البورصة تعمق خسائرها وسط مخاوف من استمرار الاحتجاجات
البورصة تواصل نزيف الخسائر وسط تنامي المخاوف من استمرار الاحتجاجات: واصلت البورصة تراجعها أمس الاثنين بعد هبوط حاد في الجلسة السابقة يوم الأحد، وسط حالة عدم اليقين التي خلفتها احتجاجات يوم الجمعة في القاهرة وعدد من المدن الأخرى. وأغلق مؤشر البورصة الرئيسي EGX30 أمس الاثنين على انخفاض بنحو 1.47%، ليعمق خسائر جلسة الأحد التي هوى خلالها بنسبة 5.32%. وتراجع مؤشر EGX100 الأوسع نطاقا أيضا بنحو 1.7% بعد هبوط بنسبة 5.68% في جلسة الأحد التي سجل خلالها أكبر تراجع يومي منذ 2012، وهو ما اضطر إدارة البورصة إلى وقف التداول لمدة 30 دقيقة وذلك للمرة الأولى منذ قرار تعويم الجنيه في نوفمبر 2016. وكانت أسهم شركات الصلب من بين أكثر القطاعات تضررا في جلسة الأمس، إذ هوت أسهم شركتي الحديد والصلب المصرية وحديد عز بنسبة 7.03% و6.32% على الترتيب. وكان سهم شركة أوراسكوم القابضة للاستثمار أكبر الخاسرين بانخفاض قدره 7.3%.
الموجة البيعية بدأت بالمستثمرين العرب، الذين تفاقمت خسائرهم، ثم انضم إليهم المستثمرين المصريين، حسبما يقول ألان سانديب رئيس قطاع البحوث البحوث لدى شركة نعيم للوساطة لوكالة بلومبرج.
دعونا لا ننسى أن مؤشر البورصة الرئيسي EGX30 كان من بين الأفضل أداء هذا العام: قال كبير محللي السوق لدى سينشري فايننشال في دبي أرون ليزلي جون لوكالة بلومبرج: "يجب أن يظل في الاعتبار أن مؤشر البورصة الرئيسي EGX30 هو أحد أفضل المؤشرات أداء (هذا العام)"، وهو ما عزاه إلى "الإصلاحات الهيكلية القوية التي قامت بها الحكومة".
والعائد على السندات الدولارية يتراجع أمس: انخفض عائد السندات الدولارية المصرية الصادرة لأجل عام 2049 بواقع 3.1 سنت ليصل إلى 1.061 دولار، وهو أدنى مستوى في شهر، فيما تراجع عائد السندات الصادرة لأجل عام 2040 بواقع 1.9 سنت إلى 967 سنت، وفق ما ذكرته رويترز. وقال بنك جولدمان ساكس، في مذكرة بحثية إن الاحتجاجات التي وقعت نهاية الأسبوع الماضي ستعطي "المستثمرين سببا لإعادة تسعير المخاطر السياسية في المدى القريب في مصر"، متوقعا أن يكون التأثير على أسواق السندات الخارجية والمحلية أكثر حدة خلال الأيام المقبلة. وأشار موقع "ETF Trends " إلى أن صندوق المؤشرات المتداولة الوحيد بالولايات المتحدة المتتبع للسندات المصرية (EGPT ) تراجع بنسبة 6.2% أمس، وانخفض دون متوسط مستوى تداوله على مدى 50 يوما و200 يوم.
وفي العقود الآجلة غير القابلة للتسليم، لأجل 12 شهرا، تراجع الجنيه المصري أمام الدولار إلى 18.38، مقارنة بسعر الصرف الفوري البالغ 16.29 جنيه للدولار، ما تعد أكبر زيادة في تلك العقود منذ مارس 2017، وفقا لبلومبرج، ما يعني أن السوق تتوقع ضغوطا على الجنيه المصري في الفترة المقبلة.
ومن المستبعد أن تؤثر الاضطرابات على استثمارات الأجانب في أدوات الدين المحلية، إذ لا تزال أسعار الفائدة الحقيقية في مصر تنافسية مقارنة ببلدان أخرى ناشئة ومتقدمة، وفق ما ذكرته كبيرة الاقتصاديين لدى بنك أبو ظبي التجاري مونيكا مالك.
هل هناك أسباب أخرى لهذا التراجع؟ يقول رئيس وحدة الأبحاث في شعاع للأوراق المالية عمرو الألفي، إن هناك عوامل أخرى إلى جانب احتجاجات الجمعة قد ساهمت في زيادة تقلبات السوق، من بينها ارتفاع تكلفة التأمين على الديون السيادية المصرية لمدة 5 سنوات إلى 283 نقطة أساس، بعد أن كانت في اتجاه هابط منذ بداية العام، وذلك جراء تصاعد التوتر بالمنطقة بعد الهجمات على منشأتي النفط التابعتين لأرامكو السعودية. وأوضح الألفي أن معدلات تكلفة التأمين على الديون السيادية مرتبطة تاريخيا بعلاقة عكسية بالأسهم المصرية. ونوه الألفي أيضا إلى أن الأسهم المصرية قد تراجعت لتعكس ارتفاع قيمة الجنيه أمام الدولار الأسبوع الماضي بحدود 1% تقريبا، وسط توقعات باستمرار هذا الأداء الإيجابي للجنيه حتى نهاية العام. وأرجع الألفي صعود الجنيه بشكل جزئي إلى انخفاض أسعار الفائدة على عملات كل من الأسواق الناشئة والمتقدمة، علاوة على التدفقات الأجنبية لأدوات الدين المصرية.
الاحتجاجات المستمرة ليست في صالح الاقتصاد المصري: حذرت مؤسسة كابيتال إيكونوميكس البريطانية للأبحاث والدراسات الاقتصادية، في مذكرة بحثية لها، من أن التجارب الماضية تشير إلى أن تجدد الاحتجاجات قد يعرقل الاقتصاد، كما أن الجهود الحكومية الرامية إلى احتواء الاضطرابات والتي من بينها تخفيف السياسات المالية وإحكام القبضة على العملة قد تتسبب في تجدد تراكم الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد الكلي. وأضافت المؤسسة أن الإصلاحات الهيكيلة الضرورية لتعزيز الإنتاجية والنمو ورفع مستويات المعيشة ستكون على المحك.