموظفين والعملاء.
أحب أن أبدأ عملي في حوالي الـ 8:30 صباحا فيما أسميه بالعمل العميق، أركز لمدة ساعتين لإنجاز المهام التي تتطلب تفكيرا عميقا. بعد ذلك أذهب إلى الكثير من الاجتماعات وكل ما إلى ذلك. لكن أولوياتي الحالية هي توظيف مواهب جديدة لبناء مجموعة متناغمة من القادة لضمان الاستمرارية. هذا خلال وجودي في القاهرة، غير ذلك أقضي نصف العام مسافرا لإنجاز الأعمال.
يظن الناس أن التعليم مكانه داخل الفصل فقط، ولكن جزءا كبيرا من التعلم العملي يحدث خارجه، وهو ما أقوم بالاستثمار فيه لتلبية احتياجات الطلبة وأولياء الأمور. فنحن في NFX Ventures نستثمر في المشروعات الأكثر ابتكارا والتي تستخدم المنصات التكنولوجية لحل مشاكل التعليم حول العالم ومن ثم تبادل الخبرات لتستفيد الأسواق المختلفة من تلك الحلول.
ففي الصين، قمنا بضخ الاستثمارات لصالح شركة تعمل على إتاحة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي للطلاب بالتعاون مع الحكومة الصينية والمدارس والمراكز التكنولوجية. وتعي الصين جيدا، مثلها في ذلك والاقتصاديات المتقدمة، تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق الوظائف. وهم يريدون أن يتمكن الطلاب في سن صغيرة من تلك الأدوات وبينها لغات البرمجة مثل بايثون وعلوم الإنسان الآلي. والهدف من ذلك هو خلق مجموعات من الطلبة ترغب في دراسة تلك العلوم في الجامعة، وهي علوم جديدة وفريدة من نوعها وتحقق أهدافا مثيرة.
وفي تركيا، نضخ استثمارات لصالح شركة تعمل على تخفيف الضغط على المعلمين وذلك في صالح 1.5 مليون طالب يخوضون الامتحان سنويا، إذ تتيح تلك الشركة إمكانية أن يرسل الطالب إلى الشركة صورة للسؤال الذي لا يستطيع الإجابة عليه أثناء المذاكرة، وفي خلال عشر دقائق يقوم أحد المعلمين بإرسال الحل وهو ما يوفر تكلفة التعليم وجها لوجه.
وفي السعودية، استثمرنا أيضا في منصات إلكترونية هدفها تحفيز الطلاب، ولدينا أكثر من مليوني مستخدم نشط. فالطفل يشعر دائما أن التعليم ممل للغاية ولكن يتغير ذلك عندما يتلقون الدروس في بيئة اجتماعية وسط زملائهم. وتعمل هذه المنصة على إتاحة ذلك وإذا واجهتهم مشكلة أثناء المذاكرة يقومون أيضا بالاتصال بمعلميهم. وأدت تلك الطريقة لزيادة مشاركتهم بشكل كبير.
أما في مصر، فلدينا سوق ممتازة ولكنها تواجه نفس المشكلات، ونحن نساعد هذه الشركات على أن تنطلق هنا. ويخرج النظام التعليمي في مصر والذي تستغرق الدراسة فيه 12 عاما، 750 ألف طالب يأملون في الالتحاق بالجامعة سنويا. يأتي ذلك بالتزامن مع بدء 2.1 مليون طالب دراستهم الابتدائية وهو ما يعني أن عدد الطلاب في بداية مشوارهم التعليمي يعادل العدد في نهايته ثلاث مرات. نحن ببساطة ليس لدينا جامعات أو كليات تعليم متوسط كافية لـ 750 ألف طالب يتخرجون كل عام.. فتخيل كيف سيكون الوضع بعد عشرة أعوام مع مضاعفة هذا العدد ثلاث مرات بسبب الانفجار السكاني؟
لذلك فإن التعليم البديل سيصبح ضرورة في السنوات المقبلة، سواء كان تعليما منزليا أو من خلال المنصات التكنولوجية. إن التزامنا بتوفير التعليم داخل منشآت تعليمية هو معركة خاسرة لأن الأرقام ليست في صالحنا.
وستستغرق السوق بعض الوقت للتأقلم مع ذلك، فتغيير العادات الراسخة أمرا صعبا وقد يستغرق سنوات. ويظن كثير من أولياء الأمور أن التعليم داخل المدرسة هو ما يؤمن مستقبل أبنائهم، حتى لو كانت جودته ضعيفة. وعلينا طمأنتهم أن التعليم البديل قد يؤدي للتفوق الدراسي والحصول على وظيفة جيدة. وأكبر مثال على ذلك هو صعود شعبية التعليم عن بعد وشهادات الماجستير في إدارة الأعمال.
وعلينا أيضا أن نتذكر أن الابتكار هو نوع من المغامرة وهذا في طبيعتنا البشرية. فالعديد من أولياء الأمور لا يرغبون في بقاء أولادهم في المنزل للتعليم عن بعد طوال الوقت، وهنا تصطدم حلولك مباشرة مع احتياجات الناس الأساسية، وعلينا أن نكون حساسين تجاه ذلك.
ولذلك فنحن نعمل على دعم المدارس وليس إنهاء وجودها. فالمشروعات التي نستثمر فيها والتي سينجح بعضها في السوق تعتمد على دعم الأساليب التعليمية الحالية. فنحن لا نقترح التخلص من المدارس أو الأساليب التعليمية التقليدية ولا ندعي أننا نقدم حلولا لكل المشكلات.